دعوة وصلت في ظهر الغيب من أم أو أب أو أخ أو أخت أو طفل أو مظلوم، قضيتَ حاجاتهم وأنت لا تعرفهم على وجه التحديد، ولكنّك وجّهت أو أمرت لقضاء حوائجهم أو رفع الظلم عنهم، ولم ينسوا هذا المعروف أبداً، وربّما لم يكن الأمر كبيراً بالنسبة لك يا سمو رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، ولكنّ ذاك الأمر كان عندّهم عظيماً، فاستجاب الله لدعوة أحدهم في حفظك، ولو كانت هذه الدعوة منذ سنين طويلة.
لقد عاشت البحرين في ظل الخمسينيات والستينيات فترة البناء من خلال اللحمة الوطنية، فأنت وبسواعد أبنائها على مختلف طوائفهم نهضت بالوطن، وحقّقت الكثير من الانجازات، على رغم التقلّبات السياسية والاجتماعية على الساحة آنذاك. وهذه الانجازات لا يمكن لأحدٍ إغفالها، لسبب بسيط جدّاً، هو أنّها شيّدت أسس الدولة وبنتها، وكان لوجود نخبة من أبناء الوطن من الطائفتين الكريمتين، عملت مع سموّ رئيس الوزراء، الأثر الأكبر في غرس البناء.
نعم، كانت هناك قلاقل وتساؤلات ومشكلات أيضاً، ولكن مع وجود هذا كلّه، لا ننفي أنّ خليفة بن سلمان هو بوصلة الوطن، التي حفظتها من التوتّرات طوال هذه الفترة، وإن كان هناك من يعمل في الخفاء من الطائفتين لتضليل الحقائق.
الصناعة والتجارة والتعليم والصحّة، تشهد على ما نقوله، وهو ليس رياء ولا مجاملة ولا نفاقاً، ولكنها حقيقة أثبتتها التجارب التي نعيشها اليوم، فمن منّا لا يتذكّر تأسيس الدولة الحديثة مع شقيقه أمير البحرين الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه؟ فلقد كان اختيار الوزراء هو العنصر الرئيسي في التأسيس.
إنّ تأسيس الدولة الحديثة لم يقدم بعد الاستقلال، ولكنّه كان ثمرة جهد طويل منذ مطلع الخمسينيات وحتّى نهاية الستّينيات، حيث كانت نهضة التعليم والإقبال على الثقافة والقراءة من أعلى الهرم حتى قاعدته، فكان الجميع يرى رئيس الوزراء وهو يتجوّل بين القرى قبل المدن، لمتابعة بناء المدارس وسير العمل فيها.
أمّا البنية التحتية من ماء وكهرباء وشقّ الطرق لمختلف مناطق البحرين، لم تأتِ من فراغ، بل كانت سياسة وتخطيطاً وإنجازاً في حينه، حتّى وصلت البحرين في الستّينيات إلى توفير الماء والكهرباء للجميع، وقد سبقت دولاً عديدة مجاورة.
إنّ هذه الانجازات دفعت الشعب البحريني بطائفتيه الكريمتين إلى الثقة في القيادة، فحين تجوّل خليفة بن سلمان بين المدن والقرى لكسب تأييد الشعب، بسبب الاستفتاء الذي قامت به الأمم المتّحدة على عروبة البحرين أو ضمّها إلى إيران، اتّحد الشعب كافّة وأجمع على عروبة الوطن، وصادقوا على استقلال البحرين بأنّها دولة عربية مستقلّة، تحت حكم آل خليفة الكرام.
كيف لنا نسيان هذه الأيام الجميلة؟ وعلى رغم أننا أبناء السبعينيات لم نعشها كلّها، ولكن مجرّد المرور والغوص في هذه الفترة الذهبية للبحرين، نلمس الانجازات العظيمة التي تمّ تحقيقها، وكانت حلماً في يوم من الأيام.
حفظك الله يا سمو رئيس الوزراء، وحفظ كل مواطن بحريني أصيل، وحفظ الله الوطن من الكارهين والحاقدين والمنافقين والمُطأفنين، فلقد عشنا سواسيةً جنباً إلى جنب، نفدي أرواحنا لوطننا من دون تمييز، في الأيام الحلوة والأيام المرّة. فما بناه الأجداد كان متيناً ضد العوالق التي تنخر في الأوطان، واليوم وليس الغد، هو الوقت المناسب لإثبات ما بناه أجدادنا، بالوحدة واللحمة الوطنية ضد هذه العوالق التي تريد الشر والسوء لنا ولبلادنا.
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 4591 - الخميس 02 أبريل 2015م الموافق 12 جمادى الآخرة 1436هـ