توظيف المُعوق... حقٌّ يسلبه المجتمع قبل المؤسسات
عندما يكون الحديث عن موضوع إنساني يقع محط الاهتمام، كحقوق المعوقين، يسارع المجتمع على الدوام لحمل لواء الإنسانية المتمثل في إطلاق شعارات المطالبة بالحقوق المادية على افتراض أنها حلٌّ يعوض نقصهم، في حين أن الإعاقة الحقيقية التي تستدعي حلاً جذرياً لا تقع في الوظائف العقلية أو الجينية لدى البعض، أو في أعضاء وحواس من أحاله القدر إلى ذلك، بل تتموقع في وعي المجتمع نفسه لحالات بلغت نسبتها نحو 0.6 في المئة من سكان مملكة البحرين.
فالحديث عن ذوي الإعاقة هنا ليس تكراراً لما ذكر مراراً، بل للإشارة إلى مفهوم (الحقوق) التي اقتطعت أهم أجزائها، وحصرت في الدعم المادي كما خُصت به بعض الجهات، بينما غفلت عنه أعين العامة التي تجهل أن الأمر يتعدى ذلك إلى ما هو حق معنوي يتحقق بإدراك ماهية الإعاقة وسيكولوجيتها. وهنا تقع المغالطة في الحكم علـى المعوق إما بوضعه في قالب يستحق العطف والشفقة أو تجليله باعتباره الكائن الأسطوري الموهوب بالمطلق!
بيد أننا نجد المعوق يبحث في ذاته الإنسانية التي تجمع في ثناياها بين الطاقات والإبداع ما يستحق أن يظهر على السطح، وبين العجز والتثبيط ما قد يهيمن عليه ويلحق به الفشل الذريع. وهنا يأتي دور المجتمع الواعي بأهمية توظيف المعوق ذاته قبل أعضائه وحواسه.
إن مطالبة 1266 شخصاً من ذوي الإعاقة بحقهم في التوظيف ومعاناة ما يزيد على 500 شخص منهم من البطالة يحتم على المجتمع قبل الإشارة بأصابع الاتهام للقطاعات وأصحاب المؤسسات، التمعن في حقيقة الأدوار المجتمعية التي منحها إياهم منذ الطفولة، ليجد أن لا شيء سوى الاستثناء من كل مجال يتطلب إبداعاً ومجهوداً بشرياً بحجة إراحتهم، وبالتالي لن يعود للوظيفة الرسمية التي أتت في وقت متأخر نسبياً الفضل الكبيـر في استبدال الصورة النمطية والطاقات المحدودة التي لُقنت منذ نعومة الأظفار.
الأهم من هـذا كله هـو أن ليست كـل الوظائف محصـورة في تلك التي تتكرم بها بعض الجهات لقاء المساهمة في حل بعض قضايا المجتمع، بل تتعدى ذلك إلى النظرة السويـة والثقة التي يستحقها أناس لم يخلقوا ليكونوا أقل نجاحاً من غيرهم. والنماذج على ذلك كثيرة لشخصيات عانوا من أسوأ أنواع الإعاقة، حققوا من خلالها نجاحات لا يضاهيها نجاح الأصحاء. ولايـزال المجتمع يتساءل متفرجاً «ترى من وراء ذلك»!
زينب ترابي
بالقطع، ليس هناك إنسان (بريء) او عرق لا يستحق الإساءة والتحقير ناهيك عن التعذيب والقتل، ولكن هناك بعض الشعوب التي عُرف عنها المسالمة والوداعة، وربما ينطبق ذات الأمر والصفة على حكوماتها (الشعوب) ايضاً لذلك فأنت عندما تعرف او تخطط لأن تقابل احدهم تشعر براحة وألفة ولا تقلق او تحتمل هاجسا او قلقا.
تذكر على سبيل المثال الشعب الياباني، فاليابانيون شعب مختلف بكل ما للكلمة من معنى، يفرضون عليك احترامهم لأول وهلة، سواءً بهدوئهم او توددهم او طريقة التعبير عن تحيتهم وترحيبهم او كرمهم، وإن كانت لديهم بعض الأعراف والطقوس والغريبة والضاربة في القدم.
أحد السفراء المصريين السابقين في اليابان ألّف كتابا شائقاً عن تقاليد اليابانيين وعاداتهم، بإسهاب وتفصيل ممتع، فيما يتعلق ببعض عاداتهم، يقول فيه ان اليابانيين يبجّلون من ينهي حياته بعملية انتحار لسبب سامٍ وشريف بل وربما لسبب تافه (في نظرنا) أيضاً، كأن يرسب الطفل في احدى المواد الدراسية فتقدم الأم على الانتحار لإحساسها بتقصيرها في تعليم ولدها! او ان يقوم الأب بقتل نفسه لأن ولده الصغير سرق من احد المحلات سلعة ما، وذلك لشعوره بتحمّل مسئولية عدم تربية الابن التربية السليمة التي تحول دون الاقدام على تلك «الجريمة».
نعم، يحترم اليابانيون من يقدم على الانتحار لتلك الأسباب او غيرها باعتبار الانتحار (لسبب وجيه في نظرهم) هو تعبير عن الندم او دليل على نقاء الروح وصفاء النفس. ولكنهم مع ذلك يقدّسون الحياة فيظلون محافظين على كل جوانب الحياة الكريمة من صحة وتعليم وترفية واستخدام احدث التكنولوجيا لتسهيل اسلوب معيشتهم، منذ الحرب العالمية الثانية فإن اليابان لم تشارك (ميدانيا وبجنودها) في اي حرب واكتفت بالدعم الانساني او المشاركة في «حفظ السلام»، لذا فالشعب الياباني شعب مسالم وودود و(في حاله)!وهناك من قصص الدعم و المساهمة في التنمية التي توفرها الحكومة اليابانية وشعبها. هناك الكثير مما يروى ومنها على سبيل المثال فإنه في الثمانينيات قامت الحكومة اليابانية ببناء مستشفى ابن سينا بكامل معداته واجهزته الحديثة، وذلك لمجرد ان أحد الأطباء السودانيين كان قد عالج زوجة السفير الياباني في السودان.
نعود لنقول ان جميع الأعراق والشعوب محترمة ودمها حرام، ولكنك تصاب بالصدمة والحزن من إقدام عصابة «داعش» على قتل يابانيين اثنين ليس لهما علاقة بحرب ولا بعدوان ولا بتحريض، مما يشكّل هزّة عنيفة للشعب الياباني الودود والمسالم وربما يجعله يغير نظرته المتعاطفة والمتفاعلة مع قضايا الأمة العربية والاسلامية.
جابر علي
العدد 4584 - الخميس 26 مارس 2015م الموافق 05 جمادى الآخرة 1436هـ
اليابان
شعب واعي لكل ما يدور في كيانه او يخص كيانه لا يقدم على شر او ظلم سوف يعود عليه بالعار فهم يخافون حتى مستقبل الأجيال القادم حتى الأبناء لا يسبوا او يتذكروا من فعل أجدادهم .
وما تفعله داعش هو فعل شرير و همجي و غير مدروس العواقب و سوف يسطره التاريخ بالخزي و العار لهم و سوف يورثونه للأجيال القادمة .