العدد 4601 - الأحد 12 أبريل 2015م الموافق 22 جمادى الآخرة 1436هـ

عندما تحوَّل الليل إلى نهار... النمري واصفاً سباق البحرين للفورمولا 1

البحرين كانت فرصة الفورمولا 1 الكبرى لتقديم أفضل ما لديها

أيام قليلة تفصلنا عن انطلاق جائزة البحرين الكبرى لطيران الخليج للفورمولا1- 2015 الذي ستنطلق فعاليته يوم الجمعة المقبل على مضمار موطن رياضة السيارات في الشرق الأوسط حلبة البحرين البطولة التي ستستضيف الجولة الرابعة من بطولة العالم للفورمولا1، وللتوقف عند سباق البحرين وآثاره على بطولة العالم للفورمولا1، الوسط الرياضي حاور موسوعة رياضة السيارات في الوطن العربي فراس النمري الذي بدأ في حديثه قائلاً: «منعتني الأحداث الرياضية المُتلاحقة التي شهدتها بطولة الشرق الأوسط للراليات خلال الأشهر الماضية من التوقف عند أهم اللحظات المفصلية التي عرفتها بطولة العالم للفورمولا1 في الموسم الماضي، لكن اللحظة المفصلية كانت بلا شك حادث التصادم الذي جمع كلاً من نيكو روزبرغ ولويس هاميلتون الزميلن في فريق واحدٍ على حلبة سبا فرانكورشان البلجيكية، والذي يمكن اعتباره بأنه شكّل لحظة مفصلية في الصراع على لقب بطولة السائقين».

هاميلتون وروزبرغ

لقد كانت الطريقة التي تعاملت بها مرسيدس مع الوضع قاسيةً على كلا السائقين وخصوصاً إذا ما اعتبرنا أن روزبرغ كان الطرف الأكثر ذنباً فيما حصل، إذ نجحت النبرة المُرتفعة في الحدّ من المنافسة الضارية ما بين زميلي الفريق، ويبدو أن هذا الأمر قد ساعد هاميلتون بطريقة ما، قد تكون سيكولوجية (نفسية) أكثر منها لشيء آخر، بعد أن تمكن البريطاني عشية سباق بلجيكا من الإمساك بزمام المبادرة والهيمنة على مقدرات البطولة بشكل كاسح محققاً ستّة انتصارات خلال آخر سبعة سباقات، لكن إن أردنا تحديد السباق الأكثر أهمية من السباق البلجيكي من ناحية تأثيره على مجريات البطولة، فلا بد أن يكون سباق جائزة البحرين الكبرى هو اختيارنا، في الحقيقة، هناك تحليل عامّ متداول بين المعنيين في أوساط الفورمولا1، أنه وفي حال لم يجرِ السباق البحريني بالطريقة التي جرى عليها لناحية كمية الأحداث الدرامية والتجاوزات التي حبست الأنفاس التي حفلّ بها، فإن مستقبل البطولة التي تُعتبر قمة رياضة السيارات، كان ليسير في اتجاه مختلفٍ أشدّ الاختلاف عما نراه اليوم، اتجاه سلبيّ لا بل قاتم للغاية، فتبعات هذا السباق هي التي رسخت أقدام القوانين الجديدة التي شقت طريقها إلى بطولة العام الماضي على أرضية صلبة من الثقة».

صفقة القوانين

وأضاف النمري «خلاف ذلك كان سيدفعنا لرؤية عودة لمحركات الثماني أسطوانات على شكل V باللاتينية، كما كنا لنشهد كذلك انسحاب العديد من المصنعين، الذين ما كانوا استمروا أو حتى تجرأوا على العودة من جديد إلى ساحة البطولة، فلنتذكر معاً عشية سباق البحرين، كيف كانت قوانين الفورمولا1 التي شقت طريقها حديثاً إلى البطولة، حول السماح بدخول المحركات المزودة بشاحن للهواء (توربو) تحت وطأة هجومٍ عنيفٍ من قبل «سوبريمو» البطولة بيرني إيكلستون ومن بعده رئيس فيراري آنذاك لوكا دي مونتيزيملو. حملة الانتقادات اللاذعة على القوانين الجديدة انطلقت منذ باكورة جولات البطولة في أستراليا، إلاّ إنّ صداها كان مغايراً وأخذ منحىً جدياً مع انطلاق الجولة الثالثة في البحرين، إيكلستون كان أكبر الخاسرين من الصفقة الجديدة للقوانين لذلك قام بجمع وسائل الإعلام معاً في قاعة المركز الصحافي بحلبة الصخير وعبّر لهم بوضوح عمّا يجول في ذهنه، وهو يعلم ذلك تمام المعرفة أنه سيواجه معارضةً من قبل الصحافيين، لكنه سيتمكن بالمقابل من إيصال وجهة نظره من أن المشجعين باتوا يرون الشكل الجديد للفورمولا1 بأته «غير مقبولٍ».

بشكل مماثلٍ، دخل مونتيزيملو على الخط في محاولةٍ لضمان زيادة الضغط وتوجيه الأنظار صوب عدم جدوى القوانين الجديدة (التي لم تناسب فيراري)، ليدلي بتصريحٍ بعدها أن أبطال الفورمولا1 الحاليين ليسوا أكثر من سائقي «تاكسي» يقودون سيارات «أجرة»، في إشارةٍ واضحةٍ إلى غياب المنافسة على أرض الحلبة. في النهاية، فشلت الحملة المشتركة التي قاما بها، فقد نجحت الفورمولا1 بتقديم عرضٍ مذهل ذاك اليوم، إذ دخل هاميلتون وروزبرغ في منافسة حامية بينهما من أجل خطب ود السباق، هي الأقوى لهما حتى الآن، ليثبتا أن القوانين الجديدة قد أعطت ثمارها بالفعل، ففي غضون أسبوع واحد وهي الفترة التي فصلت ما بين جائزتي الصين والبحرين الكبريين، انتقلت بطولة العالم لسباقات الجوائز الكبرى من الفقر المدقع إلى الجنون التام، ومن الرتابة المُملة إلى الإثارة الكاملة بفضل الصراع بين الزميلين اللذين لامسا النجوم، وتساءل الجميع يومها إلى متى يجب أن نعود بذاكرتنا كي نجد آثاراً لصرع ناري مُلتهب، بين زميلين في الفريق الواحد! فحتى في ذروة المنافسات الشرسة والتي تخطف الأنفاس ما بين «الساحر» آيرتون و»البروفسور» الآن بروست، لم يحصل عشاق الفورمولا1 على مثل هكذا استعراض مُذهل، مع أجواء من الروح الرياضية العالية».

سهام المرسيدس الفضية فوق الجميع

واستمر النمري في حديثه قائلاً: «آنذاك كانت مرة أخرى سهام مرسيدس الفضية فوق الجميع، ما يُفسر المواجهة التي جمعت بين سائقي مقر «براكلي» واللذين تواجها بسرعة وجهاً لوجه، فالماكينة الألمانية حاول المُستحيل لاستعادة الصدارة التي تخلى عنها عند منعطف «مايكل شوماخر» الأول، ونجح في 9 محاولات من التجاوز، غير أن «الفهد الأسمر» كان له بالمرصاد، وكان في كل مرة قادراً على أخذ الأفضلية مُجددا، قمة الإثارة تابعها الجميع خلال اللفات الـ 10 الأخيرة بعد دخول سيارة الآمان إلى أرض الحلبة على إثر الحادث البهلواني الذي جمع كل من باستور مالدونادو واستيبان غوتيريز الذي حلقت ومن ثم استدارة سيارته الـ «ساوبر» في الهواء، قبل أن تستقر بشدة على إطاراتها الأربع، وقبل 5 لفات من النهاية، حاول السائق الألماني القيام بهجوم آخر عند خط البداية/ النهاية، ولكنه خرج بشكل سيئ من المنعطف الأول الذي استحق ذلك اليوم أن يحمل بجدارة اسم «شومي»، ليشاهد تقدم هاميلتون، وكان مونتيزيملو قد غادر الحلبة قبل انتهاء السباق، في حين أن إيكلستون اشتكى من أن السباقات لن تكون صاخبة أبداً مرة أخرى، بالرغم من أنه لم يتقبل الأصوات الهافتة للمحركات الجديدة على الإطلاق، وليصب جام غضبه لاحقاً على وسائل التواصل الاجتماعي والمشجعين صغار السنّ بدلاً من ذلك، لكن وبالمقابل، في حال جرى سباق البحرين كسباقٍ «لسيارات الأجرة»، من دون أية تجاوزاتٍ ومع القليل فقط من الحماس، لكان كل من إيكلستون ومونتيزيملو قد امتلك قدرة كبيرة على الضغط وورقةً رابحةً لن يترددا لحظةً واحدةً في استخدامها».

غران بري البحرين أنقذ الموقف

وأضاف «ليس ذلك فحسب، بل تعتقد بعض الأوساط المنخرطة في هذه البطولة والقريبة من صنّاع القرار بأنّ سباق البحرين لو كان مضجرًا، لكان من الممكن للغاية الضغط على الاتحاد الدولي للسيارات (فيا) من أجل تغيير سريع للقوانين، والعودة إلى استخدام المحركات القديمة بحجّة أنّ الفورمولا1 تعيش أزمة تهدد كيانها، وأنها في خطر محدق، ولكن «غران بري» البحرين أنقذ الموقف. وفي النهاية أنقذ هيبة البطولة التي شهدت سباقاتٍ بمنتهى الروعة في جولاتها اللاحقة حبست الأنفاس، وكان من الصعب التكهن بنتيجتها التي بقيت معلقة حتى الرمق الأخير، إن تغييراً كبيراً كهذا كان ليرضي كلاً من إيكلستون ومونتيزيملو، إلا أن تأثيراته ستكون بعيدةً عن قدرة الرياضة على التحمل، كانت الرياضة ستعاني من أزمة تكاليف ماليةٍ، إذ لن يستطيع كل من كاترهام وماروسيا إكمال الموسم على أية حال، ولن يستطيع الموسم الجديد إنقاذهم».

كنا سنشهد أزمة للمصنعين

وأضاف النمري أيضاً « كنا سنشهد أزمةً للمصنعين كذلك، عودة هوندا كانت لتصبح موضع شكٍّ، لأن العملاق الياباني قرّر المشاركة هذا الموسم نتيجةً للتقنيات الهجينة الجديدة المطروحة حالياً، وهذا ما ينطبق على صانع المحركات رينو الذي أكد أن استمراريته في البطولة كان مردها بالدرجة الأولى تغيير القوانين، وإفساح المجال أمام محركات صغيرة السعة وقريبة من محركاتها التي تنتجها بشكل تجاري والأهم أنها صديقة للبيئة، بينما كانت الفيراري لترحب بعودة محركات الثماني أسطوانات، إلا أن رينو لن تكون سعيدةً بذلك، فماذا كانت مرسيدس لتفعل؟ هل سيكون ذلك كافياً بنظر مسئوليها لتقول وداعاً للفورمولا1؟ بالنظر لكل ذلك معاً، لقد كانت البحرين فرصة الفورمولا1 الكبرى لتقديم أفضل ما لديها، ربما لم يكن للنتائج كبير الأثر في تحوير نتائج البطولة، إلا أن تأثيرها كان أعمق من ذلك بكثير.

العدد 4601 - الأحد 12 أبريل 2015م الموافق 22 جمادى الآخرة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً