وجدت دراسة علمية في جامعة البحرين أن المدمنين على المخدرات الذين تطول فترة إدمانهم، وتكثر انتكاساتهم الصحية، يكونون أقل توافقاً نفسياً بعد التعافي من الإدمان.
ولم تجد الدراسة، التي أعدتها الطالبة في برنامج ماجستير علم النفس الإرشادي بالجامعة فاطمة النزر، تأثيراً للمستوى التعليمي في التوافق النفسي الشخصي للمتعافين من الإدمان.
ووُسمت الأطروحة التي قدمتها النزر للمناقشة مؤخراً بعنوان: "الأسلوب المعرفي (التروي/الاندفاع) وعلاقتة بالتوافق النفسي لدى المدمنين المتعافين من المخدرات والكحول بمملكة البحرين".
وعرَّفت الباحثة "الأسلوب المعرفي (التروي/الاندفاع)" بأنه أسلوب الفرد وإستراتيجياته المميزة في استقبال المعرفة والتعامل معها، ومن ثم الاستجابة على نحو ما مثل: التروي في الاستجابة أو الاندفاع. في حين عرَّفت "التوافق النفسي" بأنه عملية دينامية مستمرة يحاول فيها الفرد التعديل في سلوكه وفي بيئته وتقبل ما لا يمكن تعديله فيها حتى تحدث حالة من التوازن والتوافق بينه وبين البيئة التي تضمن إشباع معظم حاجاته الداخلية أو مقابلة أغلب متطلبات بيئته الخارجية.
أما المدمن المتعافي فهو بحسب الدراسة الفرد العائد إلى حالته الطبيعية بعد تلقي العلاج اللازم من مؤسسة متخصصة في العلاج؛ فالمدمن المتعافي هو الشخص الذي سبق أن أدمن على استخدام المواد المخدرة ثم خضع لبرنامج علاجي متخصص وتماثل للشفاء.
واستخدمت الباحثة النزر في دراستها المنهج الوصفي للإجابة على فرضيات الدراسة وأسئلتها، باعتبارها طريقة في البحث عن الحاضر، ووصف وبيان للظاهرة المراد دراستها.
وتكون مجتمع الدراسة من عدد من المدمنين المتعافين الذين ثبت إدمانهم طبياً ويتابعون عملية العلاج والتأهيل بالعيادات الخارجية في وحدة المؤيد لعلاج الإدمان من المخدرات في مستشفى الطب النفسي بمملكة البحرين وبلغ عددهم (45) فرداً.
وكانت لجنة اختبار ناقشت الباحثة النزر في أطروحتها، وتكونت اللجنة من: أستاذ علم النفس في كلية الآداب بجامعة البحرين توفيق عبدالمنعم مشرفاً، وأستاذ علم النفس عضو هيئة التدريس في القسم نفسه جيهان العمران ممتحناً داخلياً، وأستاذ علم النفس في جامعة القصيم أحمد السيد ممتحناً خارجياً.
وأرجعت الباحثة النزر ضعف التوافق النفسي لدى المتعافين من الإدمان إلى عدة أسباب من أهمها: أن المدمنين الذين استخدموا المنشطات أو المهدئات والمخدرات المضافة غير الطبيعية يعانون من مشكلات عصبية وتلف في الدماغ حتى بعد الشفاء من الإدمان.
ورأت النزر ضرورة عمل برامج إرشادية نفسية متخصصة وذات أساس علمي للمدمنين المتعافين من المخدرات والكحول وذلك لقصور في هذه البرامج بمملكة البحرين واقتصار مجموعات الدعم والإرشاد على الجهود الذاتية للمدمنين المتعافين.
ودعت إلى عمل برامج توعوية في جميع وسائل الإعلام لبيان سيكولوجية المدمن المتعافي والصعوبات التي تعوق استمرارية تعافيه وامتناعه عن التعاطي، وتسهم في زيادة توافقه مع بيئته المحيطة.
وطالبت الباحثة في توصياتها بالعمل على تفعيل دور الاختصاصيين والمرشدين النفسيين في علاج المدمنين المتعافين من المخدرات والكحول وتأهيلهم. وذهبت إلى ضرورة الاهتمام بالجوانب الشخصية للمدمنين: النشط والمتعافي في إعداد الخطط والبرامج العلاجية لهما، وعدم الاقتصار على الجانب الطبي والعلاج الدوائي فقط.
ومما يجدر ذكره أن ماجستير علم النفس الإرشادي في جامعة البحرين يسعى إلى تحقيق عدة أهداف، أهمها إعداد كوادر أكاديمية مهنية متخصصة في علم النفس الإرشادي مؤهلة للعمل الفني مع مختلف فئات المسترشدين، وتقديم الاستشارات الفنية لمؤسسات الرعاية والعلاج والتأهيل في القطاعين العام والخاص.
ويستقطب البرنامج سنوياً العديد من المختصين والمهتمين بالإرشاد النفسي سواء في داخل البحرين أم خارجها ولا سيما الراغبين في استكمال الدراسات العليا في هذا المضمار من المملكة العربية السعودية.