قال النائب العام علي فضل البوعينين إن «مملكة البحرين تعتمد في سياستها العلم، كغاية ووسيلة معاً، وتتخذ من التنوير ومبدأ التنمية المستدامة شعاراً لها في المجالات كافة، ولم تكن السلطة القضائية يوماً بمنأى عن هذه السياسة، ولا تلك الغاية وذلك الهدف، باعتبارها ركناً أساسياً في بناء دولة القانون، فهي المنافحة الأولى عن الحقوق والحريات، والناطقة بكلمة القانون، وحصن العدالة في أية دولة، الذي به يتحقق الاستقرار ومن ثم التقدم والرقي، ولهذا فإن تطوير السلطة القضائية يقع ضمن أولوياتنا، ومن أولى اهتماماتنا».
جاء ذلك خلال افتتاح ورشة عمل صباح أمس الاثنين (23 مارس/ آذار 2015)، حول معايير الأمم المتحدة وقواعدها في مجال منع الجريمة وإدارة العدالة الجنائية، والتي نظمها معهد الدراسات القضائية والقانونية بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
وأوضح البوعينين أن «هذه الورشة تأتي استكمالاً لمسيرتنا في هذا الاتجاه، لمناقشة منظومة العدالة شكلاً وموضوعاً، والإفاقة إلى القواعد والمبادئ الدولية في هذا الشأن، مستعينين بالخبرات المتميزة، والتجارب الناجحة في إنفاذ القانون، وفي الإدارة والتطبيق».
وأضاف «لقد سبق أن التقينا في العديد من الفعاليات المماثلة، وكان مما طرحناه خلالها، أهمية الخروج من أبحاثنا ومناقشاتنا، بما يضيف جديداً إلى منظومة العدالة، ليس بالضرورة إيجاد معايير أو قواعد جديدة، ولكن على أقل تقدير، الخروج بمفاهيم أدق وأرحب في النطاق النظري لهذه المعايير، تتسع بها الآفاق وتستنير بها الأذهان».
واثني البوعينين على دور مكتب الأمم المتحدة للجريمة والمخدرات في دعمه الدائم للسلطة القضائية في البحرين، وتعاونه المستمر في نقل الخبرات الدولية والذي أسفر عن العديد من النجاحات، وأشار إلى جهود القائمين على معهد الدراسات القضائية والقانونية في تنظيم هذه الورشة بالتعاون مع مكتب الجريمة والمخدرات.
إلى ذلك، قال مدير المعهد: «يضاف إلى صعوبة إقامة العدالة الجنائية، تأثر التشريع الجنائي في العالم بمتغيرات عالمية أربعة، أولها تنامي تأثير ما يمكن أن يطلق عليه الاتفاقات الدولية المشرعة وخاصة في مجالات حماية حقوق الإنسان وكفالة ضمانات المحاكمة المنصفة، ثانياً: تزايد عدد الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم أو المجالس الدستورية أو عن المحاكم الإقليمية كالمحكمة الأوروبية أو الأميركية لحقوق الإنسان، والتي فرضت على المشرع في العديد من الدول إدخال تعديلات تشريعية جوهرية وأسست من ثم لتغيرات فلسفية جوهرية في فقه إدارة العدالة الجنائية، ثالثاً: إدخال متطلب تعزيز شعور المواطن بالأمن كجزء جوهري من البرامج الانتخابية لجميع رجال السياسة على مستوى العالم وخاصة بعد أحداث الحادي عشر سبتمبر/ أيلول 2011، رابعاً: تطور الظاهرة الإجرامية وتعقد أنماطها وتجاوز نطاق ارتكابها لحدود الدول».
وأوضح أن «التشريع الجنائي بشقيه الموضوعي والإجرائي يعد أبرز أدوات تحقيق التوافق بين مقتضيات تحقيق أمن المجتمع الإنساني ومتطلبات حماية حقوق وحريات أفراده، وأحد أدق المجالات التي لن يتوقف فيها الاجتهاد حول سبل حسم الصراع ورفض التنازع بين متطلبات حماية الحقوق والحريات الفردية من جانب، ومقتضيات دعم المصلحة العامة وحماية الأمن والسكينة من جانب آخر».
وتابع أن «المشرع الجنائي ومن بعده القائم على إدارة العدالة الجنائية حين يسعى إلى حماية المجتمع من شيوع الظاهرة الإجرامية وإلى حماية حقوق ومصالح أفراده من الاعتداء عليها، من خلال قواعد موضوعية تصف السلوك المؤثم وتحدد نموذجه القانوني وتقرر لمقارفه العقاب الملائم، إنما يتوجب عليه أن يتوخى تحقيق ذلك من خلال تجريم واضح وجلي وعقاب رادع ورشيد معاً، يحقق للمجني عليه إحساسه بأن الجزاء كان من جنس العمل وعلى قدر جسامته، ويضمن للمجتمع عوداً سليماً وصحيحاً لمن خرج عن نواميسه، فاستحق العقاب الذي يُصلحه سلوكاً وعقلاً وقلباً وبدناً، ويمنعه وغيره من العودة إلى طريق الجريمة».
وأشار إلى أن الورشة تهدف لتحقيق عدة أهداف، سعياً إلى تنفيذ ما حملته الوثيقة الاستراتيجية للسلطة القضائية للعام 2020 من تكليفات تخص العدالة الجنائية، ومن ضمنها «تفعيل التعاون مع مكتب الأمم المتحدة، التعرف على أحدث وأهم المعايير والقواعد الدولية في مجالات منع الجريمة والنفاذ إلى العدالة الجنائية وإدارة الخصومة الجنائية في مختلف مراحلها».
العدد 4581 - الإثنين 23 مارس 2015م الموافق 02 جمادى الآخرة 1436هـ