سيشهد العام 2015، منافسة محمومة بقائمة الأعمال التلفزيونية التي سيكون الجمهور الأميركي على موعد معها، بعودة مسلسل "جريمة أميركية" للكاتب والمخرج جون ريدلي، الفائز بجائزة الأوسكار عن فيلمه الرائع "12 عاماً من العبودية".
المسلسل يتناول جريمة مثيرة للجدل، وعملت على تحريك وتنشيط مكنة الإعلام الأميركي لفترة ليست بالقصيرة، وعرفت بـ "جريمة قتل مجموعة كاليفورنيا".
يتصدَّر بطولة المسلسل فيليستي هافمان، تيموثي هوتون، ريجينا كينغ، وليلي تايلور.
الصحافية كاثرين شاتوك في "نيويورك تايمز"، كتبت تقريراً يوم الثلثاء (3 مارس/ آذار 2015)، تناولت فيه جوانب من المسلسل، وتجربة ريدلي، وقضايا تتصل بالسينما والتلفزيون. عمد محرر فضاءات إلى تقديم تفصيل وموجز لبعض أفلام ريدلي من حيث موضوعاتها ومعالجاتها مما لم يرد في تقرير "نيويورك تايمز" سعياً إلى إتاحة معلومة وتفاصيل للقارئ قد لا يكون ُملمَّاً بها؛ وخصوصاً أن بعض أفلام ريدلي لم تحظَ بحضور بارز في منطقتنا؛ كما هو الحال في أميركا وبعض الدول الأوروبية. هنا فحوى التقرير بتصرُّف، والتفاصيل التي أوْرَدَها المحرر.
يتلقى الأب مكالمة في منتصف الليل مفادها أن ابنه قد مات قتلاً. أعول بحزن في الحمَّام.
"كان في اعتقادهم أنه قد يكون طفلاً من أصل إسباني"، ذلك ما أخبر به زوجته السابقة.
تجيب بالغريزة: "بعض من ذلك لا مُسوِّغ قانونياً له؟"
على الجانب الآخر، هناك مراهق يصرخ باتجاه والده طلباً للمساعدة، في الوقت الذي يتم فيه اعتقاله.
التقديم الاستفزازي
تلك مشاهد من لحظات وجانب من الترويج لمسلسل "جريمة أميركية". انطباع صحيفة "التلغراف" هو أن محطة "ABC" تريد أن تنقل أحدث تقديم ملفت ومرموق لها في أحداث ولعبة المسلسل المحددة حلقاته. ذلك عرض مكثف واستفزازي، تتخلله لحظات من العاطفة المحضة. وليس من المستغرب أن كل ذلك من إبداع جون ريدلي، كاتب السيناريو الحائز على جائزة الأوسكار لعمله الرائع "12 عاماً من العبودية"، والذي يتناول السيرة الذاتية لـ "سالومون نورثوب"، الأميركي من أصل إفريقي الذي ينال الحرية في منتصف القرن التاسع عشر، قبل أن يتم اختطافه ليكون عبداً في الجنوب حيث اختطف من الشمال، ليستمر معه وضع العبودية على مدى 12 عاماً.
11 حلقة من المسلسل، يمكن القول إنها واضحة ومُحدَّدة المعالم، وتتضمَّن استكشافاً مُؤلماً لمسائل العِرق والعقيدة والجنس والطبقة الاجتماعية والإدمان، وتتمحور حول اقتحام عنيف لمنزل في موديستو، بولاية كاليفورنيا.
نقف على ما قاله ريدلي: "أعتقد أننا في كل أسبوع لدينا مثل هذا القرار العاطفي، ولكن الأمر لا يتعلق بوجود إغلاق عرضي حقيقي". حدث تأخير وتأجيل. كل ذلك مبعثه المراجعة على أكثر من مستوى وسبب أيضاً. يُراد للعمل بعد توقف أن يكون استثنائياً، ونجاحه يكمن في قدرته على أن يكون صادماً. وليس من السهل أن يتحقق ذلك في الكثير من الأعمال. قليلة هي الأعمال التي تقبض على تلك الوصفة".
وأضاف ريدلي "عوضاً عن ذلك، يمكن القول، إن الأمر يتعلق بشيء وجهته نحو البناء مع مرور الوقت".
حزْمة من الأمثلة والشواهد
في القراءة الأولى، يُشعرك مسلسل "جريمة أميركية" نوعاً ما بأنه مثل حزمة من الأمثلة والشواهد التي يتم اختلاقها وافتعالها بدقة ودراية وخبرة: المتوفى، رجل أبيض مخضرم في الحرب. زوجته الجميلة، الاعتداء الجنسي والغيبوبة. وأربعة من المشتبه بهم - المحتال (ريتشارد كابرال) غارق في حياته بعديد الخيارات والوُجهات السيئة. المكسيكي الأميركي المراهق (جوني أورتيز) الذي يصبح - ربما عن غير قصد - شريكاً. وزوجين من عرقين مختلفين (ألفيس نولاسكو وكيتلين جيرارد) المدمنين على المخدرات، وآخر في الحجز. ولديك حفظ قضية بين كل أولئك.
ولكن سرعان ما تبدأ تلك الأوصاف بالتواري بتعرضها للطمس، وتتحوَّل ببطء بعكس ما كنا نظن بأننا على علم بالسيناريو، والمتورِّطين بذلك في النهاية.
"كان هناك تركيز على شخصية جميلة وسلوكها". ذلك ما قاله تيموثي هوتون عن شخصيته (روس سوكي)، المقامر الذي يتعافى؛ ذلك المسكون بسنوات من الأخطاء، والذي اضطر بعد وفاة ابنه، إلى لم الشمل مع زوجته السابقة (فيليسيتي هوفمان)، مع إحساس بعدم الارتياح والشعور بالمرارة. مضيفاً "ذلك هو الاعتماد - المألوف - على التعريض؛ حيث تشعر بأن عليك أن تعرف كل شيء عن الناس في العشر دقائق المقبلة".
ريدلي، الذي أخرج ثلاث حلقات من العرض، وكتب خمساً منها، يعود إلى التلفزيون، من حيث بدأ في مطلع تسعينيات القرن الماضي ككاتب لـ "مارتن" ومسلسل "أمير بيل أير الحيوي"، الذي يعتمد على كوميديا الموقف وعرض على قناة هيئة الإذاعة الوطنية، وتدور أحداثه حول ويل سميث الذي يدخل في علاقة مع رفقاء السوء حيث يقيم في فيلادلفيا الغربية، بعد أن تُقرر أمه إرساله إلى خالته فيفيان بانكس بمكانتها في المجتمع المخملي؛ حيث تعيش في منطقة بيل أير بمدينة لوس أنجليس بولاية كاليفورنيا.
بعد سنوات قليلة يشتغل ريدلي في أعمال للسينما، كمشارك في كتابة سيناريو "طيارو توسكيجي"، مع الإشارة هنا إلى أن طياري توسكيجي جنود أميركيون من أصل إفريقي تدرَّبوا ليصبحوا طيارين في مطار توسكيجي العسكري بولاية ألاباما. بدأت أول دفعة من طلبة الطيران التدريب في يوليو/ تموز 1941، وأنهته في مارس/ آذار 1942. ثابر طيارو توسكيجي على الخدمة بالقتال في شمال إفريقيا وإيطاليا ومرافقة غارات القصف على ألمانيا، إضافة إلى "الذيول الحمراء"، وغيرها من الأفلام كتابة وإخراجاً، من دون أن ننسى فوزه بجائزة الأوسكار عن فيلم "12 عاماً من العبودية".
وكان نجاح الفيلم في حفل توزيع جوائز الأوسكار في العام الماضي (2014)، بالنسبة إلى كثيرين، فرصة لوضعه في موقع بارز لترشيحات العام.
يمكننا أن نقوم بالأفضل
وقال ريدلي، عندما سُئل عن التنوُّع في الأعمال عموماً، وأعماله خصوصاً: "أعتقد أننا في هوليوود يمكننا القيام بعمل أفضل. بعبارة أخرى: أعتقد أننا يجب أن نقوم بعمل أفضل، لكنني لا أعتقد بأننا ينبغي أن ننظر في بحر سنة واحدة، كي نُقرِّر كيف نقوم بالعمل لإحراز تقدم ملموس".
يُذكر، أن جون ريدلي، ولد في أكتوبر/ تشرين الأول 1965 في ميلووكي بـ "ويسكونسن". روائي وكاتب سيناريو ومخرج تلفزيوني.
يعمل جون ريدلي الأب (والده) طبيب عيون، بينما عملت والدته تيري ريدلي، في المدارس الحكومية بميلووكي.
تخرَّج ريدلي من مدرسة هومستيد الثانوية في ميكيون (ويسكونسن)، العام 1982. التحق بجامعة إنديانا، لكن تم نقله في ما بعد إلى جامعة نيويورك.
انتقل إلى لوس أنجليس في العام 1990؛ حيث بدأ كتابة المسلسلات التلفزيونية ومنها على سبيل المثال مسلسل "مارتن"، و "أمير بيل أير الحيوي" و "عرض جون لاروكويت".
بعد كل من الكتابة والإخراج أنجز ريدلي إخراج فيلمه الأول الذي تناول فيه موضوعة الجريمة والإثارة في العام 1997 وحمل عنوان "البرد حول القلب". ومن بين أفلامه المهمة "ثلاثة ملوك" (1999) و "الانجراف" و "الأخ السري"، والذي تدور أحداثه حول شاب إفريقي (أنطون جاكسون) الذي يقوم بعمليات سطو على الأغنياء ليوزع ما سرقه على الفقراء. يقع الاختيار على الشاب من قبل منظمة سرية تجسُّسيَّة لصالح أخوية السود لمساعدتهم في التجسّس على ثري يجد وسيلته في الإعلام للتحقير من شأن السود. تُقرِّر المنظمة توظيف جاكسون الذي يقبل المهمة، فيذهب متخفياً للعمل مع "الرجل الكبير"، تأخذنا الأحداث الدرامية إلى حيث يتم كشفه.
إضافة إلى تلك الأفلام، أخرج وأنتج ريدلي البرنامج التلفزيوني الشهير "صالون الحلاقة" العام 2005.