العدد 4579 - السبت 21 مارس 2015م الموافق 30 جمادى الأولى 1436هـ

أمي صالحة في عيد الأم!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

أمّي صالحة هي أم زوجي حقيقةً، وقد اخترتُ الكتابة عنها في عيد الأم، فهي كانت من الأمّهات البسيطات، ولكنّها لم تكن بسيطةً أبداً، فلقد دخلتُ حياتها وأصبحتُ ابنةً لها، ولكن شاءت الأقدار في فبراير/ شباط 2005 أن يتوفّاها المولى عزّ وجل، لتبقى الذكرى تزورنا كلّ حين وفي كل مناسبة، لتطل علينا أمي صالحة من جديد.

في عيد الأم أُهديها ألف تحيّة، حيث كانت علاقتنا أكثر من رائعة، وعشتُ معها أيّاماً لا تُنسى، ولا أتذكّر منها سوءًا أبداً، فكما قلت وأقول، إن البساطة تخترق القلوب من دون مقدّمات ولا تكلّف، وتجعلكم تمتزجون في علاقة واحدة من دون الشعور بها، وفجأةً يغيب أحدهم عن الدنيا، ونستذكر ما كان بيننا من علاقة وطيدة حماها الحب وحده.

ومناسبة الحديث عن أمي صالحة هو اشتياقي الشديد لها في عيد الأم، فلقد كنّا نحتفل بهذا اليوم معها، ونفاجئها بالهدايا والضحك والفرح، وقد ذهب الفرح بعد ذلك اليوم الحزين، عندما فارقت الدنيا ورحلت عنّا.

أوتعلمون يا أحباب الوسط، لا يعلم الإنسان قدره وما تحمله له الأيام، فنحن ننشغل بالدّنيا وما فيها، ولا نعلم بأنّ سعادتنا قصيرةٌ جدّاً جداً، ويذهب عنّا المحب سواءً بمغادرته للعلاقة أو بمغادرته للدنيا، وعندها نتحسّر على تلك الأيام التي ذهبت وولّت.

أمي صالحة لم تدع لنا وقتاً للانشغال عنها، فلقد كانت كثيرة السؤال والحب، وكلّ يوم عندنا قصّة وفرحة معها، وكثيرة هي تلك اللحظات التي لا ننساها معها، وخصوصاً اللحظات التي تجعلنا لا نتوقّف عن الضحك والمرح.

قصّتها وقصّة أمّهاتنا تتشابه نوعاً ما، ولكن هناك من يبعد عن أمّه ويجفوها وينشغل عنها، ولا يبكي إلاّ بعد فوات الأوان، بعد أن تذهب من دون رجعة، ويكون الألم كبيراً والبكاء كثيراً، ومن دون فائدة مرجوة، فلا البكاء سيرجعها، ولا الألم سيرجع أيّامنا معها.

هناك من لا يقدّر أمّه حق تقدير، وكأنه لا يعلم بأنّ الدنيا قصيرة، وأنّها قد تذهب عنه في أي لحظة، وأنّ هذه اللحظة ستغيّر حياته إلى الأبد، عندها فقط سيعلم معنى الأم ومعنى وجودها بين الأبناء. فهي المسكن الذي يؤوينا، وهي الدار التي تجمعنا، وقد شهدنا قصصاً كثيرة من بعض الناس، يخبروننا بأنّهم بعد وفاة أمّهم لا يلتقون كالسابق، فالأم تجمعهم على مائدة واحدة، ولو كان يوماً واحداً في الأسبوع. يوم واحد هو أقل القليل ولكن ما أكثر اشتياقنا له بحضور الأم والأب!

أمي صالحة: أهديكِ في عيد الأم ابتسامة! تلك الابتسامة التي ما غابت عن وجهكِ على رغم المعاناة والآلام، فلقد كنتِ مثالاً للقوّة والتحمّل. وأهديكِ في عيد الأم كذلك جرعةً كبيرةً من الحب والاشتياق! كما كنتِ تحبّين وتشتاقين لنا، وأهديكِ أخيراً الدعاء والصدقة! وأتمنّى أن تصلكِ هذه الهدايا، لأنّك كنتِ نعمَ الأم ونعمَ المربّية ونعمَ الحبيبة.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 4579 - السبت 21 مارس 2015م الموافق 30 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 10:30 ص

      هذا العام

      غابت اختي التى ترسم عيد الام بأفكار بسيطة ورائعة فتتعلق كل منا بأفكار الاخرى وتركتني وامي في غصة فقررنا ان نقف ع تراب شبابها

    • زائر 9 | 7:48 ص

      بر الوالدين \\تايع

      كما ورد عنه (عليه السلام) في دعاءه في الصحيفة السجادية قوله : (اللهم اجعلني أهابهما هيبة السلطان العسوف، وأبرّهما برّ الأم الرؤوف، واجعل طاعتي وبرّي بهما أقرّ لعيني من رقدة الوسنان، وأثلج لصدري من شربة الظمآن حتى أؤثر على هواي هواهما، وأقدم على رضاي رضاهما، واستكثر برّهما بي وإن قلّ، واستقل برّي بهما وإن كثر) من أدعية الصحيفة السجادية (دعاء الإمام لوالديه).

    • زائر 8 | 7:47 ص

      بر الوالدين \\تايع

      كما اننا نلاحظ ان الامام زين العابدين يروي لنا عن حالة في كيفية بر الوالدين والكون لهما كينونة الذل والطاعة حيث نلاحظه يقف بين يدي الله عز وجل وهو خاض ذليل يدعو الله بفنون دعواته وهو الامام المفترض الطاعة ان يجعل الله له من النصيب في اطاعة الوالدين

    • زائر 7 | 7:44 ص

      بر الوالدين \\تابع

      فرضيت أن تشبع وتجوع هي، وتكسوك وتعرى، وترويك وتظمى، وتظلك وتضحى، وتنعمك ببؤسها وتلذذك بالنوم بأرقها، وكان بطنها لك وعاء وحجرها لك حواء، وثديها لك سقاء، ونفسها لك وقاء، تباشر حر الدنيا وبردها لك ودونك، فتشكرها على قدر ذلك، ولا تقدر عليه إلاّ بعون الله وتوفيقه).

    • زائر 5 | 6:40 ص

      بعض الامهات ما يرضون يسون ليهم حفله

      اضاهر يستحون او مو متعودين على هسوالف متعودين يعطون بس ما ياخدون

    • زائر 4 | 2:54 ص

      الله يرحم امك وامهات المؤمنين

      الله يرحم امك ويحشرها مع الصالحين

    • زائر 3 | 1:30 ص

      مقال موفق

      فأم زوجي أم لأولادي، و من جانب آخر ينبغي للزوجة إعزازها و إكرامها؛ لمكانتها العظيمة عند زوجها، و لتكون مصداقاً لتعاونوا على البر و التقوى( فتعين زوجها على ما يرضي الله) و هذا هو الحب الحقيقي للزوج.

    • زائر 2 | 12:56 ص

      معنى الوفاء

      نتمنى ان يكرم الله أمك صالحه بالجنه وجميع الأمهات الصالحات مثواهن الجنه ان شاء الله

    • زائر 1 | 10:50 م

      شكرا لكم

      و ان شالله صالحه بالجنة .. مقال جميل في زمن اصبح الرجل بالخصوص يترك امه و ينساها لالاف سبب غير حقيقي ، عمل .. زواج .. ابناء .. الخ كلها امور ستوجعه عند الفراق

    • زائر 6 زائر 1 | 7:43 ص

      بر الوالدين

      قال الإمام زين العابدين (ع): (فحق أمك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحداً وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحداً، وأنها وقتك بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وبشرها وجميع جوارحها مستبشرة فرحة، محتملة لما فيه مكروهها وألمها وثقلها وغمها، حتى دفعتها عنك يد القدرة وأخرجتك إلى الأرض.

اقرأ ايضاً