العدد 4584 - الخميس 26 مارس 2015م الموافق 05 جمادى الآخرة 1436هـ

كفاءة جسدها... جعلتها تترقى...

فاطمة النزر

أخصائية علاج نفسي

ترددت كثيراً قبل أن أكتب لكم هذا الموضوع، ربما لحساسيته وتأثيره بإحدى حالاتي المصابة بالاكتئاب الخفيف (وقد استأذنتها في طرحه) لتكراره بشكل ملاحظ مع عدد من الأصدقاء والذين تعاملوا مع الموقف بطريقة أخرى وهي العمل خارج البلاد، وكأخصائية نفسية فقد رأيت أنه حتى تعامل أصدقائي مع الموقف هو نوع من الاكتئاب، تبعه هروب لتجنب ما يحدث.

لستُ كاتبة متمرسة أو محللة للمواقف التي تحدث في البلاد ولكني أراها من جانب ومنظور مختلف تحدده طبيعة عملي ودراستي، ففي الفترة الأخيرة ترددت على الكثير من الحالات التي تعاني من إحباطات متكررة في مجال العمل وهذا ما انعكس بالتأكيد على العديد من الجوانب الأسرية والزواجية والصحية وما دعمها حديثي مع أحد الأصدقاء في المجال الطبي، فقد أكد لي أن العديد من المرضى الذين يترددون عليه لا يعانون من مرض جسدي واضح المعالم، إنما هي أمور نفسية والتي تسمى في مجال عملي (الأمراض السيكوسوماتية) وهي أمراض يكون سببها العمليات الذهنية للمريض بدلاً من كونها ذات أسباب فسيولوجية «جسمية»، مثل: الصداع النصفي، والأكزيما، والقرحة، والقولون العصبي... إلخ، وفي حالة إجراء فحص طبي، لا يظهر لهذه الأمراض أي أسباب جسمية أو عضوية، أو في حال حدوث مرض ناتج عن حالة عاطفية أو مزاجية مثل الغضب أو القلق أو الكبت أو الشعور بالذنب، في هذه الحالة تعد مثل هذه الحالات أمراضاً نفسية جسمية.

وربما ما دفعني للكتابة هو ما رأيته شخصياً في نوعية الشخصيات التي باتت في الفترة الأخيرة تتبوأ بعض المراكز المهمة، والتي يجزم الكثيرون أنها لا تستحق ما تصل إليه ورغم أني من أكثر النساء تشجيعاً للكفاءات النسائية إلا أني أحددها كغيري في المعيار العلمي والوظيفي وليس المعيار الجسدي. ففي الحالات المترددة عليّ أو على زملائي الأطباء من التخصصات المختلفة نرى حالة من الإجهاد النفسي العامة منتشرة.

فهذا الشاب المحبط يجلس لتدمع عيناه ويتذكر كيف أن من أصبحت مديرته في ليلة وضحاها كانت مطرودة من الجامعة لسوء أخلاقها والآن باتت تتحكم في مصيره، أو تلك الحالة التي تؤكد لي فشل مسئولتها في الدراسة إلا أنها باتت وكأنها تنتقم من تفوق موظفتها عليها في تلك الأيام السابقة.

وشخصياً كثيراً ما أخذ دور الأخصائي المستمع واستخدم تقنيات التفريغ الانفعالي لهذا النوع من الحالات والذي يعتمد على الثقة عند البدء في عملية التفريغ الانفعالي حيث يتطلب منه مساعدة الشخص المصدوم على إعادة بناء خبراته في إطار معرفي جديد (anew cognitive structure)، مع تجنب إثارة أعراض نفسية جديدة، بل تركه يعبر عن أفكاره ومشاعره ويصف خبراته السابقة، إلا أني لا أنكر مقدار الأسى الذي أشعر به لما وصل إليه الحال في الفترة الأخيرة، إلا أني أحاول المساعدة وليكن الله في عوني.

فاطمة_السيكولجست: العواطف المدفونة والتى نسيناها هى أكبر حجماً وأشد عنفاً من العواطف التى نحس بها وندركها بشعورنا الواعي.

إقرأ أيضا لـ "فاطمة النزر"

العدد 4584 - الخميس 26 مارس 2015م الموافق 05 جمادى الآخرة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 3:07 ص

      شكرا

      موفقة استاذة فاطمة وان شاء الله قلمك هذا يكون بادرة خير لحل هذه المشكله

    • زائر 3 | 12:08 ص

      الله

      الله مع كل مظلوم وهذه الموجه من التاسانومي التي ازاحت اصحاب الشهادات العليا والمثقفين والدارسين ليل ونهار يتم استبدالهم بدون تعب ولا سهر ولا تضحيات ولا كفاءه ولاضمير وضاعت كلمت من عرق جبيني عندهم واستبدلت بالدهاء والمكر والكذب والنفاق والفتن الله يبعدنا عنهم بحق محمد وآله الاطهار

اقرأ ايضاً