العدد 4572 - السبت 14 مارس 2015م الموافق 23 جمادى الأولى 1436هـ

تحية لسفير متميز يسمى لي تشين

محمد نعمان جلال comments [at] alwasatnews.com

سفير مصر الأسبق في الصين

مهمات السفير هي ثلاث رئيسة، الأولى: التعبير عن تمثيل بلاده من خلال التواجد في المحافل والمنتديات المختلفة في الدولة المعتمد لديها، والثانية: التعبير عن سياسة بلاده من خلال مبادرات يقوم بها، والثالثة: أن يكون كريماً متواصلاً مع زملائه، وفي المقام الأول مع شعب البلد المعتمد لديها ومع محبي بلاده. أما السفير المنعزل والبخيل والمنطوي على نفسه والذي لا وجود له في الدولة المعتمد لديها ومنتدياتها وجمعياتها الثقافية والفكرية، والذي يقتصر على حمل الرسائل – إذا وجدت من دولته- للدولة المعتمد لديها وكفى، ثم ينطوي على نفسه، فهو سفير لا يفهم أعباء مهمته، ولا يترك أية بصمة في البلد المعتمد لديها ولا علاقاتها ببلاده.

لو نظرنا بهذه المعايير إلى سفير جمهورية الصين الشعبية لدى مملكة البحرين «لي تشين»، نجد المعايير الثلاثة السابقة تنطبق عليه تمام الانطباق، فهو مبتسم دائماً وهادئ ولا يغضب بسهولة، ولكنه في الوقت نفسه حازم ونشيط ومتابع دقيق للبحرين وتطور علاقاتها مع الصين. وأسوق مثالاً واحداً على ذلك عندما نشرت بعض الصحف عن توقف اعتماد البحرين للشهادات الطبية للطلاب الذين يدرسون في الصين، فما كان من السفير الصيني إلا أنه عقب على ذلك وقام بشرح وضع الشهادات الطبية ودراسة الطب في الصين، ونقلت مختلف صحف البحرين ذلك. وبالتأكيد أنه كتب لبلاده عن ذلك وطلب التحرك من السلطات الصينية.

أما التواجد المستمر للسفير لي تشين، فإنني أجده كثيراً ما يزور المنتديات الثقافية والمجالس لكبار الشخصيات، كما يتواجد في حفلات الأعياد الرسمية للدول الأخرى، وفي المناسبات الرسمية والدينية لمملكة البحرين، فهو يثبت وجوده وحضوره الدائم فضلاً عن مبادرات بعقد ندوات لشرح الأوضاع في الصين، ومن ذلك الندوة التي عقدها في المحافظة الشمالية وحضرها المحافظ ولفيف من الشخصيات، وقد دعيت للمشاركة والتحدث فيها.

وهناك التواصل المستمر مع مختلف مؤسسات الدولة ومع المسئولين في وزارة الخارجية، وكثيراً ما أجده في دهاليز الوزارة في طريقه لمقابلة هذا الوزير أو هذا الوكيل أو غيره من المسئولين، وهو أيضاً يتواصل مع العديد من الوزراء كل في مجاله.

وبالنسبة للتواصل مع المجتمع الصيني، فأود الإشارة إلى نموذج وإن لم يكن الوحيد، وهو الاحتفال بالذكرى الخامسة والعشرين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والبحرين، ورتب لذلك مع مجلس الشورى البحريني ومع المجلس الاستشاري للشعب الصيني، وهو المجلس المناظر في الصين، فضلاً على عدد من الخبراء والمثقفين من البحرين للمشاركة في الندوة، وكان الحضور كثيفاً وهو دليل على نجاح التواصل للسفير مع المجتمع ومجلسي النواب والشورى في البحرين. كما أصدرت سفارة الصين في عهده كتاباً خاصاً بالعلاقات الصينية البحرينية، بمناسبة الذكرى الـ 25 لقيام تلك العلاقات.

أما النموذج الثاني فهو نجاح السفير في إنشاء معهد كونفوشيوس في جامعة البحرين، ومواصلة العمل حتى تم افتتاح المعهد وبدأ دوراته في نشر اللغة الصينية. أما بالنسبة للإنشاء والتشييد في البحرين فهناك مشروعات عديدة، من بينها إنشاء منطقة صينية باسم «حي التنين» في المدن الجديدة في البحرين، فضلاً عن مشاركة الشركات الصينية في أعمال الردم وتوسيع أراضي مملكة البحرين، وغير ذلك كثير.

ولعل قمة نجاح أي سفير هو زيارة رئيس الدولة المعتمد لديها إلى دولته، وفي هذا السياق أود الإشارة للزيارة الناجحة لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة للصين في سبتمبر/ أيلول 2013، وما توصل إليه الطرفان الصيني والبحريني من اتفاقات، ما جعل حجم التبادل التجاري بين البلدين يقترب من ملياري دولار من الجانبين وهذا في غضون فترة قصيرة. كما أن وفوداً عديدة زارت الصين في إطار الحوار الاستراتيجي الخليجي ومنتدى التعاون الصيني العربي، وفي مقدمة ذلك زيارة وزير الخارجية ووزير الدولة للشئون الخارجية وأمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية للصين أكثر من مرة في السنوات الثلاث التي قضاها السفير لي تشين في البحرين.

ولعل من أبرز نجاحات أي سفير هي المواقف التي تعبّر بها دولته عن مساندتها لقضايا الدولة المعتمد لديها، وهنا نجد الصين أيدت في أكثر من تصريح السياسة الحكيمة للقيادة البحرينية في التعامل مع الأحداث التي مرت بها في أوائل العام 2011، كما أن البحرين عبّرت عن تضامنها مع الصين في الأحداث التي تعرّضت لها من فيضانات وأحداث أخرى متنوعة.

ومهما كتب المرء عن الصين والبحرين أو عن سفير الصين لدى مملكة البحرين فليس ذلك أمراً سهلاً، ولكن كما يقال: يد واحدة لا تصفق، فكما أن السفير لي تشين يعد سفيراً نشيطاً، فإن نظيره من الجانب البحريني السفير أنور العبدالله هو نموذج للسفير النشط، وهذا كله لا يقلل من نشاط سفراء البحرين في الصين أو نظرائهم سفراء الصين السابقين، وأنا عاصرت وعرفت عدداً منهم وكلهم نماذج ناجحة للعمل الدبلوماسي. وحبذا لو يقتدي سفراء آخرون من دول أخرى بذلك، فهذا يدعم العمل الدبلوماسي لأية دولة ويغير الفكرة التقليدية المأخوذة عن طبيعة العمل الدبلوماسي ودور السفارات.

إقرأ أيضا لـ "محمد نعمان جلال"

العدد 4572 - السبت 14 مارس 2015م الموافق 23 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً