لقد تميّز العالم العربي والإسلامي بوفرة في الإرث الحضاري، ولا نبالغ إذا قلنا بأنه لا تجد بلداً عربياً أو إسلامياً، يخلو من ميراث ثقافي له قيمته الإنسانية المتميزة، ويحكي عن حقب تاريخية متنوعة في ثقافاتها، ويمتد في بعضها إلى ما قبل الميلاد، وما اكتشف منه حتى الآن لا يمثل إلا الجزء اليسير، والكثير منه نقل إلى أوروبا في أزمان مختلفة وبطرق غير شرعية ومخالفة للقانون الدولي الخاص بالتراث الإنساني، ومن ضمنها النهب والتهريب وبيعها بأغلى الأثمان على جهات لها اهتمامات بالكنوز الأثرية، من قبل أطراف لا يهمها غير الحصول على الأموال الطائلة، ولو على حساب تراث بلدانهم ذات الجذور العميقة في التاريخ. وقد تمكنوا بمساعدة جهات عالمية، من تهريب وبيع الكثير من التراث إلى خارج بلدانهم، وما سلم منه من البيع بعد نهبه، لم يسلم من التدمير والتحطيم.
المراكز الإسلامية المعتمدة قالت إن ما حدث لإرث الموصل الإنساني والثقافي العريق، ليس له علاقة من بعيد ولا من قريب بأي مفهوم إسلامي معتبر، فقد كان وجوده قبل الإسلام، ولم يمس بسوء في أي زمن من الأزمان الإسلامية، فكان الإسلام يعتبره وسيلة للعبرة والاعتبار، ولم يتعامل معه بحقد وكراهية. ولا نجد في التاريخ الإسلامي الطويل أحداً من المسلمين له منزلة علمية معتبرة، قد تحسس من وجود ذلك التراث في بلاده، والعكس صحيح تماماً، خصوصاً لدى كبار الباحثين والدارسين.
فمن شاهد مقطع الفيديو الذي يظهر فيه عدد من الأفراد وهم يحطمون بمعاولهم ومطارقهم الآثار والتماثيل القديمة في متحف الموصل، يصاب بالحزن عندما يسمعهم يقولون أن الإسلام أمرهم بذلك، فالإسلام العظيم الذي جاء من أجل رقي الإنسان، كان واضحاً في أحكامه المتعلقة بآثار الأمم السالفة، فالصنم الذي يُعبد من دون الله ويكون سبباً في الشرك، يختلف حكمه عن الآثار التي تعتبرها الأمم إرثاً إنسانياً وثقافياً، ولم يتعامل معها كمعبود. والصحابة الأجلاء (رض) هم الأكثر دراية بهذا الأمر، وهم الذين عاشوا في عصر رسول الله (ص)، وهم الذين سمعوا منه مباشرة حكم الإسلام في إرث الأمم السالفة، ولهذا عندما فتحوا البلدان لم يأمروا بتدمير إرثها الحضاري والثقافي، وتركوه للتأمل في أحوال الأمم التي سبقتهم،لأخذ العظة والعبرة.
وقد تحدثت دار الإفتاء المصرية بإسهاب عن شأن الآثار والتماثيل، وقالت بالنص: «إن الآثار تعتبر من القيم والأشياء التاريخية التي لها أثر في حياة المجتمع والأمة، لأنها تعبّر عن تاريخها وماضيها وقيمها، كما أن فيها عبرةً بالأقوام السابقة، وبالتالي فإن من تسوّل له نفسه ويتجرأ ويدعو للمساس بأثر تاريخي بحجة أن الإسلام يحرم وجود مثل هذه الأشياء في بلاده، فإن ذلك يعكس توجهات متطرفة تنم عن جهل بالدين الإسلامي الحنيف».
وأوضحت دار الإفتاء المصرية أن الحفاظ على الكنوز الرائعة من الحصاد المادي للحضارة الإنسانية، التي يعود بعضها إلى العصر الإسلامي وبعضها إلى حضارات الأمم السابقة، أمر ضروري، مشدّدة على أن الحفاظ على هذا التراث ومشاهدته أمر مشروع ولا يحرمه الدين، بل شجع عليه وأمر به لما فيه من العبرة من تاريخ الأمم». والسؤال الذي يدور في أذهان الكثيرين: هل بالفعل ما أحدثه هؤلاء في إرث الموصل التاريخي كان بدافع إسلامي، أم المسألة بعيدة كل البعد عن الهدف المعلن في الإعلام؟ فالعلماء ببواطن الأمور يدركون أن ما حدث هو تنفيذ لما جاء في وثيقة كامبل في العام 1907، التي تدعو إلى تدمير الإنسان وتاريخه في العالم العربي والإسلامي بعناوين وأيدٍ إسلامية. والتدمير حسب رأي علماء الآثار ينفذ بأسلوبين مختلفين، الأسلوب يعتمد على تحطيم الآثار والتماثيل الكبيرة التي يصعب نقلها إلى خارج البلدان؛ والثاني يعتمد على نهب وتهريب الآثار والتماثيل الصغيرة التي يسهل حملها في الحقائب إلى الخارج، وبيعها عبر السماسرة المنتشرين في بلدان الغرب بأثمان مرتفعة، تقدّر بملايين الدولارات. ويضيفون بأنه لو لم يجدوا في العالم من يشتري منهم تلك الآثار القيمة بمبالغ خيالية، لما كلفوا أنفسهم القيام بهذا العمل المخالف لكل القوانين، ولما احتاجوا إلى تبرير فعلهم السلبي بمبررات شرعية.
إن على المجتمع الدولي اليوم أن يتحمل مسئولية حماية الآثار الإنسانية والثقافية من سياسات التدمير والتخريب والنهب والتهريب.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 4576 - الأربعاء 18 مارس 2015م الموافق 27 جمادى الأولى 1436هـ
كلما
كلما ابتعدوا عن الله وسارو فى درب الشيطان يفعلوون اى شى لاجل مصالحهم الدنيويه انهم يقتلون ويعذوبون الابرياء ويسجنون الابرياء ويقمعوون ومستعدين اجوعون الشعب وهاده الي حاصل فى البلد لاجل مصالحهم انهوا التكبر على الله لاكن سياتى يوم ويصيحون على مافعل فى الناس المظلوووومون المشتكى لله وقاتل الله الجهل