العدد 4571 - الجمعة 13 مارس 2015م الموافق 22 جمادى الأولى 1436هـ

تيموثي أنسول وإطلالة على تاريخ البلاد القديم

قلعة البحرين - حسين محمد حسين 

13 مارس 2015

ضمن فعاليات ربيع الثقافة العاشر الذي يمتد لفترة شهرين تحت شعار «عشر إضاءات»، استضاف متحف موقع قلعة البحرين مساء الأحد الموافق 8 مارس/ آذار 2015م، أستاذ علوم الآثار الإفريقية والإسلامية، والمحاضر في جامعة مانجستير، Timothy Insoll. والذي ألقى في قاعة محاضرات المتحف محاضرة بعنوان «البحوث الأثرية في البلاد القديم 2001 - 2015». يذكر أن Insoll زار البحرين خلال فترات متفرقة ما بين الأعوام 2001 و2015م، وقام بالتنقيب في خمس مناطق أساسية تقع في منطقة البلاد القديم وما جاورها من المناطق. وأهم تلك المواقع، موقع مسجد الخميس، وتلة مسجد الحسن، وعين أبو زيدان، ومقبرة أبو عنبرة. وقد وثق Insoll معظم نتائجه في كتابه الذي أصدره في العام 2005م تحت عنوان «The Land of Enki in The Islamic Era». وتعتبر محاضرته التي ألقاها في قاعة المتحف تكميلية لعرض ما لم ينشر من النتائج في كتابه سالف الذكر. ولم يكتفي Insoll بعرض نتائجه فقط، بل أضاف عليها نتائج أعمال تنقيب أخرى حدثت في موقع مسجد الخميس، كنتائج المنقب البحريني محمد رضا معراج. وهكذا حاول Insoll إعطاء صورة متكاملة لتاريخ البلاد القديم في الحقب القديمة. وقد بدأ Insoll العرض بتذكير الحضور أن عملية التنقيب لا تشمل كل المنطقة الأثرية القديمة، فهي مجرد منطقة صغيرة تعتبر «كنافذة» يتم النظر من خلالها على آثار مدينة قديمة كانت قائمة في الحقب الزمنية القديمة؛ حيث أن التطور العمراني للمنطقة غطى غالبية الآثار القديمة، إنها ضريبة التطور. وعلى الرغم من ذلك، يرى Insoll، أن النتائج التي تم التحصل عليها كافية بحيث تمكن الدارس أن يرسم صورة تقريبية لما كانت عليه المدينة الإسلامية القديمة التي بنيت في منطقة البلاد القديم وامتدت لأطرافها. لا نعلم بالتحديد لأي مدى تمتد تلك المدينة فالتطور العمراني لا يسمح بتوسيع دائرة التنقيب لرسم حدود تلك المدينة. وشرع Insoll في وصف تلك المدينة وحقبها ومدى أهميتها، ويمكن تلخيص ما أورده عنها في هذا الملخص:

مجمل ما عثر عليه خلال عمليات التنقيب في البلاد القديم يغطي فترة تاريخية تمتد من القرن الثامن الميلادي وحتى القرن الرابع عشر الميلادي، ويمكن تقسيم تلك الفترة لست فترات أساسية هي:

- فترة القرن الثامن وحتى بداية القرن التاسع الميلادي.

- فترة القرن التاسع وحتى بداية القرن العاشر الميلادي.

- فترة القرن الحادي عشر.

- فترة منتصف القرن الحادي عشر وحتى القرن الثاني عشر.

- فترة نهاية القرن الثاني عشر وحتى القرن الثالث عشر الميلادي.

- فترة القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين.

وتجدر الإشارة إلى أنه لم يعثر على طبقة أثرية واضحة تعود لحقبة الدولة الأموية (أي الفترة 661 - 750م)؛ حيث يرجح أن الاستيطان في منطقة البلاد القديم بدأ مع نهاية حقبة الدولة الأموية وبداية حقبة الدولة العباسية، وأن أكثر الفترات التاريخية الإسلامية المبكرة هي الفترة الثانية أي فترة القرن التاسع وحتى بداية القرن العاشر الميلادي وهي الفترة التي تشمل بروز مدينة سامراء كعاصمة للدولة العباسية (836م - 892م) وظهور الفخار السامرائي المزجج الذي يعتبر من أثمن ما صنعه الخزاف المسلم. وقد عثر على كميات كبيرة من هذا الفخار في موقع الاستيطان بالقرب من مسجد الخميس وفي موقع تلة مسجد الحسن وفي موقع عين أبو زيدان. مما يعني أن هذه المناطق جزء من منطقة استيطان كبيرة لا يعرف حدودها. كذلك عثر على أنواع أخرى من الفخاريات المستوردة من الصين والهند وغيرها مما يشير إلى أن منطقة البلاد القديم وصلت إلى مستوى مرموق من الرخاء، وكونت لها علاقات تجارية مع العديد من الدول المجاورة والبعيدة، ما يرشح هذه المنطقة لتكون عاصمة البحرين في تلك الحقبة.

وقد استمرت هذه المدينة في النمو والازدهار وتحولت لمركز تجاري مهم إلا أنها بدأت تفقد أهميتها في حقبة السيطرة القرمطية (فترة القرن الحادي عشر). وتشير نتائج التنقيب الآثارية في هذه المنطقة لتناقص واضح في الفخاريات التي تعود للقرن العاشر/ الحادي عشر الميلادي، مما يشير لحدوث هجرة من هذه المنطقة، ويرجح أنهم هاجروا لمدينة تجارية جديدة تأسست في موقع قلعة البحرين.

ويشير Insoll لأحد المواقع الذي تم التنقيب فيه ويقع بالقرب من مسجد الخميس، هذا الموقع يمثل جزءاً من المدينة القديمة، لكنه يتميز بكونه جزءاً من مركز تجاري؛ حيث تشير اللقى الأثرية التي عثر عليها فيه أن هناك العديد من الأنشطة التجارية التي كانت تمارس فيه على مدى فترات تاريخية مختلفة. من تلك الصناعات: بيع اللؤلؤ، والصناعات الصدفية المختلفة، وبيع أنواع مختلفة من الفخاريات، وغيرها من الأعمال والحرف.

انتهى Insoll من محاضرته التي أجاب خلالها على عددٍ من التساؤلات، لكنه خلف أيضاً عدداً آخر من التساؤلات التي نبحث عن إجابتها. على سبيل المثال، ما حجم تلك المدينة التي وصلت الذروة في منتصف القرن التاسع الميلادي؟ وما هي حدودها؟ هل تقع فقط ضمن حدود البلاد القديم؟ فالآثار تشير لامتداد هذه الآثار شمال مسجد الخميس، باتجاه جدحفص. من التساؤلات أيضاً، هل مسجد الخميس يتوسط هذه المدينة؟ والسؤال الأهم من ذلك، إذا لم يتم العثور على طبقة آثارية تعود لحقبة الدولة الأموية تحيط بمسجد الخميس بحسب نتائج التنقيبات الحالية، فمتى بني مسجد الخميس؟ إن الإجابة على هذه التساؤلات تستدعي سلسلة طويلة من المحاضرات والنقاش. ونأمل أن نرى أعمال تنقيب جديدة تجيب على هذه التساؤلات الأخيرة.

العدد 4571 - الجمعة 13 مارس 2015م الموافق 22 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً