قبل خمسة قرون كانت أوروبا ترفض التنوع، وكنا نحن العرب والمسلمين نحتضن كل أنواع الديانات والاثنيات، أما حاليا فإن العكس يحدث. فحاليا يهرب المسيحيون واليزيديون والصابئة من شمال العراق هربا من وطنهم الذي احتضنهم منذ مئات بل آلاف السنين، وذلك بعد أن اغتصبت نساؤهم وقتل رجالهم وصودرت ممتلكاتهم.
ولو رجعنا إلى التاريخ، فسوف نجد أن الزوجين فرديناند وإيزابيلا، عندما حكما اسبانيا في القرن الخامس عشر، اصدرا أمرا بطرد جميع اليهود والمسلمين من المناطق التابعة لملكهما عبر ما عرف بالمرسوم الاحمر الذي ظل فاعلا حتى وقت قريب وتم إلغاؤه بقرار رسمي في العام 2014. ولكن أين ذهب اليهود حينذاك؟ لقد ارتحلوا إلى شمال إفريقيا والى العراق والشام والى تركيا وإيران، وحصلوا على حماية المسلمين في كل مكان ذهبوا إليه، وكان ذلك متوقعا من ثقافة بلداننا منذ الزمن القديم، وكنا الملجأ من الاضطهاد ومكانا يحترم التعددية الدينية والثقافية.
لكن لو نظرنا إلى واقع منطقتنا العربية فإن ما يحدث هو العكس تماما، فالتصفيات والتمييز والقتل والاضطهاد هو ما حل ضد ثقافة التعددية والتسامح. ببساطة ما يحدث اليوم يتم على أساس ديني وطائفي وعرقي وقبلي، وأصبح الكثير يهرب إلى أوروبا بحثا عن الأمن والأمان على نفسه وعلى معتقداته. التاريخ يذكر انه عندما انهزم العرب في الأندلس في 1492م، بدأ الاضطهاد الديني. أما الآن فإن الذين يحملون اسم الإسلام أصبحوا هم من يحملون معهم الذبح والقتل لكل من يختلف معهم.
لنرى فقط أعداد المهاجرين من المنطقة العربية فقط وهؤلاء الذين الذين يتوجهون إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، ويصبحون بين ليلة وضحاها ضحايا للغرق.
ولعل من كثرة الضغط على دول أوروبا الجنوب من خلال هذه الهجرة غير الشرعية بسبب التقاعس المعيب لدول الاتحاد الأوروبي في استقبال اللاجئين بطرق شرعية، ما يجعل وصولهم إلى أوروبا بطريقة آمنة ومشروعة أمراً مستحيلاً رغم ان السبب في ذلك هو أن الأراضي العربية لم تعد مكانا آمنا للتعددية ولا لابنائها من العقيدة والعرق نفسهما.
وفي تقرير للمعهد الأورومتوسطي صدر في (16 مارس/ آذار 2015 أشار إلى أن أعداد المهاجرين الذين وصلوا إلى إيطاليا وحدها منذ بداية هذا العام قد بلغ أكثر من 8500 مهاجر، بمتوسط 116 مهاجرا لكل يوم، وهو عدد يصل إلى ضعف عدد المهاجرين الذين وصلوا في الفترة ذاتها من العام الماضي، ومن هؤلاء 2200 على الأقل من اللاجئين السوريين والفلسطينيين القادمين من سورية فقط.
وأشار «الأورومتوسطي» إلى أن معظم المهاجرين يصلون إلى إيطاليا قادمين من ليبيا عبر البحر المتوسط، اذ يساعد تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا المنظمات الإجرامية على العمل على نقل هؤلاء المهاجرين في سفن غير آمنة وفي ظروف مأساوية.
وقد أدى عدم التعاون المشترك بين دول الاتحاد الأوروبي في حمل عبء هؤلاء المهاجرين إلى تقليص إيطاليا لنطاق عمليات الإنقاذ البحري التي كانت تقوم بها في السنة الماضية، وامتناع مالطا واليونان عن نقل المهاجرين إلى موانئها، وهو ما أدى إلى تفاقم مخاطر الرحلة وفقدان المئات من المهاجرين.
وقالت ساندرا أوين، الباحثة في المرصد والمختصة بقضايا الهجرة عبر البحر المتوسط: «في الوقت الذي يدخل فيه الصراع المستمر في سورية عامه الخامس، وفي ضوء الأوضاع المتفجرة في العراق، والظروف الصعبة التي يلاقيها اللاجئون في دول الجوار السوري، إضافة إلى الفقر وانتهاكات حقوق الإنسان التي تشهدها دول عربية وافريقية، وإغلاق الدول الأوروبية أبوابها أمام الهجرة الشرعية، يغدو ما من حل أمام آلاف الأشخاص إلا المخاطرة بحياتهم وركوب الموج أملاً في الوصول إلى أوروبا»، مشيرة إلى إحصائية أجريت في تونس أظهرت أن 76 في المئة من الشباب يحلم «بالهجرة إلى أوروبا أو إلى الخليج».
وهذه الحقيقة المؤلمة تعكس مدى قساوة المشهد العربي الغارق في نزاعات وحروب تخلف معها كارثة إنسانية ألا وهي ازدياد اعداد اللاجئين يوما بعد يوم وخاصة من بعد العام 2011. فقد وصل عدد اللاجئين السوريين مثلا إلى أربعة ملايين بينما تستضيف السويد قرابة 18.000 لاجئ (ألمانيا والسويد وحدهما تلقتا حوالي 56 في المئة من جميع طلبات اللجوء السورية منذ بدء الصراع).
فيما أعلنت الدول الأوروبية الأخرى مجتمعة عن استعدادها لاستقبال 6 آلاف لاجئ سوري فقط، وبالنظر إلى اتفاقية اللاجئين (1951)، وبروتوكولها الملحق (1967)، واللذين شددا على واجب الدول في التعاون المشترك لحمل عبء أعداد اللاجئين كمشكلة عالمية، يغدو واضحاً كم هو لأمر مشين أن تتخلى دول الاتحاد الأوروبي عن واجبها الإنساني تجاه هؤلاء المهاجرين... ولكن علينا كعرب ألا نلوم أوروبا بقدر ما نلوم أنفسنا على إلغاء صفة التعددية والتسامح في مجتمعاتنا والتي هي أصبحت واقعا مريرا في العراق وسورية بينما هي مازالت نابضة في بلد مثل البحرين التي نأمل ألا تساق إلى هذا الطريق بأي حال من الاحوال.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 4594 - الأحد 05 أبريل 2015م الموافق 15 جمادى الآخرة 1436هـ
البحرين بلد التنوع
انشاءالله دوم ومو نلحق سوريا والعراق
ملاحظة مهمة
الكلام أن التعددية والتسامح لا زالا موجدين في البحرين، هو كلام أطلقته الكاتبة على عواهنه، أين هو هذا التسامح والتعددية، الناس انفرزت بشكل واضح وكما يقال الشمس لن يغطيها سطر ونصف في صحيفة
التسامح موجود
انت ليس متسامح مع غيرك فكيف تريد من الآخرين أن يتسامحوا معك.والله ملينا من لغة هم ونحن. مثلك لا يمكن أن يقرأ التاريخ أو يفهمه
الهجرة تغلق أبوابها
انا بحريني حاولت الهجرة الى دول الجوار ولكن طردت بسبب مذهبي
هجرة العرب سببها الانظمة
صح دولنا كانت حاضنة لتنوع أم الآن أصبحت أوروبا ولكنها تختار من تشاء .
سبب سقوط الاندلس
كان التميز التي كان يمارسها حكام الاندلس ضد البربر
صلح معلوماتك
قراءة التاريخ مهمة .سقوط الأندلس كان بسبب فرقة ونزاعات.....المسلمين. وتم استغلال لذلك باسترداد الأندلس من قبل جيشي ايزيبلا وفريناندو الكاثوليكيان وهنا دخلنا مرحلة محاكم التطهير الديني ضد اليهود والمسلمين.