تلعب اليوم دول شمال أوروبا (الاسكندنافية) دوراً بارزاً وثابتاً في ملف حقوق الإنسان، والمتغير الجديد يشير إلى أن هذه الدول بدأت تتخذ قرارات تؤثر على علاقاتها السياسية والاقتصادية مع الدول الأخرى بناءً على معطيات تتعلق بموضوع حقوق الإنسان.
كانت بريطانيا في 1997 قد طرحت أنها ستتبنى سياسة أخلاقية مبنية على مبادئ حقوق الإنسان في سياستها الخارجية، ولكن ذلك الشعار سرعان ما اصطدم بواقع العلاقات الاستراتيجية المبنية على الواقعية بمفهومها التقليدي، ولذا قام رئيس الوزراء آنذاك طوني بلير بإلغاء الفكرة والعودة بسياسة بريطانيا إلى سابق عهدها.
حالياً ـ تبرز الدول الاسكندنافية (فنلندا، السويد، الدنمارك والنرويج) بصورة مختلفة، فهذه الدول ليست لها علاقات تقليدية مع دول الشرق الأوسط مثل بريطانيا وفرنسا، ولكن لديها مصالح اقتصادية قد تتأثر بأي قرار تتخذه على أساس مفاهيم حقوق الإنسان. وعلى هذا الأساس رأينا كيف تحركت السويد مؤخراً في هذا الاتجاه بما أثر مباشرة على علاقاتها الخارجية، متجاهلة بذلك شركاءها الاستراتيجيين الذين يرتبطون بها عبر اتفاقيات التعاون في مختلف المجالات، السياسية والاقتصادية والعسكرية.
الملاحظ أن الملفات السياسية والحقوقية بدأت تأخذ شكلاً وحجماً مختلفاً عن السابق، فبمجرد وصول الائتلاف اليساري إلى السلطة في السويد في أكتوبر/ تشرين الأول 2014 حتى بدأ باتباع دبلوماسية مختلفة تتعارض تماماً مع الطابع الحذر لدبلوماسية يمين الوسط الذي كان حاكماً هناك، وكان يركز على العلاقات الجيدة مع الشركاء الأوروبيين الغربيين الأساسيين، لاسيما ألمانيا وبريطانيا. فسرعان ما اعترفت السويد بالدولة الفلسطينية، وهو قرار أيضاً أثار غضب إسرائيل، وكانت تأمل في أن تتحدث مباشرة أمام اجتماع وزراء خارجية الدول العربية، ولكنها لم تستطع، وتلا ذلك قرارها بشأن صادراتها العسكرية إلى المنطقة بناءً على فهم الحكومة السويدية لمتطلبات حقوق الإنسان التي تسبق الاعتبارات الأخرى، بحسب رأيها.
من لا يعرف العقلية السويدية، فإن الخطوات التي أقبلت عليها السويد اليوم ليست بغريبة على مجتمعها، إذ إنها تعكس واقع وطبيعة مجتمع لا يتقبل الكثير من الممارسات التي قد تعتبر عادية في مناطق أخرى في العالم، والسويد يعتبر من أكثر الدول احتضاناً للأعراق والإثنيات القادمة من مجتمعات مارقة لحقوق الإنسان خاصة من منطقة الشرق الأوسط، وهذه تنامت في السويد بسبب اضطراب الأوضاع في الدول الأصلية.
السويد منذ زمن طويل تريد من جراء فتح باب الهجرة أن توفر فرص العيش بكرامة وإطلاق الإبداع لأولئك المهاجرين الذين يلجئون إليها، سواء من خلال التعليم والتنمية والعمل، أو حتى المشاركة في الحياة السياسية والإدارية عبر أدوات ووسائل كثيرة. يكفي أن نرى كيف هي الجالية الفلسطينية والعراقية والبوسنية اليوم إذ أُعطيت الكثير من الفرص لبناء مواقعها داخل هذا المجتمع الذي كان في يوم يعيش تحت وطأة جهل قبائل الفايكنغ.
لقد تجلى طموح رئيس الوزراء اليساري السابق أولوف بالمي في حقبتي السبعينيات والثمانينيات عندما اعتمدت السويد سياسة متشددة إزاء جنوب إفريقيا وإسبانيا إبان حكم فرانكو، وتشيلي تحت حكم الجنرال بينوشيه، واليوم يسعى الحزب إلى إعادة أمجاده عبر اتباع سياسات راديكالية في تبنيها لقضايا ومواقف تعتبرها من صميم ثقافة حقوق الإنسان.
إن سياسة السويد (مع الدول الاسكندنافية) تعكس تطوراً لافتاً في سياسة تسعى لأن تتسم بدور مؤثر في مقابل الأحزاب اليمنية التي سيطر بعضها على الحكم من قبل، وحول تلك الحكومات (من وجهة نظر الأحزاب اليسارية في أوروبا) إلى «شركات تعقد الصفقات العسكرية» دون مراعاة لحقوق الإنسان.
وفيما يرى مراقبون أن التحرك السويدي يعكس توجهاً جديداً في سياستها الخارجية، يرى آخرون أن هناك انقسامات داخل الحكومة السويدية نفسها التي يرأسها حالياً رئيس الوزراء ستيفان لوففن. فوزيرة الخارجية السويدية مارغوت فالستروم التي أثارت مواقفها وتصريحاتها الأخيرة جدلاً دولياً كبيراً علقت عبر موقع «تويتر» وقالت إنها «فخورة بالوضوح إزاء الديمقراطية وحقوق الإنسان»... وهذا الوضوح سيتجلى أكثر مع تجاذبات السياسة الخارجية التي قد تؤدي إلى التخلي عنها - كما حدث لبريطانيا من قبل - أو قد تخلق مدرسةً جديدةً في العلاقات الدولية.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 4573 - الأحد 15 مارس 2015م الموافق 24 جمادى الأولى 1436هـ
شكرا ريم ...وعلقة سخنة
احنا وين والسويد وين...لكن تدرين راح يلقنون دولنا درس في حقوق الإنسان وبعدين راح يستلمونا في البيئة. ..أنكر شوي وشوفي
هل صحيح ان وزارة التربية
لا تعترف بشهادات الدول الإسكندنافية في الطب ولماذا
اشيفك ما تعرف تقرى
المقال يتكلم عن حقوق الإنسان وانت تتكلم عن شهادات الطب
خل البترول يفيدنا
يبدوا انك لم تزر السويد او الدول الإسكندنافية عامة فركوب الدراجة الهوائية (السيكل) لديهم يعتبر رياضه و إقتصاد و صداقة للبيئة. هذا من ناحية، من ناحية أخرى هم يحترمون حقوق الإنسان في دولهم و توجهات حكوماتهم هي ترجمة حقيقية لمطالب شعوبهم فهنيئا لهم و بئس لنا و لحكوماتنا و لبترولنا و موالاتنا و لمشاكلنا التي لا تنتهي و تبقينا في العصور الحجرية بينما الدول والشعوب الأخرى تتقدم في كل المجالات
السويد
السويد دولة غير مؤثرة أبداً و سياستها سياسة صبيانية
السويد بلد محايد ومدافع قوي لحقوق الانسان
لو عاش أهل الخليج والبحرين أسلوب الحياة في السويد جان ما تحملوا....والسبب بسيط ما في واسطة ولا قمامة في الشوارع ولا موالاة لأحد. ..
السويد احسن من بريطانيا
انا ما دري شقول بس شوفي البحرين وشنو قاعدة بريطانيا تسوي بحسبة الناس.
سياسة جديدة
نحن في منطقتنا نعلق الأمل على الغرب ولكن الأحزاب اليسارية بدأت تتحرك من جديد في أوروبا. انشاءالله قريبا قطع العلاقات مع دول الخليج حتى يركبون سياكل ويعرفون قيمة البترول
شكرا لسويد
مقالك ذكرني بمواقف السويد مع جنوب افريقيا اليوم نحتاج اليها في موضوع البحرين. هؤلاء أفضل من البريطانيين.