العدد 4592 - الجمعة 03 أبريل 2015م الموافق 13 جمادى الآخرة 1436هـ

القاص حسن بوحسن: وجد وسرد في جبال الشمس

المنامة - وجود للثقافة والإبداع 

03 أبريل 2015

ضمن موسم «شهادات إبداعية في التجارب البحرينية» التي تنظمها وجود للثقافة والإبداع بالتعاون مع دار فراديس للنشر والتوزيع، تحدث القاص حسن بوحسن مساء الثلثاء 31 مارس/ آذار 2015 عن تجربته في كتابة القصة القصيرة والقصيرة جداً مبدياً أهمية البيئة التي نشأ وترعرع فيها مستفيداً من الطقوس التي كانت تستحوذ عليه والفضاء الذي يتيح له الركض بين التخيل ورمال البحر.

يقول بوحسن «التصقت بتربة قريتي مثل أمي وأبي ومثل انغراز حصيات حائط البيت الطيني في الأرض الصلدة وامتداد جذور جذع الشجرة العملاقة في عمق التربة وهي تختار لنفسها الساحة الرملية الفسيحة، تتوسطها من أجل أن تقضي فيها كل حياتها وتهب الناس الظل والأكسجين النقي والهواء العليل من دون كلل أو ملل ومن دون أن يمسها أحد بسوء أو يعترض على كينونتها، تشبثت بقريتي الحبيبة وبقيت إلى اليوم أعايش حالتها القروية ذاتها واستمد منها صولاتي وجولاتي وبطولاتي وأنهل من معينها الذي لا ينضب وأستمد منها مجموعة من النماذج القصصية ولم أغادر شوارعها الترابية وبيوتها العتيقة ولم أتكبر في يوم من الأيام على البساطة التي تغلفها»

وتطرق بوحسن للمفاصل التى تأثر بها سواء من الكتاب المحليين أو في العالم العربي والغربي وصاغت تصوره وفهمه للقصة «وأظل وحيداً في رحلتي ومشواري مع القصة القصيرة وأنا أرنو من بعيد إلى هالة الضوء الأدبي المحلي وإلى كتاب قصة عمالقة سبقوني في التجربة بسنين عديدة وأطارد أسماءهم وأحياناً أطارد أجساد البعض منهم ومن ضمن هذه الأسماء أحمد كمال، علي سيار، عبدالله خليفة، محمد عبدالملك، عبدالقادر عقيل، خلف أحمد خلف وفوزية رشيد، وأتشجم عناء المشوار إلى العاصمة المنامة ومكتب جريدة الأضواء من أجل الالتقاء بما هو متيسر منهم والتعرف عليهم شخصياً وعلى كتاباتهم، وأدركت حقيقة أنه ومن أجل كتابة قصة يتوجب علي في طفولتي أن أكون مطارداً للفراشات الملونة وصائداً للعصافير الجميلة»

ويواصل «في شبابي صائداً ومشاكساً للحمام وخصوصاً من نوع الحوام ومرتادي الأسطح ومداعباً للقطط الأليفة والكلاب السائبة في البرية القريبة جداً من بيتنا. أما في زمن الرجولة فأيقنت أنني بحاجة إلى أن أكون مطارداً للسيارات السريعة من نوع «فيراري» ومصارعاً ماهراً للثيران الإسبانية وأن يكون لدي راداراً قوياً يلتقط كل حركة في محيط الكتابة الأدبية المحلية والعربية والعالمية، وإن نشدت النجاح فمن المهم أن أشغل نفسي بالآخرين وأجعل من القصة القصيرة اللعبة التي لا تفارقني ولا أتململ منها أوأغادر ساحاتها. أما عند الوصول إلى سن الكهولة وهو أمر حتمي وقادم فمن المهم جداً أن يمتلك القاص ذاكرة زمان ومكان حادة ورؤية زمكانية حادقة وفولاذية وشريط ذكريات يعمل بحيوية ونشاط وتكون لدى القاص القدرة على التفريق بين الأحجار اليمانية والحصيات الصينية وكذلك القدرة على إقناع الآخرين بأن الماء الساخن الذي يغلي أمامهم هو زلال بارد ويمكن شربه دفعة واحدة».

وقريباً من تجاربه القصصية يخبرنا بوحسن بوعي عن تلمس الطريق الذي يشقه لنفسه «وفي كتابتي وخصوصاً في التجربة الثانية حاولت جاداً أن أعبر بالقصة من السطحية إلى العمق وأبتعد عما هو دارج فكانت ولادة لأولى التجارب البحرينية في كتابة القصة القصيرة جداً، التجربتان مكتنزتان بالعديد من النماذج التي فرضت نفسها بقوة وتوثقان أو تتوغلان في شخصيات الأب الذي يحتضن بيته بالصبر وبشدة المزاج وهو يمازح الجميع ويزداد صلابة وعنفواناً ولكن المفارقة أنه ينهار بالبكاء مثل طفل لمجرد سماع النحيب الحسيني الشجي، المرأة المتوشحة بالسواد وهي تحمل القدر الثقيل فوق رأسها وتحتضن الطفل المشاغب بيمينها وتتدلى سلة الخضراوات الطازجة في يدها اليسرى وتفتح باب البيت بركلة من إحدى قدميها، الشاب الحالم بالمستقبل المشرق الذي ينتهي به الأمر سائقاً لشاحنة تدرع الشوارع أو كاتباً مهملاً فوق طاولة تناوب عليها قبله آخرون والشابة القابعة في غرفتها الصغيرة التي تعانق الضوء وتصافح الشمس بحرارة أقوى منها فقط أثناء خروجها إلى المدرسة وحين عودتها إلى البيت والغرفة من جديد الذي تشتد فيها حكاية الفارس والحصان الأبيض. ولا أخفي سراً أني كنت حريصاً على مخاطبة عقول النقاد الذين أدرك تماماً مكانتهم المهمة في الوسط الأدبي وأن لهم عالمهم الخاص ورؤيتهم العلمية المبنية على منهج أكاديمي وهم يسعون بصدق وأمانة إلى تنمية المنجز الأدبي وتعزيز دور الوعي الثقافي والتعرف على الذائقة الإبداعية وما تحمل من تأويلات ودلالات ومضامين تضيف عمقاً جمالياً آخر».

مبيناً خوض كتابة النص المسرحي لينتج نصوصاً مثل «لوثة الغرباء» إخراج محمد بو حسن أنموذج، نص «دبلومات» إخراج حسن منصور فضاء آخر، نص «عجيب» إخراج ياسر سيف إلى جانب نص «المطحون» المأخوذ عن قصة لأحمد المؤذن إخراج طاهر محسن عالم جديد.

في الختام تناول بوحسن المفارقة التي يعيشها حيث تمنحه المهنة الرياضية ما لم يحصل عليه من الساحة الثقافية «على العكس مما هو سائد في الوسط الأدبي الذي عاملني وأي كاتب آخر على أنه حمال لصندوق كلمات متفجرة وإنسان مرعب وغير موثوق في مخزونه وما قد يصدر عنه على شكل منجز أدبي».

شهادات إبداعية في التجارب البحرينية يستمر في عرض التجارب حيث يقدم الشاعر قاسم حداد شهادته يوم الاثنين 13 أبريل/ نيسان 2015 بدار فراديس للنشر عند الساعة السابعة والنصف مساءً.

العدد 4592 - الجمعة 03 أبريل 2015م الموافق 13 جمادى الآخرة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً