في كل دول العالم يتحدث الساسة عن مكافحة الفساد بكل أشكاله ومسمياته، ويعتبرون كل ممارسة مالية أو إدارية أو بشرية فيها تمييز فساداً. وعلى هذا المعيار يكون التمييز في التوظيف فساداً، والتمييز في الترقيات والحوافز والمكافآت فساداً، والتمييز في الخدمات الصحية والإسكانية فساداً، والتمييز في الحقوق والواجبات، وفي الإعلام والعلاقات الإنسانية والاجتماعية فساداً؛ والتمييز في المحاسبة والمساءلة، أو الثواب والعقاب فساداً، لأنها جميعاً تعلم عن مدى خطورته الكبيرة على المال العام وجودة الإنتاج والاقتصاد والتنمية، وتؤثر على كل مناحي حياة المواطن المعيشية والاجتماعية والإنسانية، وممارسته تشكّل طوقاً خانقاً على عامة الناس.
وفي الدول الديمقراطية، يقدّم الكثير ممن ثبت عليهم جرم الفساد المالي على وجه الخصوص إلى المحاكمة، والكثير منهم يحكم عليه بأحكام قضائية مغلظة. وأكثر دول العالم وضعت قوانين تجرّم الفساد وتعاقب عليه بأشد العقوبات، وقد أعطت لمجالسها البرلمانية كامل الصلاحية في الرقابة والتشريع، وقامت بتطبيق القانون على كل مفسد من دون تمييز عرقي أو ديني أو مناطقي، وشكّلت في مؤسساتها الرسمية لجاناً خاصة لمكافحة الفساد، لمعرفتها الأكيدة أن السكوت عن الفساد أو التغافل عنه أو التسويف أو التجاهل في مساءلته ومحاسبته، يشجّعه ويزيد في اتساعه وتكثر أتباعه.
وقد أثبتت تجارب الدول الديمقراطية أن تأخير المحاسبة عند ثبوت الجرم بالبينة المشهودة، له تداعيات سلبية خطيرة على بلدانها ومواطنيها، وعلى التنمية بصورة شاملة، ورغم كل الإجراءات الصارمة التي تتخذها ضد الفساد، لم تستطع القضاء عليه نهائياً، لماذا؟
لأن للفساد أعواناً ومريدين، يعملون لتحقيق مصالحهم الشخصية أو الفئوية الضيقة، ولا يحصلون عليها إلا إذا ساروا في دائرة الفساد، بعيداً عن المصلحة العامة لبلدانهم. وهم يجتهدون في البحث عن ثغرات قانونية ليفلتوا من المساءلة والعقاب، ويبذلون الجهود الكبيرة ويستخدمون كل وسائل التحايل المتاحة لإخفاء فسادهم عن الناس. وتراهم يتحسّسون كثيراً إذا ما سمعوا أحداً يطالب بمكافحة الفساد، وإذا ما تحدّثوا عن الرشوة والاختلاس والإضرار بالمال العام، واستغلال الوظيفة أو النفوذ، وإساءة استعمال الوظيفة، ويستنفرون كل قواهم من أجل إسكات كل صوت يطالب بمحاربة الفساد، لأنهم يعتقدون أن زوال الفساد من بلدانهم يعني زوال مواقعهم الوظيفية والاجتماعية والاقتصادية، فهم يرتاحون كثيراً من الذين يغمضون أعينهم عن فسادهم وعن آثاره وتداعياته الخطيرة، ولا يسمعون أنين ضحاياه الذين استغلهم وأخذ منهم كل ما يملكون. فالدول الديمقراطية في العالم تحرص على إيجاد بيئة رافضة للفساد بكل وضوح، حتى لو تلون بألوان مزيفة، وأعطى نفسه مسميات وعناوين جميلة.
وللبيئة والرأي العام وتطبيق القانون والمحاسبة والمساءلة والعقاب أهمية كبرى في تحجيم الفساد والتقليل من آثاره الخطيرة، أو العكس بتكبيره وزيادة آثاره وتداعياته السلبية. ولا يمكن لأية دولة في العالم أن تقي نفسها من الفساد إلا إذا كانت جادّةً في مكافحتها له بكل الوسائل القانونية.
ولا شك أن الفساد يساهم بصورة مباشرة في إضعاف البنية التحتية، ويكون سبباً في إهدار المال العام، وزيادة الفقر، وتفاقم البطالة وتعاظم المشكلات والأزمات الاقتصادية والإنسانية في المجتمعات، فلهذا قالوا إن الفساد وحب الوطن المتضادان في أخلاقياتهما لا يمكنهما أن يجتمعا في قلب واحد، فالقلب المحب لوطنه والمخلص لشعبه بكل مكوناته يرفض الفساد حتى بمستوياته المتدنية جداً.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 4585 - الجمعة 27 مارس 2015م الموافق 06 جمادى الآخرة 1436هـ
يسرقون
يسرقون اموال الشعب واذا الشعب طالب بحقه سجنوه لايريدون احد يتهمهم بالفساد يعنى كله هم الصح والمطالبين بالحق غلطانين المشتكى لله
وأمثالهم كثر في البحرين
يا ريت تكون هناك التفاته صادقة لمحاربة الفساد
مقال رائع
ولكن في بلداننا الوضع مختلف حيث يوجد فساد ولكن لا يوجد مفسدين ولذا لا نستطيع المحاسبة فزاد إهدار المال العام وزاد الفقر وزادت البطاله وزادت المشكلات السياسيه والاجتماعية وارتفعت الفائدة على الدين العام كل ذلك حدث لعدم تمكن الدولة من التوصل الى المفسدين
من أنتم؟
إذا كان خصمك القاضي فمن تقاضي؟