يسعى المدير الفني لفريق بوروسيا دورتموند الألماني لكرة القدم يورجن كلوب لترك ذكرى طيبة لجماهير الفريق قبل أن يحزم حقائبه ويرحل عن دورتموند بنهاية الموسم الحالي.
وجذب كلوب، الشهير بحماسته الشديدة، الأنظار إليه سواء في ألمانيا أو في أوروبا بعدما ظهرت بصماته الواضحة على دورتموند، الذي بات يقدم كرة قدم هجومية، خالية من التعقيدات، ليقود الفريق للتتويج بلقب الدوري الألماني (بوندسليجا) عام 2011، قبل أن يحقق في الموسم التالي الثنائية (الدوري وكأس ألمانيا) للمرة الأولى في تاريخه، ثم قاده أيضا للتأهل إلى المباراة النهائية لبطولة دوري أبطال أوروبا عام 2013، لأول مرة منذ 16 عاما.
ويمكن القول أن دورتموند وصل للقمة تحت قيادة كلوب عندما سحق غريمه التقليدي بايرن ميونيخ 5/ 2 في نهائي كأس ألمانيا عام 2012، قبل أن يستعيد الفريق البافاري اتزانه سريعا ويتوج بالثلاثية التاريخية (الدوري وكأس ألمانيا ودوري الأبطال) في العام التالي.
ورد بايرن اعتباره أمام دورتموند بعدما تغلب عليه 2/ 1 في نهائي دوري الأبطال عام 2013، ثم كرر تفوقه على دورتموند بفوزه 2/ صفر في المباراة النهائية لكأس ألمانيا العام الماضي.
وبدا واضحا تأثر دورتموند البالغ برحيل نجمه ماريو جوتزه إلى بايرن ميونيخ عام 2013، ثم تبعه انتقال مهاجمه البولندي روبرت ليفاندوفسكي إلى الفريق ذاته مطلع الموسم الحالي، ليتعثر الفريق بشدة في بوندسليجا هذا الموسم، ويتراجع إلى مراكز مماثلة كان قد احتلها موسم 2007-2008، قبل تعيين كلوب مدربا للفريق، حيث تواجد الفريق في المركز الثالث عشر آنذاك.
ويحتل دورتموند المركز العاشر في ترتيب الدوري الألماني حاليا، بعدما تعافى من بدايته الكارثية مطلع الموسم الجاري، والتي شهدت وقوعه في ذيل الترتيب في شهر شباط/فبراير الماضي، كما خرج الفريق من دور الستة عشر لدوري الأبطال عقب خسارته في مباراتي الذهاب والعودة أمام يوفنتوس الإيطالي.
وتعتبر بطولة كأس ألمانيا بمثابة الأمل الأخير لدورتموند لتعويض إخفاقاته المتتالية هذا الموسم، بعدما صعد إلى الدور قبل النهائي للمسابقة ليضرب موعدا مع مضيفه بايرن ميونيخ أواخر الشهر الجاري، ويرغب كلوب في قيادة الفريق للوقوف على منصة التتويج مرة أخرى حتى ينهي مسيرته مع الفريق على أفضل نحو.
وصرح كلوب اليوم الأربعاء "إن حلمي الأخير مع الفريق هو تحقيق أفضل مركز ممكن في (ترتيب بوندسليجا)، والتتويج بلقب كأس ألمانيا، وسوف يكون ذلك أمرا رائعا بالفعل".
وأخفق دورتموند في الفوز على بايرن خلال مباراتهما التي أقيمت بملعب سيجنال إيدونا بارك (معقل دورتموند) منذ أسبوعين بعدما تلقى الخسارة صفر/ 1 رغم الفرص العديدة التي سنحت للفريق على مدار التسعين دقيقة، ليواصل دورتموند عقمه التهديفي على ملعبه في الدوري للمباراة الثالثة على التوالي.
وربما تسببت تلك الخسارة، التي أعقبها خسارة أخرى 1/ 3 أمام بوروسيا مونشنجلادباخ في المرحلة الماضية ببوندسليجا، في أن يتولد لدى كلوب قناعة تامة بأن هذا هو الوقت المناسب للرحيل، من أجل إعطاء قوة دفع جديدة للفريق.
وقال كلوب "كنت أدرك على مدار السنوات التي قضيتها مع دورتموند أنه بمجرد أن أشعر بأنني لم أعد المدرب المثالي لهذا النادي الاستثنائي، فإنني سأعلن ذلك على الفور، لقد تحققت خلال الأسابيع والأيام الأخيرة من عدم قدرتي على الاستمرار في الفترة القادمة".
وكان كلوب قد مدد تعاقده مع دورتموند في تشرين أول/أكتوبر عام 2013 بعقد يمتد حتى عام 2018، حيث كان يرغب في الاستمرار فترة أطول مع الفريق مثلما كان الحال في ناديه القديم ماينز، الذي لعب في صفوفه ما بين عامي 1990 و2001، قبل أن يتولى تدريبه حتى عام 2008.
واستمر كلوب مع دورتموند خلال العطلة الشتوية بعدما نال تأييدا مطلقا من إدارة النادي رغم بعض الانتقادات التي وجهت إليه والتي أشارت إلى أن رؤيته في إدارة المباريات أحادية الأبعاد وتفتقد لوجود خطط أخرى بديلة.
من جانبه، صرح هانز يواخيم فاتسكه المدير التنفيذي لدورتموند "بناء على طلب (يورجن كلوب) أجرينا بعض المحادثات وتوصلنا إلى قرار مشترك لإنهاء العمل الذي بدأناه قبل سبعة أعوام شهدت نجاحا مذهلا.. الأمر يؤثر فينا كثيرا وأنتم واثقون من ذلك. إنه صعب للغاية بالنسبة لنا لأننا ندرك العلاقة الخاصة التي تربطنا وتعتمد على الثقة المطلقة والصداقة".
وقبل انتقاله لتدريب دورتموند، قاد كلوب فريقه السابق ماينز للصعود إلى دوري الدرجة الأولى الألماني، رغم ميزانية النادي الضئيلة، وحقق مع الفريق مجموعة من النتائج اللافتة مما جذب أنظار إدارة دورتموند إليه، والتي كانت على مشارف إعلان إفلاسها قبل عقد من الزمان بعد المصروفات الباهظة التي تكبدها النادي في طريقه للتتويج بلقب بوندسليجا عامي 1995 و1996 ثم دوري أبطال أوروبا عام 1997.
وعرف العديد من لاعبي دورتموند طريقهم نحو النجومية تحت قيادة كلوب، ويأتي في مقدمتهم ماريو جوتزه وروبرت ليفاندوفسكي وماركو ريوس (الذي انتقل للفريق قادما من بوروسيا مونشنجلادباخ) وإيلكاي جوندوجان وماتس هوميلس.
ومن المنتظر أن تبدي الكثير من الأندية الأوروبية الشهيرة اهتمامها بالحصول على خدمات كلوب، الذي ربطته تقارير إخبارية بالانتقال إلى الدوري الأسباني أو الانجليزي.
ويبدو الأمر الوحيد المؤكد حتى الآن هو أن كلوب لن يسير على نفس نهج جوسيب جوارديولا الذي ابتعد عن التدريب لفترة عقب رحيله عن برشلونة الأسباني، قبل أن يعود مجددا بعدما تولى تدريب بايرن ميونيخ.
وقال كلوب إنه ليس أمامه عمل في أي فريق آخر الآن ، ولكنه لا يعتزم أن يقضي فترة بعيدا عن التدريب.