التقى العشرات من صيادي الأسماك والروبيان صباح أمس الخميس (26 مارس/ آذار 2015)، بما لا يقل عن 20 نائباً برلمانياً، إلى جانب عدد من المسئولين في قطاع الصيد البحري والجهات الأخرى المعنية. وسلم الصيادون النواب ما أسموه «حقيبة معاناتهم ومشاكلهم» على أمل حلحلتها بالتنسيق مع السلطة التنفيذية.
وتمخض المنتدى النيابي للصيادين الذي نظم برعاية رئيس مجلس النواب أحمد الملا، عن حزمة من التوصيات المقرر رفعها للحكومة ومناقشتها قبل ذلك في جلسة نيابية مخصصة لذلك. حيث حضر منتدى أمس نواب والرئيس التنفيذي للمجلس الأعلى للبيئة محمد بن دينة، ومديرة إدارة الثروة البحرية ابتسام خلف، وعدد من المسئولين بإدارة خفر السواحل وغيرها من الجهات.
وفي تفاصيل عن آلية عمل المنتدى، قال رئيس لجنة الخدمات النائب عباس الماضي: «عقدت في البداية جلسات حوار بين النواب والصيادين وأصحاب القرار والجهات المعنية الأخرى، وبعد ذلك رفعت التوصيات المجتمع عليها ليتم مناقشتها بصورة عامة في مجلس النواب ضمن جلسة ستخصص لذلك، بحضور الوزير المعني ووفد يمثل جمعية الصيادين المحترفين البحرينية ومن يعنيهم الأمر، على أن ترفع التوصيات للحكومة، وستشمل مقترحات برغبة وأخرى بقانون، وقد يدفعنا الأمر إلى تعديل القانون في حال تطلبت الحاجة والملاحظات الواردة لنا لذلك».
وبين الماضي أن «الهدف من المنتدى أن نلتقي بأصحاب الاختصاص ومعاينة مشكلاتهم، فكل ما يتوافر لدى النواب هي أمور نظرية لكنهم غير ملمين بما يتم ممارسته عملياً، وستكتمل لدينا الرؤية حالياً من كل الجوانب، وقد تترتب أسئلة قد توجه للوزير المعني مثلاً أو لجان تحقيق في حالة عدم استجابة الوزير»، مستدركاً بأن «في حال أخذت الحكومة بالملاحظات والتوصيات وشرعت في تنفيذها سنتولى نحن مراقبتها، والمنتدى يعتبر أول خطوة لدعم الصيادين والوقوف عند مشكلاتهم وحلها، فهم مواطنون بحرينيون».
وفي رده على سؤال لـ «الوسط» عن الطلبات التي سبق أن رفعها الصيادون لمجلس النواب خلال الدورتين الماضيتين، ذكر رئيس لجنة الخدمات أن «التوصيات التي رفعت من منتدى يوم أمس ستكون هي الرئيسية، فالمجلس جديد، وبرئاسة جديدة أيضاً. وقد كان النواب في السابق لا يتواصلون مع أصحاب المهن بشكل مباشر، فهذه هي التوجيهات الجديدة لرئيس المجلس أحمد الملا»، مؤكداً «سنواصل المتابعة بعد المنتدى، وذلك عن طريق لجنة المرافق العامة والبيئة».
وأشار الماضي إلى أنه «لا يقل عن 20 نائباً شارك في المنتدى أمس، وهذا يدل على اهتمام المجلس بهذا القطاع. كما تواجد أيضاً أصحاب الشأن من الجهات الرسمية والتنفيذية المعنية، ونتعمد حضورهم ونتطلع إليه في كل المحافل لأن الوضع الميداني أفضل»، منبهاً إلى أن «وضع الصيادين في البحرين غير مسر، وهم بحاجة إلى دعم وقيام الحكومة بدورها تجاههم، فإن لم نسند المواطن البحريني ونوفر له السبل التي تدفعه نحو استمرار عمله، فإننا نضر بالتالي بإرث ونظام أمن غذائي نحن في أمس الحاجة إليه».
وصرحت مديرة إدارة الثروة البحرية، ابتسام خلف، بأن «العديد من القضايا المعنية بالبحر لم تكن واضحة لدى النواب، ولا يعرفون الآثار المدمرة مثلاً لشباك الجر القاعية التي يستخدمها صيادو الروبيان، ولا توجد لديهم صورة واضحة عن عدد العمالة الأجنبية المصاحبة لكل قارب أو سفينة صيد. فالمنتدى كان فرصة لأن تجتمع السلطة التنفيذية والتشريعية والصياد تحت سقف واحد».
ومن جانبه، قال أمين سر جمعية الصيادين المحترفين البحرينية، عبدالأمير المغني: «نحن ومنذ تضرر قطاع البحر والصيادين وبدء الهجمة الشرسة عليه بمشروعات الدفان ومضاعفة رخص الصيد، لم نتهاون عن الدفاع عنه والسعي لحمايته، والذي يشمل رغبتنا في حماية البيئة وأرزاق الصيادين، وكان الأمل يحدونا مع إنشاء مجلس النواب في العام 2002، فقد أكدنا أنه حان الوقت لإصلاح الضرر، واجتمعنا آنذاك من النواب وبينا لهم مجمل الضرر والأدوات والآليات التي يمكن من خلالها حماية البيئة والمخزون البحري، وخرج المجلس بعدها بمرئيات وتوصيات كبيرة لكن للأسف لم تنفذ، بل استمر الإضرار بالبيئة والثروة البحرية عموماً».
وأكد المغني أنه «منذ العام 2002 وحتى الآن صدرت مئات الرخص الإضافية لمزاولة المهنة في البحر على رغم عدم استيعاب المياه الإقليمية والمخزون المحلي للعدد الضخم الموجود حالياً، كما استمرت مشروعات الدفان والردم العشوائية وغيرها، وكان كل شيء يدل على أن لا توجد نية لإصلاح هذا القطاع إلا ما نذر»، مستدركاً بأنه «لا يوجد لدينا جديد لنقدمه، فكل شيء تم توثيقه من جانبنا في الصحافة ولدى الجهات المعنية».
وذكر أمين السر أن «الجمعية رفعت للنواب أمس حزمة من المرئيات التي ترى أنها في صدد إصلاح قطاع الصيد البحري، وهي 14 مرئية كالتالي: تعديل المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2002 بشأن تنظيم صيد واستغلال وحماية الثروة البحرية، وتمليك رخص الصيد للصيادين لتكون ملكاً لهم قابلة للتداول وله حق التصرف فيها وبيعها على أي مشترٍ تنطبق عليه الشروط أسوة بدول الخليج، فضلاً عن تقليص رخص صيد الروبيان والأسماك بحسب الطاقة الاستيعابية للمصائد، مع تعويض عادل لكل من تسحب رخصته، وفي حال إصدار أي قرار بمنع أي طريقة من طرق الصيد البديل، يجب التعويض عن فترة الحظر لمن يشملهم القرار، وتثبيت مدة حظر صيد الروبيان على مدة أربعة أشهر، وصيانة قرار حظر الصيد من الاختراق، والسعي لتوفير وجلب الرمال من الدول المجاورة عوضاً عن شفطها وسحبها من البحر».
وتابع المغني: «شملت المرئيات أيضاً: عدم المساس بفشتي الجارم والعظم ووضع خط أحمر عليهما باعتبارهما الفشتين الوحيدين في البحرين المتبقيين كمحمية طبيعية، ودعم الصيادين الذين يوفرون الأمن الغذائي في البحرين أسوة بالقطاعات الأخرى مثل الدواجن والمواشي والزراعة باعتبار أن اللحوم تدعم بنحو 60 مليون دينار سنوياً، مع ملاحظة عدم جدوى توجهات وزارة الأشغال وشئون البلديات والتخطيط العمراني في الإصلاح للخلل الحاصل في أعداد الرخص وقلة المصائد. كما يجب أن يكون للجهة الرسمية المعنية في إدارة الثروة البحرية الإلمام بأمور ومشاكل الصيد، واستشارة أهل الخبرة من الصيادين في حالة صدور أي قرار أو الإعداد له، والتوقف عن تدمير البيئة البحرية والحفاظ على ما تبقى من مصائد، وكذلك وضع صيغة للتوكيل بالنسبة لحملة الرخص، وتثبيت العمالة على سفن الصيد ومراقبتها من قبل هيئة تنظيم سوق العمل».
ومن جانبها، قالت رئيسة جمعية أصدقاء البيئة، خولة المهندي: «المنتدى الذي عقد أمس يعطي إشارة إلى أن مجلس النواب وضع ملف القطاع البحري وحماية البيئة من ضمن أولوياته عملياً، وقد أسعدنا ذلك الاهتمام كثيراً، ثم إن الفكرة التي عمل من خلالها المنتدى كانت مميزة وتصب في النهاية لصالح القضية الأساس، فقد جمع الكل على طاولة واحدة».
وأضافت المهندي: «يجب أن تسجل كل الملاحظات والمرئيات والمشكلات وكذلك المقترحات التي وردت خلال جلسات الحوار في المنتدى بعناية من أجل وضع الحلول الآنية والتصورات المستقبلية المبنية على وجهات نظر كل الأطراف»، مستدركةً «استمعت إلى الكثير من شجون الصيادين ومشكلاتهم في وقت سابق، إلا أن المنتدى أتاح الفرص لأن أطلع على المزيد من ذلك وبتفاصيل جديدة ومتقدمة لم أعرف بها في وقت سابق رغم اهتمامي بالبحر والبيئة عموماً».
واعتبرت المهندي المنتدى «سجلاً من السجلات المهمة التي تتبنى قطاعاً كبيراً، ويتبنى معوقات استمراره، فالقطاع البحري جزء من موروث وتراث وهوية هذه البلاد فضلاً عن اعتباره مصدر أمن غذائي لها»، مشددةً على «ضرورة تحليل كل ما طرح خلال المنتدى من تساؤلات ومشكلات ومقترحات، وأن تشكل لجنة خاصة عضويتها الجهات التنفيذية والمجلس التشريعي من أجل التوصل إلى نتائج على أرض الواقع، علماً أننا قد نكون بحاجة إلى حلول جذرية حاليةً، وأخرى طويلة الأمد».
العدد 4584 - الخميس 26 مارس 2015م الموافق 05 جمادى الآخرة 1436هـ
الثروة السميكة
إصلاح و تنمية قطاع الصيد و الثروة السمكية ينطبق عليها المثل ( جعجعة بدون طحين)