في جلسة ودية مع عدد من كبار السن العقلاء كنا نتبادل أطراف الحديث في العديد من الأمور التي تدور في العالم مثل الأزمة الاقتصادية وتداعياتها وتدني أسعار النفط والاحتباس الحراري وارتفاع نسبة السمنة والأمراض المزمنة تطرقنا إلى الحديث عن «القدو» في الماضي والحاضر. يقول الشخص الكريم أنه في الماضي كانت عادة «القدو» مقصورة فقط في الأماكن المغلقة مثل البيوت والمجالس الخاصة والمقاهي وفي بعض دور العبادة مثل المآتم وأيضاً في المناسبات الخاصة. وأن الرجال يتفردون بأنفسهم دون النساء ومن المخجل أن تدخن المرأة أمام الرجل الغريب تبعاً للعادات والتقاليد. وقد أضاف الرجل بأن السجائر كانت موجودة في السابق ولكن عن طريق «اللفة» وهي نفسها السيجارة العادية الموجودة حالياً ولكن يتم صنعها من قبل الشخص نفسه وليس عن طريق شركة. وهذه السيجارة لا تتداولها النساء وتكون حصراً على الرجال.
ثم سكت برهة وأكمل وقال في الزمن الحاضر نرى أن الميزان انقلب وباتت النساء تدخن السيجارة أمام مرأى الناس وأيضاً انتشرت في الآونة الأخيرة موضة الشيشة في المقاهي المختلطة والتي تعتبر ظاهرة دخيلة على مجتمعنا المسلم المحافظ الذي اعتبر المرأة مثل الهدية الغالية المغلفة التي يجب أن تصان ويحافظ عليها.
طبعاً كل ما سبق هو رأي رجل حكيم وكبير في السن عاصر جيل الأربعينات. ونحن نود أن نعقب على كلامه. الكثير من المدخنين سواء الرجال والنساء يعتبرون بأن الشيشة هي عبارة عن تدخين ولكن بشكل متمدن وحضاري وأنظف مقارنة بالسيجارة وأنها أقل ضرراً منها في حين أن ضررها ووقعها أكبر بكثير من السيجارة. بالنسبة للنساء فإنه في الآونة الأخيرة انتشرت نسبة المدخنات للشيشة بشكل ملحوظ على الرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة وحديثة تبين مدى انتشار هذه الظاهرة بينهم. غير أنه من الملاحظ بأن المقاهي التي تقدم الشيشة للعنصر النسائي اخترعت طريقة ذكية بحيث تجذب هذه الفئة وتسمى «Car Dine In» والمقصود هنا أنه يتم تقديم الشيشة للنساء وهم في سيارتهم الخاصة تجنباً للاختلاط أو حتى لفت الأنظار. هذا النوع من الشيشة يطلق عليها «الشيشة البنوتية» - هذا المصطلح سمعته من أحد مرضاي المترددين على العيادة - وهذا النوع من التصرفات خطير جداً؛ لأنه يشجع المراهقين من الجنسين وخصوصاً النساء الإدمان على هذه العادة أضف إلى ذلك بأن خطورة حرائق السيارات تكون كبيرة وذلك بسبب احتواء الشيشة على الفحم الذي من الممكن أن يحرق السيارة.
«الشيشة البنوتية» هي آخر التقليعات المنتشرة حالياً في السوق البحريني، ولكنني لا أعمم على كافة المقاهي فالاغلبية منها تلتزم بقوانين الصحة العامة ولكن هناك فئة تقدم هذه الخدمة التي تعمل على جذب أكبر قدر من المدخنات دون مراعاة للأضرار المادية والمعنوية والاجتماعية التي تنجم عنها. ولا نستغرب بأن يكون في المستقبل إبداعات أخرى أو مسميات مثل «الشيشة المعضلة» أو «الشيشة الصحية»... الخ الغرض منها الكسب المالي السريع والوفير على أعقاب بناتنا وأخواتنا في مجتمعنا المحافظ.
إقرأ أيضا لـ "محمود الشواي"العدد 4605 - الخميس 16 أبريل 2015م الموافق 26 جمادى الآخرة 1436هـ
أصل الخلل
الخلل ينبع من انعدام الأهداف السامية في الحياة يضاف عليها نشوء جيل لم يتعرف على أهمية المبادئ الصحيحة وما يترتب عليها فلا عجب أن لا يوليها اهتماما.
على كل هذا الجيل هو ثمرة تربية الجيل السابق.. الجيل السابق الذي عانى الفقر في بداية حياته فانتقم من البؤس بتدليل أبناءه بإفراط وقدم للمجتمع شبابا يعانون من ما شاء الله من المشاكل. نعم لا ننسى العوامل الأخرى كالعولمة والفضائيات الخ.