تشكَّكت الباحثة في علم المعلومات، كاسيدي سوجيموتو ـ في بادئ الأمر ـ في أن موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» ليس إلا وسيلة للترويج، ومضيعة للوقت، لكنها لاحظت أن طلاب الدراسات العليا الذين تُشرِف عليهم يتلقُّون دعوات لحضور مؤتمرات، وللمشاركة في كتابة أوراق بحثية، من خلال جهات تتواصل عبر هذه المنصة الاجتماعية، قررَتْ أن تخوض هذه التجربة، وذلك وفق ما نقل (موقع nature الطبعة العربية).
تدرس سوجيموتو أسلوب نشر الأفكار بين الباحثين في جامعة إنديانا في بلومينتون، ودخلت مرحلة تبادل الآراء من خلال هذا العالَم الافتراضي منذ العام الماضي، عبر نافذة التعليقات القصيرة، أو كتابة «تغريدات» متعلقة بجلسات المؤتمرات؛ مما أدَّى إلى تقديم أحد معارفها الجدد عرضًا لمساعدتها على التفاوض؛ من أجل الوصول إلى مجموعات البيانات الداخلية لجمعية علمية كبيرة. تقول سوجيموتو: «لأننا بدأنا الحوار على «تويتر»، فقد أُتيح لي أن أنقل الحوار إلى العالَم المادي... وسُمح لي أن أتطرق إلى النِّقاش مع مجتمعات جديدة، وأن أدمج المزيد من التخصصات العلمية في أبحاثي».
ثمة قلة نسبية في عدد العلماء الذي يستغلون الفرص التي يمنحها «تويتر». ففي دراسة استقصائية أجرتها دورية Nature عبر الإنترنت في عام 2014 عن عادات وسائل التواصل الاجتماعي، توصّلنا أن %12 فقط، من بين أكثر من ثلاثة آلاف عالِم ومهندس شاركوا في الدراسة، يستخدمون «تويتر» بشكل منتظم (انظر: Nature 512, 126–129; 2014). وعلى النقيض، توصلت دراسة لمركز «بيو» للأبحاث ـ وهو مؤسسة بحثية مستقلة، مقرها في واشنطن العاصمة ـ أن ما يقرب من ربع المواطنين الأمريكيين المتصلين بالإنترنت يستخدمون «تويتر». ويميل الباحثون في التخصصات التي ترتكز في عملها على الحاسوب ـ كالفيزياء الفلكية ـ إلى استخدام هذا الموقع استخدامًا موسعًا، لكن ليس هناك تقديرات تفيد بأن أي من التخصصات العلمية يستخدم «تويتر» بمعدل أعلى من الجمهور العام، حسبما تقول سوجيموتو.
هنا، يبرز أنصار «تويتر» على الساحة، ليقولوا إن هذا يؤدي إلى عدم استغلال الكثير من قدرات التشبيك. ففُرَص التدوين القصير (نشر تعليقات موجزة بشكل دوري) نافذةٌ قادرة على مساعدة شباب العلماء في بناء مسارهم المهني. إضافة إلى ذلك.. تُعَدّ فرصة متابعة رواد العلوم والمنظمات ذات الصلة وسيلة فعالة وسهلة، يتعرف من خلالها الباحثون على الأوراق البحثية المهمة، والفعاليات، ومصادر التمويل، ودائرة الزمالة الممكنة، وفرص العمل. ويستفيد العلماء الذين يكتبون تغريدات من تلقِّي دعوات للحديث في مؤتمرات وفعاليات، فضلًا عن بناء صلات مهنية تدوم طويلًا. مع ذلك.. فالأمر له جانب سلبي، حيث ينبغي على العلماء أن يديروا وقتهم على الإنترنت بفاعلية، ويحافظوا على سمعتهم. وعلى هذا المنوال ـ من خلال الاختيار الاستراتيجي لمَنْ تُتابِعه، وما تشارِك به ـ يمكن لشباب الباحثين أن يبنوا شبكة عمل افتراضية قوية؛ تعود عليهم بالفرص والمعلومات والنصائح.
حلقة وصل
يستخدم الأفراد «تويتر» كمشاركين فاعلين، وكقراء أيضًا، فيكتبون أي شيء لا يتجاوز عدد كلماته مئة وأربعين كلمة (انظر: «على «تويتر»، لكنهم لا يغرِّدون»). فعلى سبيل المثال.. هناك أكثر من مليون مستخدِم يتابعون صفحة مختبَر الفيزياء الجسيمية «سيرن» القريب من جنيف في سويسرا. وغالبًا ما يتابع المشاركون مئة مستخدِم أو أكثر، وبذلك يتلقون بشكل ثابت تحديثات «تويتر»، التي يكتبها باحثون خارج شبكة العمل المباشرة الخاصة بهم، كما يمكنهم أن يبحثوا عن تعليقات حول موضوع محدد باستخدام خاصية «الهاشتاج»، تتبعها كلمة البحث الدلاليّة، فضلًا عن اختيار بعض معارفهم؛ للمشارَكة في نقاشات مرتبطة بمجالات اهتماماتهم ووظائفهم. يقول جاكوب جوليج ـ الباحث في علم الأعصاب في جامعة جرونينجن في هولندا ـ إنه «من خلال متابعتك للأشخاص الذين يثيرون اهتمامك، وقد ترغب في العمل معهم، ستصبح من أوائل الناس الذين يعرفون أن لديهم منصِبًا شاغرًا في مختبراتهم، أو مؤسساتهم». فعلى سبيل المثال.. إذا كان أحد المشرفين أو الزملاء المحتملين سينقل مقرّ مختبره، فقد يعلِن ذلك على «تويتر». ومِثل هذا التعليق.. قد يعني أن المختبر أو المؤسسة التي يعمل بها ربما ستبحث عن موظفين جدد في وقت قريب.