العدد 4571 - الجمعة 13 مارس 2015م الموافق 22 جمادى الأولى 1436هـ

تحليل: فرنسا تعتمد نهجاً متشدداً في المفاوضات الدولية حول الملف النووي الايراني

يرى محللون ودبلوماسيون ان فرنسا تلعب دور الصقور في المفاوضات حول البرنامج النووي الايراني التي تستأنف في الايام المقبلة وتتداخل فيها اعتبارات سياسية وجيواستراتيجية وايضا شخصية، وصولا إلى اغضاب حلفائها لكن لا يتوقع ان تذهب الى حد عرقلة اي اتفاق.

والنهج الفرنسي المتشدد في هذا الملف اعتمده رسميا الرئيس اليميني السابق نيكولا ساركوزي بعد انتخابه في 2007. ثم واصله خلفه الاشتراكي فرنسوا هولاند منذ 2012.

ولخص برنار اوركاد الاخصائي في شؤون ايران في المركز الوطني للبحث العلمي (سيه ان ار اس) الوضع بقوله "في هذه القضية سلكت فرنسا الطريق المعاكس للولايات المتحدة التي غيرت استراتيجيتها مع وصول باراك اوباما" ورغبتها في التوصل الى اتفاق تاريخي مع طهران بشأن ملفها النووي.

وهناك اسباب عدة تفسر الموقف الفرنسي المتشدد من البرنامج النووي الايراني الذي يشتبه الغربيون بانه يخفي شقا عسكريا ويسمم العلاقات الدولية منذ اكثر من عقد.

والاسباب تاريخية وسياسية اذ ان الدبلوماسيين الفرنسيين الذين تابعوا وتفاوضوا بالملف النووي كانوا منذ البداية شخصيات مصنفة من "المحافظين الجدد" لمواقفها المتشددة بشكل خاص ازاء ايران.

ووزير الخارجية الحالي لوران فابيوس كان رئيسا للوزراء بين 1984 و1986 في اسوأ مرحلة في العلاقات بين باريس وطهران، مع اعتداءات في فرنسا وعمليات احتجاز رهائن فرنسيين في لبنان نسبت إلى حزب الله الشيعي الحليف لطهران، وخلاف على عقد يورديف النووي (بين فرنسا وايران) ودعم فرنسا للعراق اثناء حربه مع إيران... ويتذكر احد الدبلوماسيين "ان فابيوس احتفظ بانطباع كارثي عن الايرانيين ولا يثق بهم قطعا".

لكن اوركاج يرى ان العنصر الاساسي في هذه الاستراتيجية الفرنسية "هو ان باريس اعتمدت بوضوح خيار الدول النفطية الخليجية والاستقرار المحافظ" الذي تمثله في وجه ايران التي لم تكف فرنسا عن التذكير ب"دورها المزعزع للاستقرار" في سوريا ولبنان او العراق.

يضاف الى ذلك اسباب اخرى مثل الرغبة الفرنسية في الظهور "كحارس لعدم الانتشار" النووي.

وبالاستناد الى خبرتها -المعترف بها- في هذه المسائل تطالب باريس باتفاق "متين" مع ايران... وتشك احيانا باستعداد حليفها الاميركي على تقديم الكثير من التنازلات لانتزاع اتفاق تاريخي. فيما يراقب هذا الحليف في المقابل شريكه الفرنسي بدقة لتجنب اي تكرار لاخفاق جنيف في تشرين الثاني/نوفمبر 2013 في مفاوضات الجولة الاخيرة.

ففي تلك الاونة اعترضت باريس في اللحظة الاخيرة على الصيغة الاولية لاتفاق مرحلي اعدته واشنطن وطهران. ثم تم التوقيع على نص معدل بعد 15 يوما.

اما اليوم وفيما تقترب المهلة المحددة للتوصل الى اتفاق ويتزايد التوتر لدى المفاوضين وسط ضغوط شديدة، فهل لدى باريس القدرة او الارادة لتعطيل اتفاق؟.

وراى الدبلوماسي السابق فرنسوا نيكولو الذي كان معتمدا في طهران في سنوات بداية الالفية الثانية والاخصائي في شؤون عدم الانتشار النووي، "ان الفرنسيين لن يجازفوا بافشال المفاوضات".

واوضح "ان القوى العظمى (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، الصين، روسيا والمانيا) متفقة بشأن الخطوط العامة. لكنها تصبح بعد ذلك مسألة مؤشر تسعى باريس الى دفعه ابعد ما يمكن" حول عدد اجهزة الطرد المركزي المسموح لايران وحول مدة الاتفاق...

واعتبر مصدر مقرب من الملف لم يخف في السابق مطلقا تشكيكه وكان يتحدث صراحة عن "اركاع ايران" اقتصاديا، الان ان " ذلك يمكن ان يتم ان توفرت الارادة السياسية" وانه تم "قطع مسافة من الطريق" وان التوصل الى "اتفاق امر ممكن".

وذكر برنار اوركاد بان "المشكلة في هذا التفاوض هو اننا في الحقيقة في وضع دقيق وهناك عدد كبير من الاطراف يريدون عمل كل شيء لنسف اي اتفاق"، مشيرا الى المحافظين الايرانيين واعضاء مجلس الشيوخ الاميركي ورئيس الوزراء الاسرائيلي ودول الخليج... ومعبرا عن قلقه من "احتمال الفشل على ثلاثة اجهزة طرد مركزي زائدة او ناقصة مثلا".

ولفت دبلوماسي اوروبي الى انه "في النهاية سيتمحور ذلك حول مفاوضين كبيرين هما اميركا وايران. وكل شيء سيتوقف على قدرتهما على المغامرة، وهو رهان خارق وجذاب".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً