في وقت أشرفت فيه الأمانة العامة لمجلس الوزراء على عملية فتح المقابر الجماعية التي اكتشفت أخيرا في قرية البو عجيل بمحافظة صلاح الدين، على أمل العثور على ضحايا المجزرة التي وقعت في قاعدة «سبايكر» بضواحي تكريت في 12 يونيو (حزيران) 2014 وراح ضحيتها المئات من المتطوعين في الجيش، أبدى سياسي عراقي استغرابه من الطريقة التي وصفها بـ«المستعجلة والارتجالية» على هذا الصعيد، بحسب ما أفادت صحيفة الشرق الأوسط اليوم الأثنين (16 مارس/آذار2015)
وكان بيان للأمانة العامة لمجلس الوزراء أكد أمس أن «غرفة العمليات شكلت فريق عمل مؤلفا من قسم المقابر في وزارة حقوق الإنسان، ومعهد الطب العدلي في وزارة الصحة، وتوجه الفريق إلى قرية البو عجيل وباشر بفتح المقابر بالتعاون مع قوات الحشد الشعبي». وأضاف البيان أن «الفرق المنقبة استخرجت كثيرا من الرفات (..) فيما قامت المعدات والآليات بتوسيع المقبرة لاستخراج ما تبقى من الرفات، علما بأن عملية الحفر تأخذ بضعة أيام، لعمق المقبرة، وضرورة توخي الدقة في عملية الحفر، كي يتم تحاشي خلط أجزاء الرفات». وأوضح البيان أنه «من المقرر أن يتم إغلاق المقابر بعد الانتهاء من عمليات التنقيب، وتحويل الرفات إلى الطب العدلي لإجراء فحوصات الحمض النووي ومطابقتها مع عوائل شهداء قاعدة سبايكر والمفقودين الآخرين». وتوقع البيان أن «تستغرق عملية المطابقة بعد وصول رفات إلى الطب العدلي بين 15 و20 يوما». وأشار إلى أن «غرفة العمليات كانت قد أنجزت رفع الطبعات الوراثية لعوائل ضحايا (سبايكر) منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2014 استعدادا لاكتشاف المقابر، إلا أنه لم يتم التأكد حتى الآن إن كان الرفات يعود إلى ضحايا قاعدة (سبايكر) أم لا».
وفي هذا السياق، انتقد سياسي عراقي على صلة بالعمليات الحالية في محافظة صلاح الدين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، طريقة التعامل مع هذه القضية، قائلا إن «هناك من يريد إثبات موقف معين يسجل له على صعيد عملية البو عجيل لما باتت تحمله (مجزرة سبايكر) من رمزية وطنية، بالإضافة إلى اتهام أبناء هذه المنطقة التي تضم في غالبيتها العظمى عشيرة البو عجيل بأنها تقف وراء المجزرة». وأشار إلى أن «هناك مقابر جماعية في تلك المنطقة، وهو أمر معروف، لكن إيهام ضحايا (سبايكر) بأن أولادهم مدفونون هنا وأن المسألة هي مسألة وقت لا أكثر، إنما هو إجراء أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه ليس مناسبا في هذا الوقت بالذات».
من جانبها، نفت الفرق الفنية المعنية بفتح المقابر الجماعية في قرية البو عجيل أن تكون قد تعرفت على ضحايا «سبايكر» حتى الآن. وقال مصدر مسؤول في الفرق الفنية في البو عجيل في تصريح أمس إن الرفات الذي تم استخراجه «لم يتم التأكد من هويات أصحابه حتى اللحظة، لأنهم دفنوا بشكل عشوائي، ودون هويات أو أرقام تدل عليهم»، مشيرا إلى أن الرفات الذي استخرج عليه ملابس برتقالية اللون، في حين أن ضحايا مجزرة سبايكر «تم إعدامهم في ملابسهم المدنية». وأوضح المصدر أن «رفات الضحايا بحسب المقاسات الزمنية لتآكل الأجساد يدل على أنهم أعدموا في وقت قريب، وليس في يونيو الماضي». وتابع: «من الصعب التعرف على هوية الرفات، إلا بعد مطابقة الحمض النووي لهم ولذويهم»، مشيرا إلى أن «معظم المغدورين تم إعدامهم بعدة رصاصات في الرأس».
من جانبه، أكد عضو البرلمان عن محافظة صلاح الدين، مشعان الجبوري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مجزرة سبايكر لم ترتكب في منطقة البو عجيل؛ بل ارتكبت داخل القصور الرئاسية، وأن المقبرة التي تضم رفات ضحايا (سبايكر) موجودة داخل أسوار القصور الرئاسية الواقعة في الضفة الغربية لنهر دجلة، بينما تقع منطقة البو عجيل في الضفة الشرقية من نهر دجلة». وأضاف الجبوري أن «القصور الرئاسية لا تزال بيد تنظيم (داعش) ولم تصل إليها القوات العسكرية حتى يتم تحريرها، وبالتالي فتح مقبرتها»، كاشفا عن أنه سبق له أن سلم «المعلومات الخاصة بها وبالوثائق والأفلام إلى المحكمة المركزية، وبالتالي، فإن عملية البحث عن ضحايا (سبايكر) في المقبرة التي تقرر فتحها في البو عجيل أمر غير صحيح»، مضيفا أن الذين استخرج رفاتهم «أعدموا من قبل تنظيم (داعش) في وقت آخر لا علاقة له بتوقيت مجزرة سبايكر».