قال عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة: «لعل أهم التحديات، هو ما يواجهه اليمن الشقيق من أوضاع وتطورات متسارعة ومؤثرة على أمننا القومي أدت إلى استجابتنا والأشقاء العرب، لدعوة عاهل المملكة العربية السعودية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بتلبية طلب رئيس اليمن الشقيق عبدربه منصور هادي، بالتدخل العسكري الفوري، وبتأييد دولي كبير لإعادة الأمن والاستقرار والشرعية باليمن الشقيق، كإجراء حاسم لابد منه».
جاء ذلك خلال مشاركة عاهل البلاد ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية في الجلسة الافتتاحية لأعمال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورته العادية السادسة والعشرين والتي بدأت أمس السبت (28 مارس/ آذار 2015)، بقاعة المؤتمرات الدولية بمدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية الشقيقة.
وقبل بدء الجلسة الافتتاحية صافح جلالة الملك رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة عبدالفتاح السيسي الذي رحب به، شاكراً جلالته على تلبيته دعوته والمشاركة في القمة.
وقد ألقى جلالة الملك كلمة سامية هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
فخامة الأخ الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة،
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
أصحاب المعالي والسعادة، الحضور الكرام،
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته،
انه لمن دواعي سرورنا، أن نشارك في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، وأن نهنئ أخينا فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة، على استضافة هذه القمة وترؤسها، بما سيسهم في قيادة سفينتنا العربية إلى بر الأمان بكل حكمة واقتدار، في ظل الظروف الصعبة والدقيقة من تاريخ أمتنا، فمصر، وعلى مر العصور كانت ومازالت، هي السند للعرب، وصاحبة الريادة في الدفاع عن قضايا أمتنا ومصالحها، شاكرين فخامته والشعب المصري الشقيق على حسن الضيافة وحفاوة الاستقبال.
ونتقدم بالشكر أيضاً إلى أخينا صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، لما اضطلع به سموه من جهود متميزة، ومبادرات كثيرة، تصب في مصلحتنا وتعبر عن آمالنا، وعلى مبادراته الدائمة في العمل على رأب الصدع وتعزيز اللحمة، بما أدى إلى نتائج مثمرة وملموسة، خلال فترة ترؤس سموه للقمة العربية في دورتها السابقة، فله منا عظيم الامتنان والتقدير.
كما نقدر الجهود الكبيرة التي يقوم بها أمين عام جامعة الدول العربية، نبيل العربي، الذي لم يدخر وسعاً في متابعة القضايا العربية وتقديم مقترحاته وأفكاره البناءة لمصلحة العمل العربي المشترك، ونشيد بدوره المقدر والمهم في اتخاذ الخطوات المطلوبة من أجل إنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان، كما نتقدم له ولجميع العاملين في الأمانة العامة للجامعة بالشكر على الإعداد الجيد لهذه القمة.
الاخوة الكرام،
إن اجتماعنا هذا يعبر عن التئام الشمل العربي، وينقل للعالم بأسره أن العرب هم متحدون في مواقفهم، ويتبادلون الرؤى فيما بينهم، ويناقشون قضاياهم بصراحة، ويأخذون قراراتهم بحكمة وروية، ويحرصون على تنفيذها بأمانة وشفافية وصدق، إحساسا بالواجب القومي، ولمواجهة التحديات الجسام في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ أمتنا.
ولعل أهم هذه التحديات، هو ما يواجهه اليمن الشقيق من أوضاع وتطورات متسارعة ومؤثرة على أمننا القومي أدت إلى استجابتنا والأشقاء العرب، لدعوة أخينا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية حفظه الله، بتلبية طلب فخامة الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس اليمن الشقيق، بالتدخل العسكري الفوري، وبتأييد دولي كبير لإعادة الأمن والاستقرار والشرعية باليمن الشقيق، كإجراء حاسم لابد منه، تمليه علينا المسئولية التاريخية، ويستند على ميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربي المشترك، وتأكيداً منا على التضامن العربي مع اليمن وقيادته الشرعية، وحرصاً على سيادته واستقلاله ووحدة شعبه وأراضيه، وحماية محيطه الإقليمي في باب المندب وبحر العرب، التزاماً منا بحفظ الأمن والسلم الدوليين وحرية الملاحة والتجارة العالمية مؤكدين أن هذه الخطوة لم تتخذ إلا بعد استنفاد جميع الوسائل والمساعي والجهود الإقليمية والدولية لاحتواء الأزمة، وأهمها المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، التي توافق عليها جميع اليمنيين.
الاخوة الكرام،،
من منطلق حرصنا على أمن واستقرار المنطقة من جميع النواحي، فإننا نؤكد أهمية اعتماد هذه القمة مبدأ إنشاء قوة عربية عسكرية مشتركة، في إطار المواثيق العربية والدولية، تكون مهمتها التدخل العسكري السريع لرد أي اعتداء يهدد أمن واستقرار وسيادة أي من دولنا العربية.
وفي هذا السياق، فإننا نؤكد أيضاً موقفنا الرافض لانتشار أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط وأهمية إعلانها منطقة خالية من هذه الأسلحة، ومحاربة التطرف الفكري والتشدد المذهبي وانتشار الإرهاب البغيض المتعدد الأشكال والمظاهر والشعارات في المنطقة.
الإخوة الكرام،،
إن كانت قضايانا وتحدياتنا اليوم، متعددة ومتشعبة، فإن مواقفنا هي ذاتها، ثابتة لا تتغير، وفي مقدمتها التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية، طبقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية، وضرورة وقف الاستيطان ورفع الحصار الإسرائيلي الجائر على قطاع غزة، كما نؤكد حق الإمارات العربية المتحدة في استعادة جزرها الثلاث المحتلة من قبل إيران وفقاً لمبادرتها السلمية بالتفاوض أو باللجوء لمحكمة العدل الدولية. ونؤيد حق إخواننا في سورية والعراق وليبيا في الحفاظ على سيادة دولهم وسلامتها الوطنية، وبناء نظامهم السياسي بحرية واستقلال، دون تدخل من أية قوة خارجية.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
إن التحدي الذي تواجهه أمتنا، بالغ الصعوبة والخطورة، وعلينا أن نكون عند مستوى هذا التحدي، كقوة واحدة متماسكة كالبنيان المرصوص يسند بعضه بعضاً. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يسدد على طريق الخير والحق خطانا بما فيه مصلحة شعوبنا وهو ولي التوفيق.
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
العدد 4586 - السبت 28 مارس 2015م الموافق 07 جمادى الآخرة 1436هـ