وجدتها بعباءتها السوداء جالسةً على الرصيف وأمامها قطعة قماش مهملة يبدو أنها كانت ذات يوم بيضاء، وعليها علب محارم ورقية للجيب، وبعض العلكة والمناديل والقطن. لم أكن بحاجةٍ لأيٍّ من هذه الأشياء ولكن شكل المرأة وهي تجلس في هذا الموضع حرّك بداخلي ألماً ممزوجاً بفضول. اقتربت منها وجلست بجانبها ففوجِئَت بالحركة وسألتني بحنيةٍ: تدلّلي ماذا تريدين؟ فأجبتها: أريد أن أعرف ما أجبرك على الجلوس هنا والسماء تمطر.
ردّت: لقمة العيش هي التي تجعلني أخرج من بيتي صبحاً ومساءً.
كنت أعرف مسبقاً أنها ستجيب بهذا الجواب؛ لكنني لم أكن لأقنع به، فعدت وسألتها: يما وين عيالج؟ ووين زوجك؟
تنهدت بألم وأجابت: أبو العيال توفى من عشرين سنة وزود، وأنا على هالحال من خمس سنين تقريباً عقب ما تزوّج آخر أولادي وصرت ما أقدر أخيّط لأن عيوني ضعفت، ومحد يشتري قماش ويخيطه الحين، ولازم أصرف على روحي.
ففهمت من كلامها أن لديها أكثر من ولد، وهذا يعني أنها يجب أن تحصل على ما يغنيها عن العمل في هذه السن المتقدمة من أبنائها.
قدّمت لي ماءً كان بجوارها بكل كرم، ففهمتُ أنني لم أشكّل لها إزعاجاً، فقرّرت معرفة بقية قصتها وسألتها عن أبنائها ولماذا لا يعيلونها لتضطر إلى العمل صبحاً ومساءً كي تحصل على قوت يومها. وصعقت حين سمعت قصتها تسردها بشغف وكأنها كانت بحاجة لمن يسمعها منذ زمن بعيد.
لهذه الأم ثلاثة أولاد وابنتان، ابنتها البكر تزوّجت خليجياً وسافرت من غير عودة، وأبناؤها الثلاثة تزوّجوا واستقلوا بحياتهم وهو ما فعلته ابنتها الصغرى أيضاً.
تقول هذه العجوز: في هالزمن ما فيه أولاد يصرفون على أمهاتهم إلا في المسلسلات! يالله! ما الذي عانته هذه الأم كي تقتنع بهده العبارة التي قالتها؟
وبينما أنا أفكر في عبارتها قطعت تفكيري صدمة أخرى حين قالت لي: تصدقين يابنتي أنا أغيّر مكاني كل كم يوم، بس عشان ما يطبّون علي عيالي ويهاوشوني نفس ذيك المرة، لا يرحمون ولا يخلون رحمة الله تنزل!
حين سألتها عمّا تعنيه بالضبط اكتشفت أن أبناءها لا يزورونها إلا يوم السبت حيث يجتمعون لديها على وجبة الغداء، وأنهم لا يقدّمون لها أي عون وهم يعرفون أن ما تقدّمه لها وزارة التنمية الاجتماعية من مساعدة لا يكفي حتى لسداد إيجار منزلهم، وليس لديها راتب تقاعدي بعد وفاة زوجها، وحين عرفوا بأمر عملها هذا وبّخوها وهدّدوها إن رأوها في الشارع يوماً سيقلبون الطاولة على رأسها، بحجة «الفشيلة»! وهي تصرّ على العمل كي لا تضطر لمد يدها للناس، خصوصاً أن الجمعيات لا تقدّم لها المساعدة باعتبارها غير حاضنة كما ذكرت.
فهل انعدمت الرحمة إلى هذا الحد في قلوب الأبناء؟
أعلم تماماً أن من الصعب على الأبناء في هذا الوقت أن يزوروا أمهاتهم يومياً، خصوصاً العاملين والمسئولين عن أسرهم، لكنني أتوقع أيضاً أن يبرّ أي ابن بوالدته براً حقيقياً، لا كلاماً على مواقع التواصل الاجتماعي، وأن من واجب أي ابن أن يعيل أبويه حين يبلغان من الكبر عتياً.
لم أسألها عن طبيعة أعمال أبنائها ولا رواتبهم، لأنني أعتقد بأن من واجبهم مهما كانت أوضاعهم المادية سيئة أن يبروا بها ويعيلوها وسيرزقهم الله من حيث لا يحتبسون على برهم.
اشتريت منها محارم ورقية، وودّعتها وفي قلبي ألف سؤال منعتني غصتي من طرحها كي لا تنزل دمعتي وتزيد من ألمها آلاما. فهل سيكتب هؤلاء بطاقات تهنئة بعيد الأم بعد أيام كما سيفعل غيرهم؟
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4576 - الأربعاء 18 مارس 2015م الموافق 27 جمادى الأولى 1436هـ
2) أن الله سبحانه وتعالى رفع الإحسان للوالدين إلى مستوى عبادة الله عز وجل، كان لبرِّ الوالدين في الإسلام شأن كبير
وقوله(فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ)يقول: فلا تؤفف من شيء تراه من أحدهما أو منهما مما يتأذّى به الناس،ولكن اصبر على ذلك منهما،واحتسب في الأجر صبرك عليه منهما، كما صبرا عليك في صغرك.
1) أن الله سبحانه وتعالى رفع الإحسان للوالدين إلى مستوى عبادة الله عز وجل، كان لبرِّ الوالدين في الإسلام شأن كبير
قال الله تعالى :ï´؟ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراًï´¾.
صباح النساء
استاذة في بعض الحريم الله يهديهم لو تعطيها شنو تعشق تكون في موقع المظلومية والشفقة ، استاذتي الحسناء المفروض تتاكدين قبل عرض القصة يمكن عيالها يعطونها وعلى قدهم وهي وحدة يعني حتى خمسين دينار بتكفيها من اكل ومشرب ، ويمكن مقالك اليوم استاذتي فيه ظلم لاولاد هذه المرأة .. الله يحميك ويحفظك ويحرسك
سليمه اتجبهم
سليمه اتجبببهم
اعيالهم بيسووون لهم ولنسوانهم بعدددد