العدد 2492 - الخميس 02 يوليو 2009م الموافق 09 رجب 1430هـ

لنتكلم عن الإيمان

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

كنت أسلّم حقائبي في مطار سان فرانسيسكو في اليوم السابق لانتخاب باراك أوباما في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. أعطيت موظفة شركة الطيران بطاقة هويتي وأخبرتها اسمي. عندما رفعت رأسها ونظرت إلي، لاحظت وجود بعض الارتباك والخشية وراء الواجهة المهنية المهذّبة. كنت قد شهدت تلك النظرة عدة مرات من قبل.

«آسفة» قالت بحرص، وهي تعتذر على ردة فعلها حول اسمي.

«اسمي الأول الحسين» أجبتها إمعانا في الإزعاج. «تعلمين، مثل صدام حسين». ردت بحملقة باهتة وضحكة متوترة. بعد ذلك تركت لحظة المداعبة وعدت إلى الموضوع.

طالما كان ذلك النوع من المواجهات مرتبطا بحياتي منذ حرب الخليج الأولى وحتى يوم انتخاب أوباما عام 2008. كان المسلمون هم «الآخر» المرعب بالنسبة لمعظم الأميركيين، ولكننا تواجدنا في الخيال الشعبي كمقيمين في تلك المساحة الرمادية من الكرة الأرضية، التي تقع وراء فرنسا. لم يكن يُنظَر إلينا كجيران عاشوا وعملوا وصلّوا في نفس المجتمعات الصغيرة كما فعل مواطنونا غير المسلمين.

كانت الفكرة من الروتين الذي اتبعته مع موظفة شركة الطيران، وفي مجالات عملي المهني والذي تدربت عليه جيدا، لفت النظر للنقاط المعتمة في العلاقة بين الأميركيين المسلمين وبقية الأميركيين الذين يشكلون هذه الأمة العظيمة. أصبح الأمر، نتيجة لمفهوم أن المسلمين هم «الآخرون»، الذي أصبح منتشرا بشكل واسع، أصبح أكثر أهمية أن يقوم الأميركيون بالانخراط مع جيرانهم المسلمين، والعكس صحيح. وقد كان لهذه الانتخابات أثر كبير.

عندما طرت عائدا إلى سان فرانسيسكو بعد أيام قليلة، حصل وكيل آخر لشركة الطيران على نفس المعاملة مضاعفة، بعد أن أخبرته اسمي ولكني كنت قد عدّلت الروتين المتّبع بقولي: «اسمي الأول هو الحسين، مثل باراك حسين أوباما».

وكما أشار أوباما نفسه في مقابلة متلفزة مع شبكة العربية التي تبث من دبي، لديه أسرة مسلمة كبيرة، رغم كونه مسيحيا. هذا هو الرئيس الذي أصبح أول رئيس أميركي من أصل إفريقي. ورغم الإشاعات التي انتشرت أثناء حملة الانتخابات عن كون أوباما مسلم بالسّر، صوّت له 68 مليون أميركي، ووضعوه في المكتب البيضاوي.

ينظر إليّ جيراني وزملائي في العمل منذ يوم الانتخابات كأميركي بسهولة ويسر أكثر من أي وقت مضى. قد تكون هذه ببساطة وجهة نظرنا نحن الأميركيين المسلمين، ولكنها تتعزز بشكل مستمر من قِبَل زعيم أميركا حول أقواله عن إرثه المسلم والأميركي. يستمر أوباما بالتأكيد علنا بأن العديد من الأميركيين الآخرين يضمّون مسلمين في عائلاتهم، أو عاشوا في بلد ذات غالبية مسلمة. وأنا أعلم ذلك لأنني واحد منهم.

يرى الأميركيون بشكل عام المسلمين بصورة أوضح قليلا مما رأوهم في الماضي. لقد فتح أوباما الباب للأميركيين ليَطرحوا السؤال: «من هم هؤلاء الأميركيون المسلمون وأين هم؟». أما نحن الذين طالما عشنا عيشة بنّاءة ولكنها مازالت إلى حد بعيد غير مرئية في أميركا، فنستغل الفرصة التي أوجدها رئيسنا لنخرج من الخزانة جماعيا.

يقف الأميركيون المسلمون اليوم، أكثر من أي وقت مضى للدفاع عن أميركا (ولم يعودوا يقفون لمواجهة أميركا). ونحن نفعل ذلك ردا على نداء زعيمنا بخدمة أميركا والأميركيين في هذا الوقت وهي في أمسّ الحاجة لنا. نحن نلاحظ ذلك في كافة أرجاء الدولة، مثلا في عمل العيادات الصحية المجانية التي بدأها الأميركيون المسلمون لخدمة جيرانهم، مثل عيادة «الأمة» بلوس أنجليس أو عيادة «الإمام» في شيكاغو.

لقد سمحت لنا رئاسة أوباما بإشعال الحوار الذي كنا نخاف نحن الأميركيين من الخوض فيه، وهو حوار نستكشف من خلاله معتقدات وتقاليد بعضنا بعضا من خلال وضع وجهات نظرنا أو أحكامنا جانبا. لقد وضع الرئيس نموذجا حول كيف يتوجّب أن يبدأ حوار الأديان هذا: أولا من خلال جمع زعماء الأديان الأميركيين، بحيث يضمّون اليهود والمسلمين والكاثوليك والهندوسيين بشكل مقصود، لمجلسه الاستشاري حول شراكات الأحياء والمناطق السكنيّة التي ترتكز على المعتقدات، وثانيا، من خلال إيجاد فرص لمجلسه الاستشاري ليركّز على المصلحة العامة، والتي تبدأ بتقديم الخدمة لأميركا.

الهدف وراء خدماتي الشخصية لأميركا، من خلال العمل في Patheos، وهي بوابة على الإنترنت يشارك الناس من خلاله في حوار عالمي حول الدين والروحانية، هو مساعدة ودعم هذا الحوار، وعلى مستوى أكثر اتساعا، بناء جسر عبر ذلك الصدع الذي يظهر إنه بدأ يضيق، الذي يفصل الناس من أديان مختلفة.

تقدّم Patheos مضمونا يتعلق بخطاب أوباما في مصر من منظور تقاليد دينية متعددة، بما فيها مساهمات من البروتستانت، مثل دافيد غارتنستين روس، مؤلف «السنة التي قضيتها داخل الإسلام المتطرف»، ويهود مثل الحاخام ديفيد سابرستين، وواحد من أبرز الإنجيليين الأميركيين هو جول هنتر. يبرز الموقع كذلك عشرات من وجهات النظر الإسلامية حول زيارة الرئيس الأخيرة إلى الشرق الأوسط.

ويقدم الموقع كذلك «منبرا عاما» حيث يتعلم الزائرون كيف تنظر تقاليدهم الدينية المختلفة، (تقاليدهم وتقاليد غيرهم) إلى قضايا ذات اهتمام مشترك، مثل زواج المثليين والإجهاض والشهادة بل حتى السلطة الدينية.

لقد وصل الأميركيون مرحلة لا نستطيع بموجبها مجرد التراجع إلى صور نمطية فارغة حول دين «الآخرين». وهذا يتطلب إشهار الحوار العالمي حول الدين والروحانية إلى العلن، ليس ببساطة لمصلحة ازدهارنا الشخصي وإنما لصالحنا جميعا.

*مدير بوابة موقع Patheos، للحوار العالمي حول الدين والروحانية. والمقال ينشر بالاتفاق مع خدمةCommon Ground الإخبارية.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2492 - الخميس 02 يوليو 2009م الموافق 09 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً