قالت لي محاولةً خنق الدموع في عينيها بعد معاناتها المرض والوجع لأشهر عدة، لقد عشت تجربةً مريرة وأرجوكِ نقلها للقُراء كي لا يعانوا ماعانيته من آلامٍ عُضوية ونفسية، وكيف تسبب الأطباء في الكثير من الأذى في تشخيصهم الخاطئ.
وَبدأتْ، حينما فاجأتها الأوجاع الشديدة في الوِرك وَبَطة الرِجل اليُمنى (hip and calf muscle) ونُقلت على إثرها إلى الطوارئ، وإعطاؤها إبرة مُسكِنة وتكررت الأوجاع لمرات عدة، مع تكرار زيارة الطوارئ، وأصبح كل شيء موجعاً وصعباً في حياتها وانقلبت رأساً على عَقب، فكان الجلوس عسيراً ومؤلماً والوقوف أكثر إيلاماً ناهيك عن المشي، واسودَّت الدنيا في عينيها من شدتها وبعد مراجعتها للعديد من أخصائيي الِعظام وبعد عمل الأشعة المقطعية كان تشخيصهم بأن لديها انحشاراً للعصب السياتيكي ما بين الفقرتين الرابعة والخامسة للظهر، وبأن تلك الآلام ناتجة عن ذلك، وأن المرض واسمه (عِرق النسا) (stenosis of sciatic nerve) من النسيان لشدة الأوجاع، أما الحل فهو الحاجة إلى عملية في الظهر لإنقاذ ذلك العصب المُتضرر، وذلك بإزالة نتوءات العظام الضعيفة من حوله لتخليصه من ذلك الانحشار ما بين الفقرتين، (يعني عملية فيها الشق للجلد لخمسة سم، ثم اختراق العظم والعضلات وما حولها من أعصاب طبعاً والخياطة أخيراً وفترة مرض ونوم في الفراش ونقاهة شهر ونصف والعلاج الطبيعي بعدها... الخ)، والكثير من الأوجاع، وأما أسوأ ما في الأمر هو تحذيرهم بضرورة السُرعة لأدائها وإلا فَستُصابُ بالشلل إذا لم تُجرِها.
وتَساءلتْ ما الذي حرك ذلك العصب النائم طوال حياتي، وكيف له الانحشار بهذه الطريقة، لا إجابة شافية، وكل ما كانت تسمعه هو التقدم في السن.
وعَرفتُ منها بأنها في الخمسينيات من عمرها (يعني ليست عجوزة بحضارة اليوم) وبأنها مُنتظمة بالرياضة ومن ممارسي اليوجا طوال حياتها، وباختصار تبدو شديدة اللياقة البدنية كما تبدو أصغر عمراً بسنوات عدة. وبدأت في التوقف عن الرياضة التي تُحبها لأنهم قالوا لها توقفي عن الأشياء التي تسبب الآلام، والحركة البسيطة كانت تسبب لها الأوجاع، وأغرقوها في استعمال المُسكنات، والمُنومات للتخلص من الآلام، كما توقفت عن العمل، وعاشت في الجحيم المرضي، لأنها كانت مُتوجسة خوفاً من العملية، وملازمة الفراش ومن المُضاعفات التي قد تحدث نتيجةً لأي خطأ وهو وارد مع أية عملية مهما كان حجمها (وخاصةً أنها تعمل في الحقل الطبي وتسمع الكثير مما يُزيد الوسواس)، لتتفاجأ بعد مرور شهرين بأن أعز صديقاتها عانت فجأة من أوجاعها نفسها، ولكنها اختارت أن تذهب إلى العلاج الطبيعي physiotherapist وليس للأطباء، وأخبرتها المُعالِجة بأن ذلك يَحدث للكثيرين وأنها تحتاج إلى الراحة وبعض التمارين والمَساجات العضلية لتقويتها وسوف يختفي بعد فترة.
وكانت مُفاجأة حياتها عندما قررت الذهاب مع صديقتها إلى المُعالجة والتي اكتشفت بأنها كانت صديقةٍ قديمة لها، واندهشت حينما عرفت قصتها، وطلبت منها أن تفحصها قبل أن تتعرف على قصة مَرَضِها وعدم رغبتها في رؤية أية أشعة أو سماع ما قاله لها الآخرون.
وكان سؤالها الأول، إذا ما زلقت قدماها قبل مدة والذي لم يسألها إياه أحد من الأطباء قبلاً (والحقيقة أنها كانت قد سقطت على الأرض قبل حدوث الأوجاع بثلاثة أشهر).
أما السؤال الثاني فكان غريباً، وهو إذا ما تعَرضت إلى مشاكل نفسية أو عاطفية (وكانت قد دخلت فوضى حياتية وتجربة قاسية كادت تتسبب في طلاقها) وأما الثالث هو قيامُ المُعالجة بفحصٍ يُعمل خصيصاً للتعرف على سلامة ذلك العصب، وأحضرت لها كتاباً طبياً يشرح الفحص الحركي (والذي ما لم يُجرِهِ أحدٌ من الأطباء لها قبلاً).
واجتازت الفحص الإكلينيكي بجدارة وبأنها سليمة تماماً ولا يوجد لديها أيّ مما ذكره لها الأطباء، كما وطمأنتها بأنها لا تحتاج لأية عملية، بل وأعجبت بلياقتها، وكل ما حدث قد يكون سببه السقوط (الطيحة) والذي أدى إلى بعض التصلب في عضلة الورك وبطة الرجل، وأنه تسبب في انحشار العصب وصعوبة حركته وآثاره الموجعة وبأنه سيتماثل للشفاء بعد التمرينات التي أعطتها والسباحة والمساج وعلى أن تعود إلى عملها غداً وتعيش حياتها ورياضاتها تدريجياً.
وطلبت بأن تحاول نسيان أوجاع الماضي والحالة النفسية والبدء بحياةٍ جديدة واتباع سلوك الفرح والتفاؤل وأنها ليست أول أو آخر من تعرضوا لتلك المشاكل.
شهقت بعد سماعها لتلك النتيجة ولم تُصدق عينيها وطارت في السماء من الفرحة التي غابت عنها وقفزت من سرير الكشف ولا تعرف كيف تَشكُرها على تلك النتيجة، وعادت لها الرغبة في الحياة حالاً.
وتناقصت أوجاعها بما يزيد على الخمسين في المئة وكأنها دخلت عالماً آخر ولم تعرفه من قبل وعادت إلى البيت وكأنها تُخلق أو تُولد من جديد.
وتتساءل كيف أن هذه المُعالجة الطبيعية قدمت لي العلاج على طبقٍ من ذهب، وأن العلاج بهذه البساطة ويكفيني الطمأنينة الذاتية الرائعة، نَجَحَت هي حيث فشل الأطباء، وكدت أن أُجري جراحة عبثية ومن دون داعٍ، وأكتفي بهذا القَدر لأترك لكم أعزائي التعليق.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 4579 - السبت 21 مارس 2015م الموافق 30 جمادى الأولى 1436هـ
الحالة النفسية
اسلوب الطبيبة الثانية مع المريضة وطمأنتها لها هو السبب في تحسن الحالة، وسمعنا عن حالات كثيرة لمرضى بامراض اخطر كالسرطان تتحسن حالتهم بسبب تحسن الحالة النفسية والتفاؤل. للاسف الكثير من الاطباء لايلتفتون لهذه النقطة ولايعون ان الكثير من المرضى يلجأون للاطباء لكي يطمئنوا. مهنة الطب مهنة انسانية واعطاء الراحة للمريض هو هدفها سوائا راحة نفسية او جسدية.
مقال جميل وفي الصميم
رائع رائع رائع تعرية الاقنعه الزائفة للاطباء الانتهازيين الجدد شكراً جزيلاً للتوضيح ماتتصورين اشقد افدت بمثل هذه المعلومات
موضوح مميز
اللي يدور على العلاج يلاقييه ومايسوي اي عملية في العظم اذا ماكان فيه كسر او مرض خبييث حتى لو مايقدر يمشي فتقوية العضلات اهم شيئ في الحركة والله دكتوره مقال شيق جداً
عسى الله يشافيها
اي مالله ممكن نساعدك لاني سألت الكاتبة وخبرتني ان المريضة راحت لفريدة بلوش عندها مركز في ام الحصم ورا فندق تروبيكانا جنب العلاج بالاعشاب الهندي واسعارها مناسبه وهى من اوائل المعالجات االطبيعيه متخرجه من بريطانياوكانت رئيسة القسم في السلمانية ويستحسن تذكر لها عن المقاله ورقم المركز 17722012 واطلب انها تشوفها شخصياً
اين
لو تعرفون مركز تأهيل مناسب عرفونا علبه ام لعيال عندها نفس الحاله تقريبا..
لذلك من المهم
اسشارة اكثر من طبيب حتى لو ادى الامر السفر للخارج ولمكان موثوق وليس همه الريح المادي موضوع شيق
العلاج الطبيعي
أثبت هذا العلاج أنها فعال وقادر على حل الكثير من المشاكل الطبية التي يعاني منها المريض فضلا عن أنه علاج آمن وأثبت فعاليته في الكثير من الدراسات ، نرجو من الدولة والمسئولين النظر بأهمية بالغة الى هذا التخصص الذي أصبح في طليعة التخصصات الطبية من ناحية الجودة والكفاءة واستفادة المريض
رائع
ايييه والله صدقت الضميير الذي لايؤاخذ الاطباء التجاريين ياما تمنى المرضى شفاؤهم على ادعية الطب ولكن يبدو انهم نسوا شرف المعهنة واصولها ه واصولها تحليل ممتاز لواقع مؤلم شكراً دكتورتنا الحكيمة
للاسف
للاسف تحولت مهنة الطب من انسانية الى تجارية بحتة لا تنظر الى مصلحة المريض الصحي بقدر ما تنظر ال أمواله وهنا تكمن المشكلة.
فعلا ..
كثيرا منا ينصاع وبلا تاني او تفكير الى كلام بعض الاطباء .. بانك تحتاج الى عملية ؟ والتاخير مو في صالحك ! ويغرق المسكين منا نفسه بعملية تلو العملية الى ان يصل به الحال الى الندم واليأس من الحياة ثم يتمنى الموت طلبا للراحة الابدية .
التجارة الطبية
تكررت هذه القصة كثيرا بحكم عملنا في التأهيل، والسبب هو أن الطب تحول لتجارة ..... فما يلبث جراح العظام أن يرى المريض حتى يقول له أن الحل الوحيد لك هو العملية ... وكثيرا ما كان التشخيص خاطئا في الأصل ... أو لا يستدعي الجراحة
التشخيص
90% من العلاج الناجح هو التشخيص وهذا ما يفتقده الكثير من الإطباء وقديما قبل أعط الخباز خبزه لو اكل نصه ..