بعد سنة من نزاع مسلح ترك البلاد في مواجهة أزمة نقدية وصناعية ومالية ومصرفية وعلى مستوى الطاقة، بات الاقتصاد الأوكراني منهارا ولا يستمر إلا بفضل مساعدة مالية دولية سيحتاج إليها بالتاكيد لفترة طويلة.
وتتعاقب خطط المساعدة يصممها بمعظمها صندوق النقد الدولي.
وكان الصندوق اعلن فيابريل / نيسان 2014 عن مساعدة أولى لأوكرانيا بقيمة حوالى 17 مليار دولار على دفعات. وبعد عام وفيما لم تدفع من هذه القيمة الإجمالية سوى 5 مليارات، وضع الصندوق على السكة مساعدة جديدة تحل محل السابقة بقيمة 17,5 مليار دولار على اربع سنوات تندرج ضمن خطة بقيمة 40 مليار دولار على أربع سنوات تشارك فيها جهات دائنة من القطاعين العام والخاص.
وقال فرنسيس ماليج مدير قسم اوروبا الشرقية والقوقاز في البنك الاوروبي لإعادة الأعمار والتنمية "هناك ازمة مصرفية وازمة نقدية وازمة اقتصادية، ظهرت من خلال انكماش قوي في اجمالي الناتج الداخلي العام الماضي وهذه السنة ستظهر على الارجح ازمة طاقة ايضا".
والصناعة الثقيلة التي تشكل قطاعا قويا في اوكرانيا، تاثرت بتراجع اسعار الفولاذ وخسرت خمس انتاجها بسبب النزاع في الشرق الانفصالي الموالي لروسيا.
ومع انهيار العملة الاوكرانية "الهريفنيا" التي خسرت ثلثي قيمتها بالنسبة الى الدولار خلال سنة، بات اقتصاد البلاد منهارا. واوضح جوليان مارسيي رئيس قسم الاقتصاد في مجموعة كوفاس للتامين والاقراض "كما في الكثير من البلدان الناشئة فان (العملة) تنعكس بشكل مباشر على الاسر والشركات والمالية العامة بما ان الديون الخاصة والعامة هي في جزء كبير منها بالعملات الاجنبية".
وبحسب توقعات صندوق النقد الدولي فان الدين العام الاوكراني سيرتفع هذه السنة الى 94% من الثروة الوطنية مقابل 40% في 2013 ولم يعد بوسع اوكرانيا الاقتراض من الاسواق الا بآجال قصيرة جدا وبمعدلات فائدة باهظة.
وتجري كييف مفاوضات لتخفيف هذه الاعباء وتعاقدت مع مصرف لازارد لمساعدتها في مواجهة دائنين من القطاع الخاص وفي مقدمهم الصندوق الاميركي "فرانكلين تمبلتون" المدعوم من صندوق "بلاكستون"، بحسب الصحافة، غير ان فرص اوكرانيا تبدو ضعيفة اذ تقدر وكالة موديز للتصنيف الائتماني احتمالات تخلف البلاد عن سداد مستحقاتها بحوالى مئة بالمئة.
واكد الخبير الاقتصادي جاك سابير انه سيترتب "دعم اوكرانيا باقصى ما يمكن" لمساعدتها على سداد ديونها وتعويض عجزها وتسديد فاتورة الغاز الروسي، وهي مسالة تجري بشأنها مفاوضات شاقة بين اوكرانيا وروسيا يلعب فيها الاتحاد الاوروبي دورا كبيرا.
ولمواجهة هذه الاعباء تضاعف البلاد مصادرها فتستعين بصندوق النقد الدولي وكذلك البنك الدولي والاتحاد الاوروبي، فضلا عن المساعدات الثنائية. حتى الان المتمول الشهير جورج سوروس نفسه ابدى استعداده لضخ مليار دولار في هذا البلد.
غير ان هذه الاموال ستترافق حتما مع شروط، فصندوق النقد الدولي يطالب باصلاحات وتدابير اقتصادية، فيما الجهات الدائنة الدولية تشترط استئصال الفساد المعمم في البلاد.
وتسعى الحكومة الاوكرانية لاعطاء ضمانات فاقالت حاكما صاحب مليارات واعتقلت بعض كبار المسؤولين في الدولة امام الكاميرات.