انطلقت يوم الأحد الماضي 15 مارس/ أذار الجاري أولى جلسات منتدى البحرين الدولي للحكومة الإلكترونية 2015، ناقش خلالها نخبة من المختصين والمتحدثين العالميين تجاربهم وقصص النجاح في مجموعة من المحاور المتعلقة بالمدن الذكية، وذلك بمركز عيسى الثقافي.
ضمن جلسات اليوم الأول تحدث رئيس وزراء السويد السابق جون فريدريك رينفيلد عن التجربة السويدية في مجال الحكومة الإلكترونية، متطرقاً إلى كيفية توظيف التكنولوجيا في تطوير بلاده خلال فترة توليه المنصب منذ 2006 وحتى 2014، كما استعرض عدداً من التجارب السويدية في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبيانات الحكومية المفتوحة والمساعدات الدولية لحكومة السويد. وأوضح بأن توظيف الحكومة الإلكترونية بطريقة صحيحة يحسن من مستوى حياة المواطنين، والمدن الذكية تخلق فرصا وظيفية جديدة، وأضاف أن السلطات المعنية عليها أن تدرس بعناية الفجوة الرقمية بين الشباب وكبار السن قبل تقديم المعلومات ونشر المعرفة بين قطاعات الجمهور، وأضاف رينفيلد: أن الاقتصاد القوي يخلق فرصاً وظيفية أكثر، وكشف بأن 53% من الأعمال القائمة اليوم ربما ستختفي أو تتغير في غضون العقدين القادمين مع وتيرة التحول الرقمي، ولذلك فإن هذا المنتدي هو أحد المنصات التي تمكننا من النظر تجاه المستقبل لتحسين الظروف لحياة أفضل.
من جانبه، استعرض ممثل الاتحاد الأوربي ورئيس مندوبية الاتحاد الأوروبي المعتمدة لدى البحرين، المملكة العربية السعودية، الكويت، عمان وقطر السفير آدم كولاخ، عن تجربة الاتحاد الأوروبي في الحكومة الإلكترونية وفرص التعاون مع دول الخليج العربي، موضحاً أن هناك فرص كبيرة للتعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي في مجالات الحكومة الإلكترونية والبحث والابتكار، ويقوم الاتحاد الأوروبي بمهمة التنسيق منذ أكثر من 10 سنوات في هذا المجال، وفيما يختص البحث والتطوير طرح كولاخ رؤية الاتحاد 2020 الذي يوفر تمويل يصل حوالي 80 مليار يورو وهو أكبر مشروع للبحث والابتكار في العالم وهي مفتوحة للتعاون بين جميع الشركاء.
وتحدثت نائب الرئيس لخدمات الويب العالمية في القطاع العام، ومسئولة تطوير الإستراتيجية والعمليات والمبيعات والأعمال لخدمات موقع أمازون وأعمال الحوسبة السحابية تريزا كارلسون ، حول تجربة (أمازون) والابتكار الذي اعتمدته في مجال الحوسبة السحابية لتطوير أعمالها، موضحة أن (أمازون) ترفع القدرة الاستيعابية لها يومياً لأنها تعمل على مستوى عالمي، وحرصت على أن تكون التقنية التي تستخدمها على مستوى عالي وتتسم بالسلاسة لتستوعب نطاق عملها في 28 منطقة و53 موقعاً، وتعمل أمازون على زيادتها لتصل إلى كل من يستخدم الحوسبة السحابية. كما عززت (أمازون) من مستوى الأمن لديها، بحيث أصبحت مقصد الكثير من الجهات العامة والخاصة التي تطلب منها توفير الخدمات لها عبر الحوسبة السحابية بشكل مبتكر ومنها: إنستغرام ومايكروسوفت وغيرها، مشيرة إلى أن الخدمات خلال السنوات السبع الأخيرة ارتفعت بشكل كبير من خلال الابتكار في الحوسبة السحابية لأنها تلبي احتياجات الجمهور، مؤكدة أن هذا المجال يحتاج إلى تدريب الموارد البشرية، وفي هذا السياق أشادت بسيدات مملكة البحرين كونهن موظفات في مجال تقنية المعلومات والاتصالات بنسبة كبيرة، وشجعتهن أكثر على دخول هذا المجال والتطور فيه.
كما تحدث نائب رئيس الخدمات الرقمية للحكومة البريطانية توم لووزمور، عن تجربة بريطانيا في مجال الحكومة الإلكترونية وتعميم خدماتها، موضحاً أن توفير الخدمات الإلكترونية ساعد في وصول 13 مليون زائر لها، خصوصاً عبر تطبيقات الأجهزة الذكية مما وفر على الحكومة البريطانية 62 مليون باوند سنوياً، مشيراً إلى أن انطباع الجمهور هو من أهم المعايير التي تتطور من خلالها الخدمة، والأخذ بمقترحاتهم يحقق الرضا الذي وصلت له المملكة المتحدة وهو 90%. وذكر أن العمل يجري حالياً على تصميم الخدمات وليس جعلها إلكترونية فقط، وذلك عبر المرونة في تطوير الخدمة وتحديثها كل أسبوعين، أو مرة واحدة يومياً حسب مضمون الموقع، وهذه المرونة هي الأساس في عالم تزداد فيه مخاطر الأمن الإلكتروني، كما أنها تساعد للوصول لفهم حاجيات المستخدمين.
وبين لوزموور أن الحكومة الرقمية في المملكة المتحدة تطمح لجمع كل الخدمات الحكومية في منصة واحدة مبسطة تساعد على التحقق من هوية المستخدم، ويعمل على خدماتها الإلكترونية فريق به متخصصون من كل الجوانب حتى تقدم الخدمة متكاملة للعميل، مضيفاً: "نسعى دائماً لتسويق هذه الخدمات محلياً، ونشارك أيضاً خبرتنا مع العاملين في المجال التقني، لذلك يوجد الكثير من البيانات المفتوحة لمن يرغب بالاستفادة منها، ومدونة خاصة بالحكومة الرقمية، ومبادئ التصميم الخاصة بنا، إلى جانب الدليل الارشادي لهذه الخدمات الذي يساعد للوصول إلى مستوى عالي يوازي الجودة العالمية".
وفي جلسة أخرى قدم المدير العام لحلول القطاع العام لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا- شركة مايكروسوفت ديفيد بوروز موضوع (المدينة القادمة: المدينة الذكية)، تحدث فيه عن أن الفرص والتحديات في المدن معقدة وكثيرة في سبيل التحول إلى المدن الذكية، نظراً إلى انتقال 75% من الناس للعيش بها دون أن تكون بنيتها التحتية التكنولوجية مهيئة، ولا يمكن تجاهل الحاجة إلى التطوير في هذه المدن نظراً لأن الأجهزة الذكية تتمحور حولها كل جزئيات الحياة، بحيث تشير الإحصائيات إلى أن 3 بلايين شخص سيستخدمون الإنترنت في العالم بحلول عام 2020، لذلك من المهم التركيز على البنية التحتية التكنولوجية والابتكار بها، مستعرضاً نماذج في هذا الجانب مثل نموذج (سيري) الذي يتمحور حول الحديث إلى الهاتف النقال والتفاعل معه، ونموذج (هولوننس) المتمثل بالعالم الافتراضي ثلاثي الأبعاد، داعياً إلى التوسع أكثر بهذه الابتكارات، مع الحرص على أن تكون آمنة وموثوقة للمستخدم، وتصبح أكثر موائمة لاحتياجته، مع الاستفادة من الحوسبة السحابية في هذا الجانب، مستشهداً في هذا السياق بعدد من الأمثلة التي طبقت في مجموعة دول.
وشملت فعاليات اليوم الأول جلسة مشتركة بين الشريكين المؤسسين للمبادرة العربية الأمريكية لتصميم تجربة العملاء AADMCI هالة هيمياسي وجيم جاكوبي تركزت على موضوع الحضارة الرقمية: التصميم للتحول لفرق العمل والشركات والبلدان، وكيف أن هذا التصميم يمكن أن يساعد على حل المشكلات وأن التحول يحدد الخيارات التي تتصل بالمعرفة واتخاذ خطوات عملية.
وفي الجلسة الرابعة استعرض الشريك التنفيذي لشركة غارتنرGartner السيد إيريك سميث عشر توجهات تقنية استراتيجية للحكومة الرقمية، وأعلن أن بأن حوالي 30 مليار من الأجهزة الإلكترونية ستكون في الاستخدام بحلول العام 2020، واصفا التطور الذي يشهده القطاع الحكومي وما يحمله التوجه نحو المدن الذكية من فرص جديدة وفي إتاحة وتباد البيانات الحكومية بين جميع الجهات مما يضمن حياة أفضل للمواطنين في المدن الرقمية. وقال: "التكنولوجيا تساعد الحكومات الرقمية وتصنع المدن الذكية وطريقة إدارة الأعمال فيها، وبهذا توفر الحكومات الإلكترونية وتوفر خدمات أفضل باستخدام التقنيات ونحي جهود البحرين في هذا المجال ".
من جهته، استعرض الخبير العالمي ورئيس المختبر البحثي لخدمة الذكاء التنافسي بوزارة الاقتصاد والمالية في فرنسا كلود روجيت موضوع (إدارة دورة الحياة الحضرية: هندسة بنية النظام التي تطبق على تصميم ومراقبة المدن الذكية)، مؤكداً ضرورة هندسة نظام حضاري تقني يخدم المواطن، بحيث تصمم عملياته الأساسية بشكل ذكي، شامل، متفاعل، ويعيد إنتاج نفسه بنفسه، كما يتسم بالاستمرارية، وأن يكون غير معقد حتى لا ينهار. مشيراً إلى أن هذا النظام غير ملموس لكنه يعكس الحاجات الموجودة في الواقع، لذلك يجب أن يدعم بالقوانين التي تسهل تنفيذه، ويكون مثل لعبة الليجو التي تتشكل بطرق مختلفة لكنها تعطي النتيجة المرجوة في النهاية.
فيما تناول الأستاذ والمدير العام المشارك بمركز سياسة المعلومات والوصول (iPAC)، بجامعة ماريلاند جون بيرتوت، موضوع التوسع في سياسة المعلومات المرتبطة بتطبيقات المدن الذكية، وأثرها على الإدارة العامة، الذي أشار فيه إلى التداخل في السياسات المرتبطة بالمدن الذكية، إذ يتطلب التعامل مع الأجهزة الذكية أن تفتح السياسات المجال أمام تبادل المعلومات، إلا أن ذلك قد يتضارب مع الأمن والخصوصية التي ينشدها المستخدم، مقابل مطالبته الحكومات بالشفافية وطرح المعلومات، وهذا من تحديات المدن الذكية، التي تتطلب مرونة عالية وتعديلات مستمرة لهذه السياسات، كما أن البيانات تتوزع بشكل كبير يصعب معه تحديد ملكيتها، حتى يمكن طرحها كبيانات مفتوحة.
واختتم نائب الرئيس التنفيذي للهيئة زكريا أحمد الخاجة جلسات المنتدى، باستعراضه الاستراتيجية الوطنية للحكومة الإلكترونية 2016، وأوضح أن هيئة الحكومة الإلكترونية ستواصل العمل ضمن استراتيجيتها الثانية التي طرحتها عام 2011، إلا أنها ستقوم بجعل تركيز الاستراتيجية ينصب على المواطنين وجعلها أكثر مناسبة لحاجاتهم، وذلك ضمن الخطة الوطنية لعمل الحكومة، مشيراً إلى أن دراسات هيئة الحكومة الإلكترونية أثبتت إقبال المواطنين في البحرين على خدمات الهاتف النقال، ولذلك ستسعى لتعزيز الخدمات المعروضة عبر تطبيقات متجر حكومة البحرين الإلكترونية.
وأشار الخاجة إلى تشجيع الهيئة للإبداع وحرصها على تطبيق الأفكار المبتكرة واحتضان ريادة الأعمال في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات والحكومة الإلكترونية، كما تطرق إلى اهتمام الهيئة بالمشاركة الإلكترونية، إذ تقوم حاليًا بتطوير منصات لتمكنها من قياس التفاعل عبر القنوات المختلفة مثل مواقع التواصل الاجتماعي.
يذكر أن فعاليات المنتدى مستمرة حتى الخميس الموافق 19 من مارس/ أذار الجاري، واليوم سيتفضل نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس اللجنة العليا لتقنية المعلومات والإتصالات سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة بافتتاح معرض البحرين لتقنية المعلومات في حلبة البحرين الدولية، والتي يتزامن معها انطلاق ثمان ورش العمل في الحلبة أيضا.