حفل بحث المفكّر والكاتب العراقي هادي العلوي «من تاريخ التعذيب في الإسلام»، بخلط عجيب وغريب، بين التعذيب الذي مورس لأسباب سياسية والعقوبات التي أقرَّها الإسلام لحفظ حيوية واستقرار وطمأنينة البشر وتنظيم علاقاتهم بوضع الضوابط. كما يقوم بتجيير بعض الشواهد التي ينتقيها انتقاءً من الأسفار التاريخية بما يخدم خط وتوجه بحثه، والتي وُضع جلُّها في عصور هيمنت فيها طبقات وعائلات كانت تسيّر شئون الخلق ممارسة، ولم يكن التأريخ بمعزل عن جانب تبريري لذلك التسيير الذي اتسم بأقصى درجات القمع والتسلط والانتهاكات التي ظلت في تصاعد انسلخ به أصحابه عن أدنى معاني الإنسانية والدين بالضرورة، وبالتالي لم يكن التأريخ يكتب في معظم فتراته إلا بإمضاء السلطة وعلمٍ منها؛ وردعاً لخصومها الحاليين والمستقبليين؛ ومن جهة أخرى لم تخرج الجماعات والمنظومات التي تولت كتابة التاريخ عن عباءة السلطة في قليل أو كثير؛ إلا ما شذّ في فترات استقرار نادرة؛ أو بعيداً عن مركز السلطة.
سيتركَّز تناول كتاب العلوي، والرد على بعض المغالطات والخلط الذي ورد فيه من خلال مقالات تأتي تباعاً موسومةً بعناوين لن تخرج عن فضاء الكتاب ومعالجاته التي حفلت أيضاً بالجدية والعمق في جانب منها؛ وإن كانت ضمن رؤية أيديولوجية (يسارية) وسمت خط الكاتب الفكري الذي عرف بغزارة إنتاجه والإشكالات التي حفل بها ذلك الإنتاج.
يُقسِّم العلوي أغراض التعذيب وضحاياه، في بحثه، إلى قسمين: تعذيب لأغراض سياسية، وتعذيب لأغراض أخرى. ويرى أن التعذيب الأول هو الأسبق ظهوراً في الدولة، مُرجِعاً ذلك إلى ظاهرة الصراع الطبقي الذي تتولى الدولة إدارته؛ ففي الشرق باطلاعها المباشر على سيرورة الإنتاج، وفي الغرب، في توجّه للتعبير عن حاجات الطبقة السائدة في المجتمع.
يشير العلوي إلى أن إحدى الوسائل الأساسية في إدارة الصراع الطبقي هو القمع بأشكاله المختلفة، ولابد أن يكون للقمع أهداف وعينات هي موضوعه، وهنا يهدف القمع أو بالأصح يتوجّه ضد الطبقات المنتجة لتحقيق غرضين: إدامة الإنتاج، ومنع المنتجين من الوصول إلى السلطة، لكن الغالب من القمع ذاك، في تبني الحكومات القمع واللجوء إليه هو عدم امتلاكها قاعدةً شعبيةً تكفيها لتثبيت حكمها. على أننا يجب أن نلاحظ هنا أن القاعدة الشعبية بمعناها العريض لم تعرفه مثل تلك الحكومات طوال قرون من تبدّل أحوال الدول ودخول العناصر الأجنبية كشركاء في إدارة الحكم، وقيامهم بدور أداة القمع باعتباره أداةً من أدوات الصراع القائم في كثير من الشواهد التي لم يهملها التاريخ.
بالنسبة إلى الأغراض الأخرى للتعذيب، يرى العلوي أن الصراع الطبقي لا يتحدد بهاتين الجبهتين العريضتين (يعني ضد الطبقات المنتجة لصالح الطبقة أو الطبقات السائدة)، وإنما يمتد ليصل إلى داخل الطبقة السائدة بأخذه شكل الصراع على الاستئثار بثمار المنتجين.
يغفل أو يتغافل العلوي هنا عن أن واحدة من طبقات الإنتاج، تلك التي كانت تنزع إلى تعميم المعرفة المضادة لمعرفة التسلُّط التي تم تعميمها في أوساط الدول، بعد فك الارتباط بينها وبين النهج الذي اتبعته الخلافة الراشدة. تلك الطبقة الإنتاجية التي ربما لا تملك أدوات الإنتاج المُتعارف عليها، كانت في مرمى الاستهداف، بل لها الأولوية في الممارسة الدموية ضدها. وما ينتج عن تلك الطبقة هو في قدرتها على خلق المواقف والأفعال، قلَّت أو كثرت، تنامت وتصاعدت، أو تراجعت وخمدت؛ لكنها تظل خالقة ومنتجة له.
في التقسيمة التي لم يطرأ عليها كبير تغيير يضع العلوي التعذيب وقتها ضمن التصنيف الآتي: التعذيب للاعتراف، ويحدث ذلك في القضايا المألوفة و»العادية» كما يراها؛ كالقتل الشخصي والسرقة، ويمكن العودة إلى تفصيل أكثر في هذا الباب إلى كتاب «الخراج» لأبي يوسف، بملاحظة شيوعه وانتشاره فترة الدولة العباسية الأولى، ويتركز التعذيب هنا في الضرب باليد أو الهراوة أو السوط؛ نظراً إلى عدم مساس تلك الجرائم بأمن الدولة ومصالح الطبقة الحاكمة. وهناك التعذيب للجباية، واستفحل زمن الأمويين، ومرد ذلك إلى الامتناع عن الالتزام بدفعه للحكم، وبسبب اتباع الأمويين لسياسة الإفقار ضد السواد الأعظم من الناس.
يربط هادي العلوي هنا بين تنامي الشدَّة والبطش زمن والي الأمويين على العراق، الحجاج بن يوسف الثقفي، وبين تضاؤل حصيلة الخراج في أيامه؛ كما يؤكد ذلك أبوالفرج الأصفهاني في كتابه «الأغاني» في الجزء الرابع والعشرين، صفحة 242. وللحديث تتمَّة.
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 4583 - الأربعاء 25 مارس 2015م الموافق 04 جمادى الآخرة 1436هـ
المختار الثقفي
التعذيب انواع كثيرة حتى عد الشتم واللعن والسب والقذف من انواعه بجانب الضرب المؤدي القتل.
كتاب (العذاب) لعبود الشالجي، يختصر التعذيب عبر التاريخ في سبعة اجزاء، ذكر فيها انواع ما لا يحصى من انواع التعذيب، وأنا اضيف لذلك الكتاب انواعا أخرى مثل:
- انتظار بيت الاسكان من مرحلة الشباب الى الشيب.
- الحصول على وظيفة بعد التخرج من الجامعة بسنوات وسنوات.
- وضع الشخص غير المناسب في المكان المناسب له.
- عدم الحصول على العلاج والاهمال الطبي والانتظار لعدة اشهر للدخول على الاستشاري.
اضف ما شئت
كتاب يجعلك لا تنام
بصراحة كتاب يجعلك تعيش في حالة وجل وتعاني من كوابيس في نومك، حاولت اكمال قرائته ولم أتمكن وللمشاهد الوحشية التي يوصفها بدقتة متناهية ويجعلك تعيش حالة من الرعب.