كانت عقارب الساعة تشير إلى العاشرة صباحا عندما انطلق صوت المذيع موزيس أومبونجو من محطة إذاعة محلية على قمة تلة إيزابيلا في غرب كينيا منبها المزارعين للاستعداد لسقوط أمطار مبكرة ، وفق ما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط أمس الثلثاء (14 أبريل / نيسان 2015).
يقول أومبونجو: «أيها المستمعون الأعزاء من أمهات وآباء وجدود وجدات وأعمام وعمات يسعدنا أن نبلغكم بوصول الأمطار الآن وعليكم أن تتأهبوا لبدء الزراعة».
وعلى سفح المنحدر وقفت مريم أومولاما، 80 عاما، وهي تمسك بجهاز مذياع أزرق اللون ذي هوائي طويل مزود بمقبض دوار لإعادة شحنه بالكهرباء مع لوح شمسي لشحن البطارية الداخلية وضبطت التردد على إذاعة «أنيول» الخاصة بمحطة أومبونجو، حسب تقرير لـ«رويترز».
هذه المحطة المسماة «نجانيي رانيت» باللغة المحلية وتعني «إذاعة الإنترنت» محطة إذاعية محلية أنشأتها هيئة الأرصاد الجوية الكينية وتستهدف بصورة خاصة مجتمعات معرضة للظروف المناخية القاسية.
وكل محطة من هذا النوع تبث إرسالها في محيط يتراوح بين 25 إلى 30 كيلومترا فيما يُمنح المستمعون في كل منطقة أجهزة مذياع مجانية.
يشير المقطع الأول من الاسم المحلي للمحطة «نجانيي» إلى قبيلة تتولى منذ عدة سنوات التنبؤ بسقوط الأمطار المحلية وذلك من خلال رصد سلوك النباتات والطيور والحشرات. لكن مع حدوث تقلبات شديدة في الظروف المناخية انزوى البعض من هذه الجماعات التقليدية ممن يتنبأون بالطقس.
وقال إيفانز كيتيوي وهو متخصص في البرامج لحساب مبادرة في آسيا وأفريقيا يمولها المركز الدولي الكندي لبحوث التنمية ووزارة التنمية الدولية في بريطانيا «نشأ الطلب على معلومات مناخية موثوق بها بغرض تمكين المزارعين من إنجاز أعمالهم. لذا فإننا نعتقد أنها فرصة طيبة كي نضم جنبا إلى جنب خبراء الأرصاد الجوية والسكان التقليديين ممن يعتمدون على المعرفة الفطرية للإبلاغ بتوقعات الطقس».
وعادة ما تسقط الموجة الأولى من الأمطار بمنطقة إيموهايا في فبراير (شباط) وهو نفس الوقت تقريبا الذي يبدأ فيه المزارعون بذر محاصيلهم.
لكن هذا العام انتظر المزارعون وقتا أطول لأن المحطة الإذاعية تنبأت بأن كميات كافية من الأمطار الخاصة بالزراعة ستبدأ في السقوط في 22 مارس (آذار) تقريبا.
وقال المزارع إينوس ماتيندي: «لذا فبوسعي أن أبدأ الزراعة من 23 مارس فصاعدا». وأضاف أن المحطة الإذاعية تذيع منذ تسعة أشهر معلومات دقيقة بشأن الطقس باللغة المحلية.
في الوقت نفسه وفي مقاطعة بويزا المجاورة تساعد محطة إذاعية محلية مماثلة في الحد من الوفيات والأضرار التي تلحق بالممتلكات والناجمة عن السيول على طول نهر نزويا.
وقال صمويل إينوس ناموليلي وهو خبير في الأرصاد الجوية يعمل لدى محطة «رانيت بولالا» بمنطقة بودلانجي: «نراقب مراكز جمع الأمطار على تلال تشيرانجاني وجبل إيلجون وكاكا ميجا. يتعين أن يكون المستوى الطبيعي للماء دون 3.5 متر من القاعدة. وعندما يبلغ الماء هذا المنسوب نبدأ في التحذير».
وأنشأت الحكومة سدودا بارتفاع ستة أمتار بطول النهر لحجز مياه الفيضانات. وعندما يرتفع منسوب الماء - بين 6.5 إلى 8.5 متر - يجري تحذير السكان من خلال المحطات الإذاعية كي ينزحوا عن المنطقة.
وتذيع المحطة كل ساعة بيانات عن الطقس وعن الظروف البيئية. وقال صمويل موانجي وهو مساعد مدير بهيئة الأرصاد الجوية الكينية: «نحن نصل إلى المزيد من السكان بسرعة ووضوح. ونحن نربط ذلك أيضا بالمسائل الأخرى الخاصة بالتنمية. نحن نستعين بخبراء من وزارات الزراعة والثروة الحيوانية والصحة والتعليم إلى جانب جهات أخرى. وهؤلاء الناس يمكنهم إثراء توقعات الطقس التي تقوم على أسس علمية وتقليدية».
ويقول المزارعون إن المعلومات التي يتلقونها تساعدهم في التخطيط لعملهم.
وقالت فريدة إمبونيا بوليمو وهي مزارعة من منطقة إيموهايا: «كنت أحصد جوالا من الذرة لكن الآن أحصد أربعة وكنت أحصد جوالين من الذرة البيضاء (العويجة) لكني أحصد الآن ثمانية منها».
ويوجد الآن خمس محطات إذاعية محلية في كينيا بمناطق تشتد بها آثار التغير المناخي وتركز هذه المحطات على إذاعة بيانات عن مشكلات تفاقم الجفاف والانهيارات الأرضية والسيول.