في إطلالة حديثة على الأدب العالمي صدر عن قسم الدراسات والنشر بدائرة الثقافة والإعلام الترجمة العربية لكتاب "أنشودة الحداد- الحرب والتذكر من الإلياذة إلى فيتنام" للمؤلف والباحث الأميركي جيمس تاتوم، الذي قام بترجمته كامل يوسف حسين. ويعد الكتاب الإصدار الثمانين لقسم الدراسات والنشر لهذا العام.
يعالج الكتاب موضوع الحرب من منظور تذكر ضحاياها، إذ ليس من المهم معرفة أين ومتى نشأت تلك الحرب، لأن كل الحروب تلتقي في سمة واحدة بارزة، وهي ظاهرة القسوة وتوالي سلسلة ذكرى من ماتوا في الحرب.
وبالمثل فإن جميع أشكال الفنون تنشأ من تلك الحروب وتبدأ وتنتهي بالحداد وذكراه.
وفي كتاب "أنشودة الحداد" يقدم الكاتب حديثاً واضح المعالم لذكريات طبيعية وأدبية في الفترة التي أعقبت الحرب من ذكرى محاربي فيتنام إلى كتابات استيفن جرين وآدموند ويلسون، وتيم أوبريان وروبرت لوويل.
وسيلة الاختيار التي اتبعها تاتوم هي الإلياذة، إذ إنها ليست فقط واحدة من أقدم القصائد التي أنشدت في شأن الحرب، ولكنها أيضاً من أقوى النماذج التي تؤكد أن الشعر يمكن أن يكون إضافة حقيقية للتعبير عن المواساة لما يحدث في الحرب من خسائر وغيرها.
ويكشف تاتوم عن إمكانية تحول ما خلفته الحرب من حزن وحداد ومرارات إلى ذكريات. وهو بدوره يقوم هنا بفحص دور التذكر والمدة بالنسبة للحرب وأهمية المكان. سماتة وتضاريسه بالنسبة للتذكر، وكذلك أدوات الحرب ومعاولها التي تؤجج تلك القدرات والعلاقة الوثيقة ما بين الحرب والحب وأثرها على القسوة والوحشية التي مثلت السمة البارزة للجنود الذين خاضوا مرارات تلك الحرب وعاشوا جحيمها، وأخيراٍ مفهوم الذكرى نفسها ومعناها، لأن جميع من نجوا من الموت تلك الحرب سوف يظلون يعانون من مرارات خسارة تلك الحرب.
وفي الحقيقة فإنها راوية شملت الضحايا والمنتصرين من القادة والجنود، النساء والرجال، ولا شك أن صور ذكرى الحروب في فيتنام، وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية، تزيد من مصداقية شهادة الكاتب وإفادته. كما لا شك بأن كلمات ومعاني "أنشودة الحداد" كفيلة بإلهاب وإثارة مشاعر كل من له اهتمام بأدبيات الحرب وعلاقة كل الآثار الكلاسيكية الممتازة باحتياجاتنا ومتطلباتنا المعاصرة.
يشتمل الكتاب على 8 فصول إضافة إلى هوامش المؤلف و 26 صورة إيضاحية كرست ما جاء في الرؤية النظرية للمؤلف.
يعتبر جيمس تاتوم واحد من أبرز الباحثين الأميركيين المعاصرين في الدراسات الكلاسيكية ويشغل حالياً منصب أستاذ كرسي آرون لورنس للدراسات الكلاسيكية في دارتموث كوليج. أصدر بالإضافة إلى "انشودة الحداد" العديد من الكتب في الدراسات الكلاسيكية أحدثها كتاب "في تعليم سايروس" من تأليفه و" البحث عن الرواية القديمة " من تحريره.
أما مترجم الكتاب كامل يوسف حسين فهو حاصل على ماجستير العلوم السياسية، وهو رئيس قسم الترجمة بصحيفة البيان، ألف وترجم 75 كتاباً إضافة إلى مشروع التعريف بالأدب الياباني ويشتمل على 10 آلاف صفحة.