تم تحديد ملامح القائمة الطويلة لجائزة أورويل للكتابة السياسية الممزوجة بالأسلوب الفني والإنساني والثقافي والمعرفي، بالعقائدي والديني، والتي تم إنشاؤها العام 1994، بوصول السيرة التي كتبها دان ديفيز عن المذيع في "بي بي سي" البريطاني (الوحش)، جيمي سافيل، إلى القائمة. وسيتم إعلان الفائز بالجائزة يوم الخميس (21 مايو/ أيار 2015).
جيمي سافيل، الذي تشير إليه السيرة كشفت جانباً من الفظاعات التي ارتكبها صحيفة "الغارديان" البريطانية، استناداً إلى تقرير لجنة التحقيقات الموسَّعة في انتهاكات المذيع الراحل الذي قام باغتصاب عشرات الفتيات، كما اعتدى على جثث عشرات آخرين.
وأشارت التحقيقات التي أجرتها أجهزة الشرطة في 28 مستشفى عاماً، منها مستشفى ليدز العام، إلى أن إجمالي ضحايا سافيل تجاوز 103 ضحايا، تراوحت أعمارهم ما بين 5 و 75 عامًا، ولكن الغالبية العظمى منهم كانوا من الشباب في سن المراهقة.
كما كشفت أن عدد ضحايا المذيع الشهير في مستشفى ليدز وحدها بلغ 60 ضحية. كما اعتدى على 19 فتاة من طاقم التمريض.
وكان آخر الاعتداءات التي نفذها سافيل في العام 2009، قبل عامين من وفاته، وكان عمره وقتها 82 عامًا.
قليلة هي الكتابات التي تتناول موضوعات سياسية بالتحليل، وتنجو من لغتها الانفعالية المنفِّرة. موضوعات السياسة بطبيعتها جافة ومؤذية لمن لم يعتد متابعتها، وحتى لأولئك الذي اعتادوا متابعتها، تصبح مع مرور الوقت مصدراً من مصادر الأذى والقلق والضجر أيضاً.
كلير أرميتستيد، من "الغارديان"، كتبت تقريراً تناول القائمة الطويلة للجائزة، وجانباً من السيرة التي كتبها دان ديفيز، تم نشره يوم السبت (28 مارس/ آذار 2015)، نورد جانباً من أهم ما جاء فيه، بتصرف مع هوامش وتفصيل تولَّى محرر "فضاءات" تضمينه الكتابة هنا.
سيرة دان ديفيز تُفتتح بتفسير للسلوك الذي تقشعرُّ له الأبدان لإزالة مزيد من الغموض بعد الكشف عن جرائم جنسية متعدِّدة لشخصية تلفزيونية، تم وضعها على القائمة الطويلة لجائزة أورويل للكتابة السياسية.
نتاج سعي دافيز لـ "العثور على الحقيقي من تلك السيرة"، ضمَّن كتابه مقابلات مكثفة مع الرجل نفسه (جيمي سافيل) على مدى سبع سنوات قبل وفاته، ويُحدِّد بالتفصيل المروِّع واقع مئات من الجرائم الجنائية، أخذ مكانه في القائمة الطويلة التي احتوت 12 اسماً للوصول إلى الجائزة المرموقة التي تصل قيمتها إلى 3000 جنية إسترليني.
إنه يأخذ مكانه جنباً إلى جنب مع صحافي التحقيقات الاستقصائية المخضرم في "الغارديان" نيك ديفيز الذي كتب ثلاثة تحقيقات في يوليو/ تموز 2009، تناولت التصنُّت على رسائل صوتية مُسجَّلة في هواتف لمشاهير المجتمع؛ لاستغلالها في كتابة موضوعات صحافية، وسيرة جون كامبل التي كتبها وزير الداخلية السابق والمؤلف الذي يحتفظ في سجلِّه بخمسين سنة من المهنية، روي جينكنز.
وفي مراجعة لعمل كامبل في صحيفة "الغارديان"، قال النائب البرلماني آلان جونسون: "إن الثناء الأكبر الذي أستطيع أن أمنحه لسيرة جون كامبل، هو أن روي جينكنز سيكون فخوراً لو أنه كان صاحب العمل".
وتهدف جوائز أورويل، التي تُكرِّم الصحافة أيضاً، وتُمنح سنوياً للكتب التي تشبه طموح جورج أورويل، في جعل الكتابة السياسية فناً في حدِّ ذاته، على أن تُكتب الأعمال بلغة تحليلية سهلة. وقد تأسَّست الجائزة في العام 1994 من قبل برنارد كريك للتشجيع على كتابةٍ سياسية جديدة.
وظل أورويل يحلم بالوقت الذي تكون فيه الكتابة السياسية عملاً أدبياً يكتنفه الالتزام بالأصول، دون أن يكون غارقاً وممعناً في المادة الصحافية، بذلك المزج المُذهل والفني بين الإنساني والثقافي والمعرفي، بالعقائدي والديني.
وقالت رئيس لجنة الجائزة، البروفيسور جين سيتون، إن خط متابعة الكتب لهذا العام "يُقدِّم مجموعة رائعة من النظر الثاقب لحالتنا الوطنية والعالمية: إنها مجموعة رائعة من الكتب التي تُساعد جميعها في تحليل العالم".
وأضافت أن سيرة جيمي سافيل، إلى جانب كونها تُقدِّم صورة للوحش، تُسلِّط الضوء على الإخفاقات المؤسسيَّة والسياسية التي أعطتْه حرية الوصول إلى ضحاياه.
وتضمُّ القائمة الطويلة للجائزة أيضاً: مدير مركز تحليل مواقع التواصل الاجتماعي في مركز أبحاث ديموس، جيمي بارتليت، لكتابه "The Dark Net"، نظرة على الزوايا الأكثر غموضاً على الإنترنت، وعملين غير روائيين من كاتبين عُرفا كروائييْن، رنا داسجوبتا، صورة أدبية لدلهي، حيث كان يعيش لمدة 14 عاماً، ونظرة جيمس ميك على "لماذا المملكة المتحدة" "تنتمي الآن إلى شخص آخر"، بتحوُّلها إلى جزيرة خاصة.
وجائزة أورويل التي انطلقت في العام 1994، فازت بها من قبل أندريا جيليس، والمحامي الفلسطيني رجا شحادة، في العام 2008 عن كتابه "سرحات فلسطينية" ويتحدَّث فيه عن تغيُّر المعالم الطبيعية والجغرافية والقانونية في الضفة الغربية تحت الاحتلال.
واللائحة الطويلة تتضمَّن أسماء: جيمي بارتليت، روي جينكنز، رنا داسجوبتا، دان ديفيز، نيك ديفيز، روبرت فورد وماثيو غودوين، ضياء حيدر الرحمن، ديفيد كيناستون، لويزة ليم، ديفيد ماركواند، جيمس ميك، ولارا باوسون.
يُذكر، أن جورج أورويل، وهو الاسم المستعار له والذي اشتهر به، صحافي وروائي بريطاني، ولد في 25 يونيو/ حزيران 1903، وتوفي في 21 يناير/ كانون الثاني 1950. اشتهر عمله بالوضوح والذكاء وخفة الدم، والتحذير من غياب العدالة الاجتماعية، ومعارضة الحكم الشمولي، وإيمانه بالاشتراكية الديمقراطية. كتب في النقد الأدبي والشعر الخيالي والصحافة الجدلية. أكثر شيء عرف به هو روايته "1984" التي كتبها في العام 1949، وروايته المجازية "مزرعة الحيوان" التي كتبها العام 1945، واللتان باعتا أكثر من أي كتاب آخر لأي من كتاب القرن الواحد والعشرين.
كان كتابه "تحية لكتالونيا" والتي أصدره في العام 1938 ضمن رصيد خبراته في الحرب الأهلية الإسبانية، والمشهود به على نطاق واسع على أنه مقال ضخم في السياسية والأدب واللغة والثقافة.