تعدّدت الجبهات التي تودّون محاسبتها واستجوابها واستئصالها يا نوّاب، ونراكم اليوم في أشرس حالاتكم اللسانية التي شهدنا بعضها عند نوّاب في مجالس سابقة، وفعلاً ننتظر منكم التطبيق على أرض الواقع، فأنتم كما قلتم بأنّ لديكم أمانة عظيمة بين يديكم، وها نحن اليوم نريد أن نشهد شيئاً جديداً منكم في حدود القانون وليس فوقه أو تحته.

لقد شننتم هجوماً لاذعاً على الحكومة في جلستكم أمس الأوّل الثلثاء (14 أبريل/ نيسان 2015) لدى مناقشة تقرير لجنة الشئون المالية والاقتصادية، بشأن تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية السنوي للعام 2013 - 2014، وتوعّدتم العديد من الوزراء، ولا ندري إن كان ما تقومون به هو مجرّد زوبعة في فنجان وتنتهي أم أنّ هناك من سيحاسب فوق مقصلة الاستجواب البرلمانية.

قرأنا وسمعنا تطاولاً من قبل بعض النوّاب على وزير الصحّة وعلى رئيسة الهيئة الوطنية للثقافة والآثار، ولكننا لم نسمع الصراخ يعلو على وزير المالية، وهو الوزير الأوّل المناط بالحفاظ على المال العام، وهو الذي بيده الأدلّة الكافية حول سبب إهدار المال العام، أليس كذلك؟

سألنا وزير المالية من قبل عن فرقية أموال النفط التي تحدّث عنها فضيلة الشيخ عادل المعاودة، ولكننا لم نجد الجواب الواضح والدقيق، بل وجدنا ابتسامة على فاه الوزير عندما سأله النائب العمادي عن الفروقات الواضحة في الأرقام. هل نحن بصدد الابتسام اليوم أم بصدد الاستجواب ومعرفة الحقيقة من أجل الحفاظ على المال العام؟

أموال الشعب تذهب يمنة ويسرة، والإهدار واضح من خلال تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية، وعشنا سنين طويلة ونحن ننتظر إرجاع هذا المال إلى خزينة الدولة، ولكن عبثاً نحاول، فحتى قضيّة فساد ألبا/ ألكوا ذهبت إلى أقصى المعمورة، ولم نجد من نحاسبه داخل البحرين. أيُعقل ذلك؟

وهناك أمر آخر، بعض سعادات النوّاب مازالوا يخلطون بين الهيئة الوطنية للثقافة وبين المؤسسة الأهلية التي ترعى الثقافة، ونحن بصراحة نستغرب سبب زج مهرجانات الثقافة في مسألة الاستجواب، والقول عنها بأنّها (بايخة وسافلة)! فإن كان هذا رأي النوّاب فيها، فإنّ هناك شريحة كبيرة من المجتمع تجدها استثماراً ثقافياً واقتصادياً للبحرين، وأوّل الشريحة هو مجلس التنمية الاقتصادية، ونخبة المثقّفين، وسائر النّاس، ممّن يستفيد ويستجم ويتعلّم من هذه المهرجانات.

لا نعلم ما سبب جعجعة النوّاب هذه المرّة. هل هناك أمر واحد أثار حفيظتهم أم هناك أمور كثيرة ومتشعّبة أثارتهم؟ نرجو ولو هذه المرّة أن يرتّب النوّاب أجنداتهم، حتى لا يخلطوا الحابل بالنابل، وليركّزوا على إرجاع المال العام المهدور، حتى تُحسب لهم هذه الخطوة، ونتمنّى أن تتم المحاسبة والإرجاع من دون صراخ ولا جعجعات، بل بطريقة منتظمة وحرفنة واضحة، فهناك وزير المالية ووزير التربية والتعليم ووزير الصحّة، وغيرهم من الوزراء، والقائمة طالت هذه المرّة عند النوّاب الجدّد.