شاركت جموع من التونسيين، انضم إليهم قادة ومسئولون أجانب، أمس الأحد (29 مارس/ آذار 2015) في العاصمة التونسية في مسيرة «ضد الإرهاب» رداً على الاعتداء الدامي على متحف باردو، وذلك بعيد إعلان السلطات عن مقتل زعيم أبرز مجموعة إسلامية متطرفة في تونس.
وردد المتظاهرون «تونس حرة، والإرهاب على برا»، فيما لوَّح كثيرون منهم بالأعلام التونسية.
وانضم إلى المسيرة ظهر أمس الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي رفقة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي ورئيس الوزراء الجزائري عبدالمالك سلال ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الغابون علي بونغو.
وأشاد قائد السبسي (88 عاماً) بالشعب التونسي «الذي أثبت أنه لن يرضخ للإرهاب» كما شكر جميع القادة والدول المشاركة مضيفاً «شكراً للجميع وأقول للشعب التونسي إلى الأمام، لستَ وحدك».
ولم تقدم السلطات على الفور أية تقديرات بشأن عدد المشاركين في المسيرة التي تذكر بالمسيرة التي نظمت بباريس في يناير/ كانون الثاني.
وقال طايع الشيحاوي الذي ذكر أنه جاء من سيدي بوزيد (وسط) للمشاركة في المسيرة إن «جميع هؤلاء الأشخاص أتوا ليقولوا اليوم لا للإرهاب ولتوجيه رسالة إلى الإرهابيين: لا يمكنكم الإساءة إلى تونس».
وقالت فضيلة لحمر الستينية من جهتها «ليذهب هؤلاء الإرهابيون إلى الجحيم، ويدعونا نعيش بسلام».
وسار القادة وسط خليط من المسئولين والصحافيين مسافة مساحة متر أغلقت بالكامل من قبل شرطة مزودين بأسلحة آلية في حين كانت مروحيات تحلق فوق المنطقة وتمركز قناصة القوات الخاصة فوق الأسطح المحيطة.
وسار الموكب الرسمي في الساحة التي تضم مبنى البرلمان ومتحف باردو. وتولى القادة تدشين نصب تذكاري في شكل لوحة فسيفساء تضمن أسماء ضحايا اعتداء 18 مارس وهم 21 سائحاً أجنبياً وشرطياً تونسياً.
وقال الرئيس الفرنسي في تصريحات صحافية إن «الإرهاب أراد ضرب تونس البلد الذي دشن الربيع العربي والذي أنجز مساراً مثالياً في مجال الديمقراطية والتعددية والدفاع عن حقوق المرأة».
وقبيل بدء المسيرة، أعلن رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد أن زعيم أكبر جماعة متطرفة في تونس الجزائري لقمان أبوصخر المتهم بأنه قاد الهجوم على متحف باردو، قتل السبت بأيدي القوات التونسية.
وقال رئيس الوزراء للصحافة إن القوات التونسية «تمكنت أمس الأول (السبت) من قتل أهم عناصر كتيبة عقبة بن نافع وعلى رأسهم لقمان أبوصخر». ووصف ذلك بأنه «عملية مهمة جداً في برنامجنا لمكافحة الإرهاب».
وبحسب المتحدث باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي فإن تسعة إسلاميين متطرفين قتلوا في منطقة قفصة (وسط غرب). وأضاف «نحن مسرورون جداً... كانوا من أخطر الإرهابيين في تونس».
وكانت الوزارة اتهمت يوم الخميس الماضي كتيبة عقبة بن نافع التي تدور في فلك تنظيم «القاعدة» في المغرب الإسلامي بالوقوف وراء الهجوم على المتحف، على رغم أن تنظيم «داعش» المنافس قد أعلن مسئوليته عنه.
وكتيبة عقبة بن نافع وعشرات المقاتلين التونسيين والأجانب فيها مسئولون كما تقول السلطات عن مقتل العشرات من عناصر الشرطة والجنود منذ ديسمبر/ كانون الأول 2012.
ونجحت تونس مهد الربيع العربي، رغم الاضطرابات في إنهاء عمليتها الانتقالية بانتخابات نهاية 2014، لكن الاستقرار في هذا البلد لايزال مهدداً بالتطرف الإسلامي.
وأعلنت حركة «النهضة» الإسلامية التي تشارك في الائتلاف الحكومي إلى جانب خصوم الأمس، مشاركتها في التظاهرة واصفة الإرهاب بأنه «عدو الدولة والثورة والحرية والاستقرار والتنمية».
بدوره، دعا الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) «جميع أعضائه (...) ومجمل الشعب التونسي إلى المشاركة بكثافة» في التحرك.
لكن الجبهة الشعبية اليسارية المعارضة أعلنت أنها لن تشارك في المسيرة «بسبب نفاق» بعض المشاركين، في إشارة واضحة إلى حركة «النهضة».
وقال الناطق باسم الجبهة حمة الحمامي إنه لا يريد أن تكون المسيرة «وسيلة للتغطية على المسئوليات (...) بشأن انتشار الإرهاب».
وبعد الاعتداء على المتحف، نددت فئة من اليسار بمشاركة «النهضة» في أي شكل من الوحدة الوطنية «ضد الإرهاب»، معتبرة أن الحركة الإسلامية كانت متراخية في مواجهة التيار الإسلامي المتطرف حين تولت السلطة بين نهاية 2011 وبداية 2014.
العدد 4587 - الأحد 29 مارس 2015م الموافق 08 جمادى الآخرة 1436هـ