عمّان - محمد باقر أوال
تضم منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 6 في المئة من سكان العالم وأقل من 2 في المئة من الموارد المائية المتجددة في العالم. فهي المنطقة الأكثر جفافاً في العالم، حيث تضم أكثر 12 بلداً في العالم من حيث ندرة المياه: البحرين والجزائر والكويت والأردن وليبيا وسلطنة عمان والأراضي الفلسطينية وقطر والسعودية وتونس والإمارات واليمن. إذ يعاني أكثر من أربعين مليون شخص في العراق والأردن ولبنان وسورية وتركيا من انعدام الأمن المائي. ويعتبر اللاجئون والمشرّدون داخل الدولة نفسها والمجتمعات المضيفة لهم، أكثر الفئات ضعفاً في ظل ما تواجهه المنطقة من تحديات التطرف والنزوح والجفاف واستنزاف المياه.
ومع ذلك فإن بعض أجزاء المنطقة (تحديداً البلدان ذات الدخل الأعلى في مجلس التعاون الخليجي) تسجل بعض أعلى معدلات استهلاك المياه للفرد في العالم. وتشهد بلدان مجلس التعاون الخليجي أيضاً أكبر الفجوات بين إمدادات المياه المتجددة والطلب: فالبحرين تستخدم 220 في المئة من احتياطي المياه المتجددة لديها مقابل 943 في المئة في السعودية و2465 في المئة في الكويت.
وخلال السنوات الثلاثين الماضية انخفض مستوى المياه الجوفية في الإمارات نحو متر واحد كل عام. وبالمعدل الحالي، من المقدر أن تستنفد الإمارات مواردها من المياه العذبة الطبيعية خلال نحو 50 عاماً.
بذلك أطلق رئيس مبادرة السلام الأزرق المائية ورئيس مجلس إدارة «معهد غرب آسيا وشمال إفريقيا (WANA) الأمير الحسن بن طلال، في مؤتمر استكشاف روابط المياه والسلام «السلام الأزرق في غرب آسيا» الذي عقد في العاصمة الأردنية عمّان (18 - 19 مارس/ آذار 2015) تقريري «انعدام الأمن المائي»، و «المياه والعنف في منطقة الشرق الاوسط»، اللذان أعدّتهما مجموعة الأبحاث الإستراتيجية (SFG)، الذي عُقد في العاصمة الأردنية، عمّان في نادي الملك حسين بتمويل من حكومة السويد والوكالة السويسرية للتنمية الدولية، وحضور الأميرة سمية بنت الحسن ووزراء ونواب وسفراء وصنّاع قرار وخبراء.
ودعا الامير الحسن إلى ضرورة وجود تعاون بين الأردن ودول مجلس التعاون في مجال الربط الكهربائي، وفي رده على سؤال من «الوسط»، قال: «أنا مع الأخذ بدراسة كافية مع جميع أوجه التعاون مع جميع دول مجلس التعاون والأردن ذات محتوى في مجال الربط الكهربائي، ولكن إذا أعلن عن شيء لا يعني أنه نفذ».
وأضاف «تحدثنا مع المملكة العربية السعودية بشأن الربط الكهربائي، إلا أنهم قالوا إنهم بصدد القيام بالتعاون مع تركيا في هذا المجال».
إلى ذلك، أشار التقريران إلى الآثار السلبية على سكان المناطق التي تتعرض للكوارث المائية والتي تحدث في ظل الفقر والبطالة والنزوح والجفاف وعدم تمكين المرأة إضافة إلى مشكلة القطاعات السكانية التي يتم إضعافها من خلال استغلال المياه كسلاح أو هدف في النزاعات العنيفة في منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا.
ودعا الأمير الحسن صناع السياسة لتطوير استراتيجيات بين قطرية تستند إلى مقاربة تركز على الكرامة الإنسانية، بغية الارتقاء بالأمن المائي للناس والبلدان في الإقليم، مجدداً تأكيده على «تعاون وحوار مع غرب آسيا وشمال إفريقيا فيما يتصل بالمياه والطاقة والبيئة الإنسانية». مضيفاً «يمكننا أن نتخيل إقليماً صالحاً للأجيال القادمة فقط عبر تفكير مترابط».
واعتبرت السفيرة السويدية في عمان هيلينا ريتز أن «السويد ستبقى مستمرة في دعم الإدارة الأفضل للموارد المائية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا». مضيفة «إني أرحب بالتقارير التي قدمت في هذا اليوم باعتبارها إسهامات مهمة في فهمنا بشأن كيفية إدارة المياه، على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية، وأنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتنمية الأمنية والاقتصادية والاجتماعية».
من جهته، أكد رئيس مجموعة الاستبصار الاستراتيجي سنديب واسليكار، «آن الأوان للقادة وشعوب المنطقة للاستجابة إلى هذه المشاكل الاستراتيجية المتداخلة بشكل طارئ بروح من الرأفة والتعاون وإن عملية السلام الأزرق يمكنها أن تساعد في هذا المسعى لتحقيق هدف جعل المياه ليس مصدراً للأزمات وحسب بل أداة لتحقيق السلام».
وكرر الأمير الحسن، الدعوة إلى «تعاون وحوار لغرب آسيا وشمال إفريقيا فيما يتصل بالمياه والطاقة والبيئة الإنسانية. يمكننا أن نتخيل إقليماً صالحاً للأجيال القادمة فقط عبر تفكير مترابط».
وقال إن «إقليم غرب آسيا وشمال إفريقيا (وانا) هو من الأقاليم الأكثر شحاً في المياه؛ فمعدلات هطول الأمطار المنخفضة المترافقة مع الإدارة السيئة والإفراط في استهلاك المياه تُفاقم الفجوة بين عرض المياه والطلب عليه».
وأضاف أن «هذا الحدث الذي استمر ليومين، والذي جمع صانعي السياسة وقيادات فكرية وخبراء فنيين وأكاديميين من الأردن ولبنان والعراق وتركيا، أتاح المجال لتبادل الخبرات في مجال التعاون المائي، كما أنه استكشف الأواصر بين الأمن المائي والزراعة والأمن الغذائي، فضلاً عن التأثير في الكيانات السكانية الهشة، طالما أن سكان المنطقة في نمو مستمر، سيتزايد الطلب على الماء، وبالأخص في بلدان تستضيف لاجئين ونازحين».
ويرى الأمير الحسن أن إيجاد منهج إقليمي وخطة استجابة مرنة للتعامل مع قضايا المياه في دول إقليم الشرق الأوسط الأردن ولبنان والعراق وسورية وتركيا يساهم في تحقيق الأمن المائي والاقتصادي.
وقالت المديرة التنفيذية لـ «وانا»، إريكا هاربر «طالما أن سكان المنطقة في نمو مستمر، سيتزايد الطلب على الماء، وبالأخص في بلدان تستضيف لاجئين ونازحين. وعندما تصل الفجوة بين عرض الماء والطلب عليه إلى نقطة حرجة، فسيكون هنالك خطر وجودي بحيث تصبح المياه سبباً للصراع والكوارث الإنسانية».
وأضافت «هذه الدوافع تجعل من المياه إحدى أكثر الموارد حساسية في منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا». وتابعت «فقد أظهر تقرير «انعدام الأمن المائي» أن أكثر من 40 مليون شخص في الأردن والعراق ولبنان وسورية وتركيا غير آمنين بالشكل الكافي من حيث الحصول على المياه بشكل فعال كما صنف التقرير الأمن المائي في 30 محافظة في خمس دول تشترك منها حدودياً كذلك يسلط التقرير الضوء على أن الضعف المائي ونقص المياه يعدّان العاملين الرئيسيين للنزوح».
وتناول المؤتمر موضوعات الرابط بين المياه والسلام، والمجموعات الضعيفة والأمن المائي، ونحو سياسة إقليمية للمرونة والتعاون بشأن المياه، إلى تسهيل تبادل الخبرات بين أصحاب المصلحة من إفريقيا وغرب آسيا والتعاون في مجالات المياه التي تتضمن أحواض الأنهار والموارد المائية العابرة للحدود، واستكشاف الروابط بين الأمن المائي والزراعة والأمن الغذائي وأثر ذلك على الفئات الضعيفة من السكان ومناقشة نتائج أبحاث مجموعة الاستبصار الاستراتيجي ومعهد غرب آسيا وشمال إفريقيا (وانا) بشأن الرابط بين انعدام الأمن المائي والمياه والعنف وكيفية قيادة وتأثير انعدام الأمن المائي والغذائي لحركة اللاجئين. الضعف المائي ونقص المياه يعدّان العاملين الرئيسيان للنزوح.
وقلل مشاركون، خلال جلسات الأمن المائي، من أهمية الحديث عن التداعيات السياسية التي قد تؤدي إلى خلق أزمة مائية بين دول المنطقة العربية، مركزين على ضرورة حل مشكلة المياه بعيداً عن الجدل السياسي واتفاقيات السلام، وتعاون دول الإقليم في حل مشكلة المياه.
بينما جدد المؤتمر تأكيده «شرط» توفر الإرادة السياسية لإيجاد تعاون مائي مستدام، وسط أهمية تشكيل رأي عام ضاغط.
من جهتها، أشارت الأمين العام الأسبق لوزارة المياه ميسون الزعبي إلى «غياب المؤسسية عن معظم الاتفاقيات المتعلقة بالتعاون المائي بين الدول المشتركة بالمياه العابرة للحدود».
وأكدت، خلال جلسة فرعية تناولت موضوع الإرادة السياسية في التعاون المائي «ضرورة أن تقوم الاتفاقيات المشتركة بوضع آليات لتنفيذها بشكل حقيقي وحتى يكون الجانب الإسرائيلي شريكاً حقيقياً لتوفير حصة عادلة ومتوازنة من المياه».
وحذرت «من احتمالية حدوث النزاعات المتعلقة بالمياه واستخدام المياه كسلاح شامل في ظل غياب منهجيات جديدة، رغم تواجد اتفاقيات ثنائية بين الدول المتشاركة بالحدود المائية إلا أنها «غير كافية».
بدوره، أكد وزير حقوق الإنسان الأسبق في العراق باختيار أمين «إن المياه أصبحت وسيلة للإرهاب من قبل «داعش» حيث يمارس العنف في البنية التحتية البيئية والمائية ما يؤدي لانتهاك حقوق مواطني تلك المناطق».
من جانبه، لفت عضو البرلمان التركي آيغمين باغيس إلى رصد هجمات ملحوظة وفق جدول زمني متسلسل على منشآت مائية منذ العام 1960 وحتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2015. بينما ذكر رئيس التعاون الإقليمي من وزارة الخارجية العراقية وليد شلتاغ أن «هناك إرهاب ممارس من قبل «داعش»، والذي يستهدف البنية التحتية والسدود للعراق».
وأكدت المدير التنفيذي لمعهد (WANA) إريكا هاربر على ضرورة التوصل لتحقيق الأهداف المدرجة لما بعد الـ2015، مؤكدة على «أهمية إيجاد نوع من التوازن الطموح في التعاون المائي بالتوازي مع وجود خطاب إقليمي شامل لإمكانية وضع استراتيجية شاملة لحل مشاكل المياه».
بينما أكد المدير التنفيذي لمبادرة حوض النيل من كينيا جون راو نيارو ضرورة توفر استراتيجية ميكانيكية لفض النزاعات على المياه بين الدول المتشاركة فيها. في حين قال قائد فريق الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية في كينيا فريد موانغو إنه «لا يوجد بديل عن التعاون الإقليمي، حيث إنه المخرج الوحيد للتعاون في الأنهار العابرة للدول حيث لا يمكن تجاهل أي منها».
وقالت مديرة برامج مجموعة الاستبصار الإستراتيجي امبيكا فيشواناث: «نحتاج إلى مزيد من الاستفادة من الخبرات المائية والبيئية والزراعية، وضرورة تكريس الجهود لإرسال قواعد السلام المائي لتلك المناطق، وتوسيع شبكات الشراكة في مجالي المياه والإعلام». مضيفة «إلى المشكلات التي تواجه منطقة الشرق الوسط وشمال إفريقيا».
ويرى وزير حقوق الإنسان الأسبق بختيار أمين: إن «سدود العراق والأنهار استخدمتها داعش كأسلحة لإيذاء الناس، هم سيطروا على بعض السدود لكن البعض منها تحرّر في الموصل، معبراً عن تمنياته بأن نحمي مصادرنا المائية وأن نتعاون حيث إن عدداً كبيراً من المجتمعات أصبح من اللاجئين في لبنان والأردن والعراق».
وأشار إلى أن «داعش يسيطر على مناطق مهمّة وعلى أنابيب مهمة من البصرة إلى تركيا. والإسلام بريء كلّ البراءة من هذا النوع من الجرائم».
العدد 4584 - الخميس 26 مارس 2015م الموافق 05 جمادى الآخرة 1436هـ
المياه رهن النزاعات
لانتمنى ان ياتي يوم ونكون في نزاع من اجل المياه، لانها عصب الحياة وهي التي تؤمن لنا الامن الغذائي في المنطقة.
اذا فالنحافظ على المياه ونحاول معرفة ما يكون في الدول الاخرى من مشاكل للمياه وايجاد حلها قبل ان تتفاقم وتصل الى نزاع.