تمثل فئة كبار السن من المرضى المراجعين لأقسام الطوارئ شريحة مهمة من طالبي الرعاية الصحية العاجلة أو المستعجلة، أو في الكثير من الأحيان الأخرى قد لا تتطلب المراجعات الطبية تلك أكثر من رعاية روتينية غير عاجلة، ولكن لا تبقى خصوصية الرعاية كماً وكيفاً التي من الواجب أن يحظى بها هؤلاء المرضى.
لقد أسهمت التدخلات العلاجية المتقدمة وتطور الرعاية الصحية في إطالة العمر الافتراضي بشكل عام، وكذلك الكفاءة العلاجية من جهة أخرى في زيادة فئة كبار السن، ما انعكس كذلك زيادة مباشرة في من يراجعون أقسام الطوارىء من المرضى الذين يعانون من خليط من أمراض العصر المزمنة وغير المعدية، مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض تصلب الشرايين والقلب وارتفاع الكوليسترول والدهون الأخرى.
يتميز التقدم في السن بتغيرات فسيولوجية ووظيفية متعددة تجعل منهم في واحدة من أوهن وأضعف حالاتهم البدنية والذهنية عند تعرضهم لأي عارض صحي، وإن كان بسيطاً، وذلك بسبب التطور الطبيعي لكفاءة مختلف أجهزة الجسم الإنساني، ولكن مع اختلاف جوهري أن هذا التطور في الاتجاه السلبي الذي ينتج معه ضعف مثلاً في حدة النظر وتناقص المقدرة البدنية في تحمل الإصابات والظروف المعيشية المحيطة، مثل التعرض لدرجات الحرارة العالية والمنخفضة. فمقدرة الشخص المسن عندها ليست كما هي لدى اليافعين الذين يتمتعون بأقصى وأمثل درجات الصحة والعافية وقابلية الاستجابات لمختلف الاعتلالات والأمراض.
هذا من جهة، ومن ناحية أخرى مهمة لا ننسى أن الكثير من كبار السن ينتهي بهم المطاف في أرذل العمر بالكثير من الأمراض التي يتطلب معها تناولهم لخليط من الأدوية والمستحضرات الكيميائية التي هي في حد ذاتها عامل آخر في جعلهم عرضة للكثير من الأعراض الجانبية واحتمالية تعارض وتفاعل هذه الأدوية مع بعضها وما قد يتبع ذلك من خطورة مضاعفة.
مما سبق، تصنف فئة المرضى من كبار السن إنسانياً ومهنياً وخاصة في محور المباشرة العلاجية في أقسام الطوارىء على أنهم ذلك النوع من المرضى التي تنطوي معاينتهم على قدر كبير من الخطورة الإكلينيكية، حيث إن أي تدخل علاجي أو تشخيصي وإن كان بسيطاً قد يؤثر سلباً أو إيجاباً في صحة المريض، وقد يكون هذا الفارق بين الصحة أو الحياة ولا سمح الله الوفاة، وهذا ما يتوجب منا جميعاً من كوادر رعاية عاجلة ومهنيين الالتفات إلى ضرورة الاهتمام والمعاينة الصحية الدقيقة لأي مريض مسن عند مراجعة جميع المرافق الصحية بشكل عام، وخاصة أقسام الطوارىء، ومن المنطلق نفسه يفتح هذا التوجه فرصاً لتحسين الخدمة العلاجية والتشخيصية ووضعها ضمن الإطار العام في مبادرات التحسين والجودة، بل يجب الذهاب أساساً إلى ما هو أبعد من ذلك في تضمين فئة كبار السن ومعاينتهم وعلاجهم في أقسام الطوارىء تحت مظلة البروتوكولات العلاجية الأساسية التي يتم اتباعها وانتهاجها في المعاينة اليومية لهذه الفئة الهامة من المرضى.
هناك عالمياً، بعض المبادرات النوعية التي تقوم على انتهاج السبيل العالمي المتقدم في تخصيص مرافق لكبار السن ممن هم فوق الخامسة والستين عاماً من العمر وإدخالهم في منتجعات صحية على أكفأ مستوى من الإعداد والتشغيل الإكلينيكي، حيث تم رسم طريقة العلاج باتباع نموذج علاجي مستحدث يستجيب لخصوصية كبار السن والتعقيد المرضي والعلاجي الذى ينفردون به، وهذا بحسب التجربة العملية التي خاضها المعنيون وصانعو القرار الصحي في كندا مثلاً وعلى مدى أكثر من خمسة عشرة عاماً مضت، أثمر عن تميز في تقديم خدمة صحية لكبار السن تضع المريض في مركزية الرعاية الشاملة وتحفظ كيان المسن وخصوصيته وهذا ما نطمح إليه محلياً إذا ارتأينا وذهب أصحاب وصانعو القرار الصحي إلى المضى قدماً في إدخال نماذج رعاية خلاقة تصب في مصلحة المريض أولاً.
إقرأ أيضا لـ "محمد حسين أمان"العدد 4598 - الخميس 09 أبريل 2015م الموافق 19 جمادى الآخرة 1436هـ
الكاسر
شكرًا جزيلا دكتور محمد
ولكن المشكلة ان مرضي الكبار بالسن يصنفون ويعاملون مثل جميع المرضي من جميع الفئات ومن المفترض تكون هناك معاملة خاصة كونهم ضعاف وكبار بالسن
وعي اهل كبار السن عند زيارة الطبيب
د.محمد شكرا لك على المقال.
احببت ان اعلق على وعي اسر كبار السن عند زيارتهم للطبيب ، خصوصا قسم الطوارئ.
الكثير منهم غير ملم بكل الامراض التي يعاني منها مريضهم كبير السن، وهذا يخلق نوع من الصعوبه في تقيم الحاله و تاريخ المريض بشكل دقيق. وقد يأخر التدخل العلاجي في بعض الاحيان.
يجب على الاسر ان تكون اكثر وعي بالحاله المرضيه لكبار السن في الاسرة.او كأقل تقدير احضار جميع الادويه اللتي تعطى للمريض عند زيارة الطبيب ، خصوصا قسم الطوارئ.
و شكرا لمقالاتك.