العدد 4578 - الجمعة 20 مارس 2015م الموافق 29 جمادى الأولى 1436هـ

لا يمكن للشعر أن ينفصل عن قضايا الإنسان مهما كانت الظروف

في اليوم العالمي للشعر... شعراء محليون يؤكدون:

على وجه نسجت بين تضاريسه محطات الحياة، يقف العربي حاملاً لافتته أو لافتاته، في زقاق معدم تكثر فيه الحياة وتتولد فيها اللحظات الشبابية كحبات الندى في كل صباح، حيث تنضح عذوبة وصفاء، لترسم الأمل بعد أن قسمه التاريخ جملة وتفصيلاً، كمثل حنظلة الذي تذوق الوجع من دون سبب فأصبح غريب الدار والوطن ولكنه صاحب قضية وحق.

ولأن الشعر هبة الرب للإنسان ليعبر عن ذاته ومعاناته في كل عصر، ليكون شاهداً على كل ما يحدث وسيحدث في هذا العالم، ليرسل كل ما في قلبه بأسلوبه ومفرداته في أوراقه، وينقل لنا حقيقة ما يشعر به. فتعرض الوطن العربي إلى مجموعة من القضايا السريعة المتتالية المتنوعة جعلت للشعر صوته الخاص في ظل هذه الأزمات.

ولتسليط الضوء أكثر على دور الشعر في مواكبة قضايا هذا العصر، قمنا بمحاورة عدد من الشعراء المحليين في اليوم العالمي للشعر حول هذا الموضوع.

هل يعمل الشعر على تحريك الشارع وطرح القضايا؟

- الشاعر كريم رضي: إن ما حصل في الربيع العربي من أحداث مثلها من أحداث عصفت بالعالم فهناك شاعر يتنبأ بالأحداث عن طريق هاجسه، فيسبقها في كتاباته الشعرية مدوناً رؤيته المستقبلية لوضع مجتمعي أو إقليمي لدولة ما، وهناك شاعر واكب هذه القضايا التي تنوعت فكتب عنها، فالشاعر بطبيعته رائد للمستقبل.

- الشاعرة إيمان أسيري: إن هناك عدداً من الشعراء صاحبت قصائدهم أحداث الربيع العربي فتولدت من رحم الثورات العربية، ما يدل على صدق مواقفهم ومشاعرهم اتجاه هذه الثورات.

- الشاعرة ليلى السيد: الشعر حاضر في جميع الأزمات بكل إتجاهاته أياً كان هو أسلوب الشاعر، فهو حامل لكل ثقل الأمة وهمومها، ولا يمكن أن يكون بعيداً عن الشارع.

- الشاعر أحمد العجمي: الشعر يمتاز أن لا يقول الصراحة ولا يستخدم لغة مباشرة وإنما يحيطه الغموض، ولا يطلق على الأشياء بأسمائها الحقيقية، إضافة إلى أنه يسبق الأحداث والسبب أنه يرتبط بالأسئلة الكبرى التي تنصب في القيم الإنسانية، فالشعر في كل صوره وتخيلاته يذهب إلى هذه الأماكن مسبقاً.

هل يستطيع الشاعر طرح التساؤلات في شعره، كنموذج الشاعر أحمد مطر؟

- رضي: الشعر يعتبر سؤالاً كبيراً فلسفياً واجتماعياً وفي المقام الأول هو سؤال سياسي، فهو أكبر سؤال في العالم، حيث إنه يطرح سؤالاً على ذاته وعلى الآخر، أما بالنسبة لشعر أحمد مطر فهو إجابات أكثر مما يحمله من أسئلة، فهو يسعى إلى الوصول إلى حقيقة بسيطة غير مركبة بينما الشعر في حد ذاته سؤال عميق جداً يحمل مضامين مركبة.

- أسيري: الشعر من بداياته إلى نهاية يطرح تساؤلات عن الحياة والوجود وحياته وحتى عن المواضيع الاجتماعية والعاطفية، ففي النهاية الشاعر يطرح سؤالاً حول نفسه، أما الشاعر أحمد مطر فهو يعبر عن شريحة كبيرة من خلال سهولة الألفاظ والمعاني التي يطرحها، فكل شاعر له أسلوبه في النهاية في التعبير عما يريده بطريقته الشعرية.

- العجمي: نموذج أحمد مطر يعتبر شاعرياً مستوى أول، فهو يريد الوصول للناس إضافة إلى الهدف السياسي، وبالتالي فهو يتنازل كثيراً عن الشعرية، فتقبل الناس لشعره بسبب رغبتهم في الوصول إلى السهل، إذ يعتبر أنموذجاً للخطابات السياسية ولكن ينتهي في مراحل معينة وذلك لكونه خطاباً سياسياً، فالشعر وظيفته كشف وفضح الأشياء والتنقل بين كل الكائنات والموجودات.

- السيد: الشاعر الذي لا يطرح أسئلة في مشروعه الشعري ولا في قضاياه، فإنه ستوضع عليه علامة استغراب، فكل شاعر يملك في جعبته مجموعة من الأسئلة ترتهن مع لحظته الشعرية ولكنها تختلف بشكل أو بآخر.

كيف تُقيم مواقف الشعراء في قضايا الشعوب السابقة والحالية في الشارع، كتجربة أحمد فؤاد نجم؟

- رضي: الشاعر أحمد فؤاد نجم منتمٍ سياسياً وفكرياً إلى التيار والحزب اليساري وهو من أكثر الشعراء المساندين للثورات العربية، فهو اتخذ منذ أمد طويل موقفاً ثابتاً لم يتغير بتغير الأزمنة والأنظمة بل كان صامداً منحازاً لقضايا الشعوب، ونجم يكتب بطريقة الشعر العامي الذي يمتاز بطبيعته وبلغته البسيطة وتداوليته في الشارع.

- أسيري: الشاعر أحمد نجم مع رفيقه الشيخ إمام كان لهما حضور لافت في السبعينيات، بسبب التوتر السياسي مع إسرائيل، ما جعل الشعوب العربية تعمل على ترديد هذه الأغنيات، وخصوصاً أنها باللغة العامية ولا يمكن أن ننسى أن في تلك الفترة المنشغلين في السياسة هم الشعراء والأدباء، مع التطور السياسي للوطن العربي لم يتغير نجم عن موقفه، ما جعله حاضراً في ذاكرة الكثيرين.

- السيد: إن كل شخصية شعرية لها عطاؤها المختلف ولها الأريحية في طرح الأسئلة، ولكل شاعر توجهه الخاص بشعريته في رتم معين، حيث إن لكل جيل خلفيات وأبعاداً سياسية مثل جيل أحمد نجم الذي امتلك وراءه حصيلة سياسية وحزبية.

- العجمي: أن المواقف السياسية في فترة الستينيات والسبعينيات كانت في أوجها واندفاعها في الشارع، حيث كانت النبرة سياسية في كل ما يتم طرحه من الشعراء، فصنع نجم مع الشيخ إمام تياراً مثلما غنى مارسيل خليفة لمحمود درويش وسميح القاسم، ما وهب للأغنية السياسية حضوراً.

هل الشعر المعاصر يتوجه للإنسان اليوم وقضاياه؟

- السيد: لا يمكن لأي شاعر أن لا يتناول قضايا الإنسان، وذلك لتكوينه الشعري يستحيل أن يكون بعيداً عن الكلمة المخلوق من أجلها ومن أجل الإنسان نفسه.

- العجمي: لا يمكن أن يكون الشعر معلقاً في فراغ، فالشاعر حتى عندما يتكلم عن الجمادات فإنه يعبر عن البيئة المحيطة بهذا الجماد الصغير، فالتكلم عن الشيء الذاتي على رغم وجود الذاتية ليس حصراً عليه فقط وإنما على كل ما يدور حواليه، ولأن الجمادات ليست مقطوعة من التجارب البشرية فإنها تشاركه.

- رضي: إن الشعر على طول تاريخه مواكب للإنسان في جميع تحولاته، فتجده يقترب ويبتعد، فالشعر لم يترك الإنسان في همومه وقضاياه سواء أكان في نسخه الأوروبية أو العربية، فترى أنه يقولها بالاشتباك المباشر مع قضايا الإنسان أو أحياناً بعلاج المسافة.

- أسيري: الشاعر لا ينفصل عن الإنسان فهو في النهاية إنسان، فاتخاذ قضية معينة كالحب تجعله يرجع إلى قضاياه الأولى المتمثلة في الظلم والحرمان.

هل يواجه الشعر تحدي التكنولوجيا في طرحه الموضوعي للقضايا؟

- رضي: الشعر اليوم يواجه تحدياً كبيراً وهو تحدي الصور الفوتوغرافية، حيث إنها تجاوزت فوتوغرافيتها، فثورات الربيع العربي عرفت بالصور، التي نقلت الكثير من الأحداث الجارية، وليس من السهولة أن يواكب الشعر الصورة اليوم، لاختراقها للوعي المجتمعي.

- أسيري: إن الشعر له الريادة من دون أن نحس، فالنص النثري منتشر في كل وقت فيصل إلى الكل، مخترقاً الحدود الجغرافية، فأصبح المجتمع وبالأخص الشباب أكثر ثقافة ومعرفة بالألفاظ اللغوية التي تناسب الأغراض الشعرية.

- السيد: على رغم ازدهار المسار المنتج الروائي اليوم، لكن لا يعني اندثار الحاجة النفسية للشعر، ففي بعض الروايات نجد دخول الحس الشاعري بين سطور الروائي، ما يدل أن الشعر لايزال يتنفس بشكل حقيقي يلامس واقع المجتمعات والشعوب.

- العجمي: لا يمكن للشعر أن يغيب أو يتراجع وإنما يخترق بطريقة هائلة، ففي السابق كانت تطبع الأشعار على بطاقات المعايدة والآن أيضاً أصبح يمتد بشكل سريع، فنجد تحت كل صورة عدداً من الأبيات.

العدد 4578 - الجمعة 20 مارس 2015م الموافق 29 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً