«كشخة بابا» بهذه العبارة استقبلتني ابنتي البالغة من العمر تسع سنين وهي تتفاخر أمامي بعلبة سجائر وفي يدها حلوى طبق الأصل من السيجارة وقد وضعتها في فمها وأخذت تقلد المدخنين في كيفية تناولها واستنشاقها. لقد صعقت واستشطت غضبا لبرهة ولكنني تمالكت اعصابي وبكل هدوء سألتها (من أين لك هذا يا حبيبتي) ؟ فقالت: (هدية من عند... «الأهل» بمناسبة رجوعهم من السفر). فقمت بدوري بفحص العلبة وإذا هي حلوى على شكل سجائر تباع في إحدى الدول العربية المجاورة.
الطريف في الموضوع أن العلبة هي طبق الأصل من علب السيجارة وهناك أنواع كثيرة من هذه العلبة بمختلف الماركات. إضافة لذلك، فإن هذه العلب تباع في السوق العادية في هذه الدول العربية بكل سهولة وبدون أي رقابة من الهيئات المسئولة فيها.
مثل هذه الخدع والدعايات التجارية لها أثرها الكبير على التأثير على سلوك الطفل حيث تعمل على غرس مفهوم السيجارة والتدخين منذ نعومة اظافره وأن السيجارة حلوة المذاق وعادية. أيضا مثل هذه التصرفات تنمي في الطفل مفهوم كيفية مسك السيجارة باليد وبأنها عادية جدا في الحياة وبأنها فعلا «كشخة».
هذه الأساليب ولله الحمد لم تعد موجودة في البحرين، حيث أن البحرين من ضمن الدول الـ 180 التي وقعت اتفاقية منظمة الصحة العالمية الاطارية بشأن مكافحة التبغ بتاريخ 20 مارس / آذار 2007 والتي تنص بشكل عام على أنه يمنع الترويج لمنتجات التبغ بأي شكل من الأشكال وعدم تصنيعه وبيعه لمن هو دون 18 سنة. أيضا، ومنذ التوقيع على الاتفاقية فإن هناك لجنة مختصة بمكافحة التبغ في وزارة الصحة تعمل على الترخيص لبيع منتجات التبغ وأيضا التحقيق في المخالفات التي يمكن أن تصدر من بعض الجهات التي تخالف قانون التبغ والتدخين في بعض الأماكن غير المصرح بها مثل المباني الحكومية والمستشفيات. وهذه اللجنة تبذل كل جهدها في سبيل مكافحة هذه الآفة التي من شأنها أن تؤثر على المجتمع البحريني.
ولكن تبقى «كشخة بابا» عرضة للتساؤل: كيف يمكن أن تروج هذه المنتجات بشكل طبيعي في هذه الدول؟. الغريب في الأمر أن هذه الدول من ضمن الدول التي وقعت الاتفاقية الإطارية ولكنها لم تلتزم ببنودها والدليل «كشخة بابا» تباع كسلعة جدا عادية في كل زاوية.
يبقى الأهل هم المسئولون أولا وأخيرا وعليهم أن يعملوا على توعية أبنائهم بخطورة هذه الاساليب وعدم انجرارهم لمثلها حيث أن بداية التدخين تبدأ بمثل هذه التصرفات وأن سن التدخين يبدأ من سن صغير جدا يمكن أن يكون في التاسعة حيث ان خطورة السيجارة ليست مفهومة في هذا السن على أساس أنها «كشخة».
إقرأ أيضا لـ "محمود الشواي"العدد 4598 - الخميس 09 أبريل 2015م الموافق 19 جمادى الآخرة 1436هـ
شكرا
حقيقة حتى نحن نستغرب ونتعجب من البيع الأقرب إلى الترويج منه للبيع ولكن المشتكى لله.
الغريب أننا نكرر ليل نهار نحن مسلمون
نعم مسلمون ولكن المال عديل الروح