ساقني الموقف الذي يتناقله أحفاد الحاج أحمد بن خميس (تاجر اللؤلؤ المعروف) على موقع التواصل الاجتماعي «الانستغرام»، إلى التنقيب عن السر الذي يدفع البحرينيين إلى عشق الكنار المحلي، حيث يروي أحفاده أنه لطالما ذكر لهم أن المستشار البريطاني تشارلز بلغريف كان يصر على تناول الكنار البحريني من مزرعة جدهم الحاج أحمد بن خميس لحلاوة مذاقه.
ساقني هذا الموقف للتجوال في أماكن مختلفة لبيع الكنار وزراعته على مشارف القرى الصغيرة، وفي الأسواق التي تفوح منها رائحة الفاكهة والخضراوات تزامناً مع موسم الكنار البحريني الذي أوشك على الاندثار لأسبابٍ عديدة على رغم تزايد الطلب عليه. فمن حيث انتهى تشارلز بلغريف بدأنا... ما هو السر الذي يدفع البحرينيين إلى عشق الكنار البحريني؟ ولماذا؟
كان لا بد من وقفة مع أحد المزارعين الذي عرف بزراعته وبيعه لثمرة الكنار البحريني الأصيل منذ عشرات السنين، وتحديداً في مزرعته الواقعة بشارع طشان، لا شيء يجذبك نحو شجرة الكنار البحريني إلا رائحته الزكية. تكاد لا تراه لكثرة أوراق الشجرة وضخامتها.
اقتربنا معه أكثر نحوها فوجدناها مثمرة ومعمرة في الوقت ذاته... الحاج جاسم علي حسن المحرقي (خمسيني العمر) يعمل مزارعاً في هذه المزرعة منذ أكثر من 40 عاماً، ورث الزراعة عن أبيه، فصار ملازماً للتربة والنخل والماء والشمس والكنار البحريني أيضاً.
يُشَّبه الحاج جاسم المحرقي «شجرة الكنار البحريني» بالناس وهو يشير إليها «يا بتي الشجر مثل البشر، واحد تحب تسولف وتأخذ وتعطي وياه، وواحد ما تطيق تسولف وياه من لسانه المر، بالضبط مثل شجرة الكنار فيها الحلو والمميز وفيها المر».
سألناه عن السبب الذي أدى إلى تراجع كمية العرض والطلب بالنسبة إلى الكنار البحريني الصغير تحديداً، فقال: «الوضع يعور القلب يا بتي،. شوفي، هل تمت (بقيت) نخلة عدلة عشان تبقى شجرة الكنار الأصلية، ما في مزارعين بحرينيين مثل قبل عشان يعتنون بها ويحافظون عليها، الحين كله هنود وغير هذا الدود المنتشر ما يخلي شي، ودواه أشتريه بـ 5 دنانير وأحاول قد ما أقدر أقضي عليهم عشان تبقى شجرة الكنار».
يحدثنا الحاج جاسم المحرقي عن موسم الكنار وزراعته وسعره، بقوله: «شجرة الكنار تنبت بنفسها، ففي أي زمان ومكان يكثر فيه الماء وضعتَها زرعت وأثمرت تماماً كما يزرع النخيل. والكنار بحجمه الصغير هو الكنار البحريني الأصلي، ويبدأ موسه من بداية يناير/ كانون الثاني حتى نهاية إبريل/ نيسان أو بداية مايو/ أيار، ويتراوح سعر الفلينة الواحدة بـ 3 دنانير والكيلو بدينار».
ويذكر المحرقي أن أهل البحرين يقبلون على شرائه بشدة، فيقول: «في الماضي كان أهل القرية يحرصون على حجز وشراء الكنار البحريني بشكل يومي، فشجرة الكنار كلما قطفت ثمارها عادت وأثمرت من جديد، أما الآن فأبيعه في السوق المركزي».
الإقبال على الكنار البحريني كبير
على مشارف قرية جدالحاج يجلس بائع الخضراوات إبراهيم جعفر عبدالله مفترشاً الأرض ليزاول مهنته في بيع بعض المنتوجات الزراعية وعلى رأسها الكنار البحريني الذي يقول عنه: إن «الإقبال على الكنار البحريني كبير جدّاً وخصوصاً من البحرينيين والأشقاء في الكويت وقطر».
ويصف ثمرة الكنار البحريني بقوله: «الكنار البحريني بحجمه الكبير شبيه بالتفاح، ويتميز بحلاوة طعمه وخفته، والسبب يعود إلى كثرة الماء فيه ما يجعله راوياً».
ولا يرى إبراهيم أي وجه مقارنة بين الكنار البحريني الأصلي وبين الكنار الهندي، إذ يقول: إن «الكنار البحريني لا يقارن بالهندي إطلاقاً، فهو بالطبع أفضل وألذ، لكن بالإمكان مقارنته بالكنار السعودي فهو مقارب له في المذاق».
وعن مكان وموسم زراعته يذكر البائع إبراهيم: «يزرع في المزارع العادية كمزارع الجنبية وكرانة وأبو صيبع والبرهامة ويبدأ موسمه مع بداية شهر يناير حتى نهاية مارس/ آذار».
ويرجع إبراهيم سبب شحه في الأسواق إلى «عدم رشه بالمبيدات الحشرية الخاصة بالأشجار بشكل صحيح ما أدى بالدود إلى القضاء عليه، إضافة إلى تقارب المواسم الزراعية بالنسبة إلى المزارعين الذين يقومون بزراعة أكثر من نوع من الفاكهة أو الخضراوات البحريني، وبالتالي يقل الاهتمام بشجرة الكنار وهذا الأمر يعود بالدرجة الأولى إلى قلة توافر الأيدي العاملة».
وتحدد أسعاره بالاعتماد على مذاقه، إذا كان حلواً أم لا، إضافة إلى خلوه من الحشرات، كما يقول بائع الخضراوات إبراهيم.
من جانبه، يقول بائع الخضراوات بسوق جدحفص حبيب البقالي (38 عاماً) عن الكنار البحريني مقارنة بالكنار الهندي المعروض إلى جانبه في السوق: «بالنسبة إلى الكنار البحريني بحجمه الصغير صار نادراً على رغم حلاوة مذاقه وتميزه، وإذ ما قارنا الكنارالبحريني بحجمه الكبير مع الكنار الهندي فهو طازج وحلو المذاق بعكس الأخير الذي يصل متأخراً عبر الشحن ولا يكون طازجاً، لذلك يكون الإقبال على طلبه (الكنار البحريني) أكثر حتى لو كان سعره مرتفعاً، ويتراوح سعره بين الدينار والدينار والنصف، ونسبة الإقبال عليه من قبل الأجانب لا تتعدى 10 في المئة».
ويضيف «الكنار البحريني يزرع في أي مكان، بعكس الأشجار الاستوائية التي لا تلائم جو البحرين ،وتحتاج إلى مزارع محمية، وموسمه يبدأ الآن ويسمى موسم الدرز أي فصل الربيع، وفي الشهر المقبل يبدأ موسم التركيب من 21 مارس الى 21 إبريل».
ويختم البقالي بذكر الكيفية التي يحافظ من خلالها الناس على شجرة الكنار البحريني الأصلي بقوله: «غالبية الناس أصبحت تقطع أطراف شجرة الكنار لكي لا تقضي عليها الدودة المنتشرة وتسمى دودة أبو شميلة، ولكي لا تتأثر في السنة المقبلة فتراها تكبر وتعرض وترتفع وثمرها يزيد».
ويتفق الحاج عبدالشهيد أحمد (بائع خضراوات بسوق جدحفص) مع البقالي بقوله: «الكنار البحريني لا يقارن بالهندي، فهو ألذ بكثير، وعلى رغم ملوحة مياه البحرين مقارنة بعذوبة مياه الهند فإن طعمه ألذ وأحلى».
وعن الفرق بين الكنار بحجمه الصغير والكبير يقول: «الصغير طعمه ألذ وأخف وأفضل من الكبير؛ لأن الأخير يسبب انتفاخاً في البطن».
أما عن احتياجات وموسم شجرة الكنار لكي تنبت وتثمر، يقول الحاج عبدالشهيد: إن «شجرة الكنار تحتاج إلى أرض رملية وشمس وكمية مياه معتدلة، مع الإشارة إلى ضرورة استخدام السماد الطبيعي في البداية، وموسمه مع درز الأشجار وجريان الماء في العود إلى آواخر فصل الربيع».
لماذا أوشك على الاندثار؟
يرى الحاج عبدالشهيد سبب قلة أو اندثار الكنار البحريني يعود إلى «قلة المزارع أولاً، وثانياً لا توجد مساحة مخصصة للزراعة في بيوتنا، فغالبيتها عبارة عن شقق سكنية لا يوجد بها حيز للزراعة وشجرة الكنار كما قلت تحتاج إلى تربة رملية كانت تتوافر في بيوتنا العادية وهذا ما لا نجده الآن».
ويحدد أسعار وزبائن الكنار البحريني الأصلي بقوله: «الكيلو بدينار ونصف، وزبائنه البحرينيون طبعاً، إضافة إلى نسبة بسيطة من الأجانب وأهل الكويت الذين كنت أراهم يسعون من أجل الحصول عليه».
ننتظره بفارغ الصبر
لم أكمل بعد جولتي في سوق جدحفص المركزي بحثاً عن بائعي الكنار البحريني حتى التقيت زبائنه الذين كشفوا لي عن السر وراء عشقهم له وانتظار موسمه.
منصور العلوي (أعمال حرة)، يقول؛ «أشجع المنتوجات البحرينية، وحلاوتها مثل طيبة أهلها».
ويجيب على سؤالنا أيهما يختار الكنار البحريني أو الهندي، بقوله: «أختار الكنار البحريني؛ لأنه منتج بلدي، ويجب عليَّ كمواطن تشجيع منتوجات بلادي. والكنار البحريني خير مثال، فجودة مذاقه أفضل بكثير من الكنار الهندي».
أما آسيا عيسى أحمد (مساعد ممرض) فتبدو مولعة بالكنار البحريني، فتقول: «طعمه مميز ولذيذ لا يقاوم، وأبقى بانتظاره حتى لو كان سعره مرتفعاً».
ويقول حمزة الأسود (رجل أعمال) «الكنار البحريني طعمه يختلف عن الكنار الهندي، وحلاوته تختلف عن أي نوع ثان، والكنار بحجمه الكبير أفضل بالنسبة لي من الكنار الصغير».
ويضيف عن أسباب شرائه المنتوجات الزراعية المحلية وعلى رأسها الكنار البحريني: «أشتري المنتوجات الزراعية المحلية لدعم الاقتصاد المحلي أولاً، وثانياً بسبب خلوها من المواد الكيماوية، وحتى لو كانت فيها، فالنسبة بسيطة جدّاً مقارنة بالمنتوجات الزراعية المستوردة».
ويبقى بانتظار حلول موسمه بقوله: «أنتظر موسم الكنار البحريني في كل سنة وأحرص على شرائه مادام طازجاً ولذيذاً».
لم يعد البحرينيون فقط عشاقاً للكنار البحريني، فالهندي عبدالسلام (عامل بسوق جدحفص المركزي) يقول بلغته العربية الركيكة: «كنار بحريني أحسن واحد، أحلى من كنار هندي؛ لأنه واجد لين وحلو، وفي نفر واجد يطلب كنار بحريني».
العدد 4576 - الأربعاء 18 مارس 2015م الموافق 27 جمادى الأولى 1436هـ
هذا الكنار مو بحريني
هذا الكنار مو بحريني الكنار الصغار هذا الكنار البحريني بس الاحجام الكبيرة هذا مستورد من الخارج او انه مطعم على الكنار البلدي
الكنار البحريني
يا جماعة ترى مكتوب في الموضوع ان مو هذا لكنار البحريني الي في اخر الصورة شكلكم ماقريتون الموضوع اصلا
هذا مو كنار بحريني
هذي مو صورة المنار البحريني
هذي مو صورة المنار البحريني
لا مو صورة المنار صورة الميادين .خخخخخ
هذا كنار مو بحريني
بس اللي في الصورة هذا كنار مو بحريني
البحريني صغير وطعمه احلى
هذا بذر خارجي ويزرع في البحرين