السيد «أبوريشة» وقانون المرور الجديد
بدأت إدارة المرور بتفعيل قانونٍ جديد هدفه إلزام الناس بالسلوك الحضاري أثناء استخدام الطريق وحماية الأرواح من الحوادث المرورية التي بدأت تعصف بالمملكة في الآونة الأخيرة. القانون الجديد صارم جداً، ما دعا بعض الناس للامتعاض منه لكونه يفرض إجراءات أكثر صرامة من ذي قبل على أية مخالفة تقع أثناء استخدام المركبات في الشارع. ونستغرب الامتعاض... لا لكونه متمخضاً عن صرامة تفعيل هذا القانون، إنما لكون الجزاءات أكثر صرامة من قبل وكأن الجزاءات أعظم من الأنفس!
وبديهي جداً أن يبدأ هذا الامتعاض في التلاشي بعد أن نبدأ في ملاحظة تأثيره على السلوك في الشارع، حيث سيشعر الناس بالاطمئنان وستقل المشاكل والحوادث المرورية - البسيطة منها والكبيرة - بيْد أن هناك فئة من الناس - وللأسف - لا نظن أنها ستتأثر بهذه التغييرات الحميدة، والتي أطلق عليها - مجازاً - فئة «أبوريشة». هذه الفئة من الناس التي لا نجد أنها قد تغيرت إيجابياً بعد تفعيل قانون المرور الجديد.
اخترت عنوان مقالي هذا السيد «أبوريشة» امتداداً من التعبير المجازي المحلي المتداول: «فوق راسك ريشة!» بمعنى: «هل أنت مميز عن غيرك بشيء ما؟» إن صح التعبير. السيد «أبوريشة» هو أي مواطن كان! لا يميزه أي شيء عن غيره إلا سلوكه الغريب والمستهجن، ولا يحد هذه الشخصية عمر أو فئة أو منصب أو جنس. لكن، ربما يصدق هذا المسمى على:
- أحد المتأخرين على دوامهم الرسمي: مثل هذه الشخصيات تظن أن لها الأحقية في الشارع، لذلك نجدها مستعجلة دائماً لدرجة أنها تتجاوز كل المسارات بسرعة عالية ومن دون استخدام إشارة الانعطاف، مسببةً إرباكاً للآخرين وربما حوادث مرورية مروعة لا سمح الله. فبدلاً من ترتيب أوقاتها للوصول للعمل في الوقت المحدد ومن دون تأخير نجدها تتجه للخروج من المنزل قبل الدقيقة الأخيرة للوصول للعمل باكراً.
- أحد الشباب الطائشين: وخصوصاً أصحاب المركبات الرياضية السريعة، حيث إن الشارع - بالنسبة لهم - ما هو إلا حلبة سباق يمارسون فيها هواياتهم من دون الانتباه لحقيقة أن مثل هذه الرياضات لها ضوابط وقوانين وأماكن خاصة بعيدةً عن الشوارع العامة والخاصة.
- بعض الناس التي تظن أن لهم أحقية المرور في الشارع، حيث نجدها تتجنب الطوابير أمام المنعطفات وتتجاوز الجميع للوصول للمنعطف. والطريف أن بعض الناس يتجاوز الآخرين ويصل للمنعطف، ثم يعطيك إشارة ثم يدخل. صحيح أن هذا سلوك حميد، لكن الغاية لا تبرر الوسيلة، فالخطأ خطأ. الطريف أيضاً هو أن بعض الناس لديه هذه الرؤية: «بما أن معظم الناس تفعل كذا، ولا أحد يحاسبهم، فلماذا لا أفعله أنا؟» فيتجاوز الآخرين - ببراءته المقننة - ليدخل المنعطف.
- وهناك من الناس ممن يباغتك بالدخول في مسارك من دون إعطاء إشارة، وعندما تنبهه «يزعل» ويثور وكأنما من نبهه قد أخطأ بحقه!
وختاما، بقت كلمة أخيرة: مسئولية إدارة الطرق في التسريع في دراسة وتهيئة شوارع مملكة البحرين لاستيعاب هذا الكم الهائل من التضخم في عدد المركبات في الطريق، والتي لها دور في وجود مثل هذه السلوكيات الخاطئة. ناهيك عن وجود الكثير من الشوارع داخل القرى مهملة من قديم الزمان.
أيمن زيد
من أين أبدأ يا أبي؟
أ أبدأ من انكساري بعد غيابك؟
أم من ارتجاف جسدي شوقاً لأحضانك؟
أشعر بالبرد أبي... برد يتسلل لأعماقي ...
فمذ غاب مبسمك الدافئ عني... لم أعرف بعدها معنى الدفئ...
من أين أبدأ يا أبي؟
أ أبدأ من عينين ألهبهما البكاء على فراقك؟
أم من صرخات أكتمها داخلي... كلما تذكرت أن الدنيا باتت خالية منك... ومن طيب ريحك...
حينما تعود بي الذاكرة... لأيام طفولتي...
لأيام كنت فيها طفلة لا تدرك معنى الموت!!
ولا تفقه فكرة أن يغيب أبوها عنها... غياباً لاعودة بعده...
ما زلت أذكر ذاك اللحن الطفولي الجميل الذي كنت تغنيه لنا...
حينها كانت فرحتنا لا تسع الكون أبي...
ولكن ما بال صوتي يرجف اليوم أثناء محاولاتي في غناء ذاك اللحن؟ ... لعلي أخفف عن نفسي ذاك الألم المرير...
ما بال الذكريات التي أسعدتني... تبكيني الآن؟
أبتاه... إن روحي مشتاقة لتضم روحك...
أبتاه... ابنتك لم تكبر بعد... كما يظن الآخرون...
فأنا سأظل طفلة مهما بلغ بي العمر عتيا...
سأظل طفلة تحتاج لأبيها ولكفيه وأحضانه ولحضوره الذي يبعث الراحة في نفسها...
«أبي خذني معك» جملة لطالما رددتها في صغري...
ولكني لم أعلم بأنه سيأتي يوم... ستكون فيه هذه الجملة مستحيلة الحدوث...
وأن أبي لن يأخذني معه... لأن الرحلة ليست دنيوية!
دانة علي الشرقي
قرأت مقالاً للكاتب ياسر حارب يحمل عنوان: «الحاجة إلى الرحيل»، فتذكرت على الفور برنامجاً وثائقيّاً قدمه إعلامي مصري اسمه عمرو أديب، قبل تنحي مبارك، عن الوضع المعيشي الذي يقاسي منه المصريون القاطنون في العشوائيات، وقلت في نفسي إن الكاتب يريد الرحيل إلى مواقع جميلة في العالم فيا ليته يغامر ويقطن في عشوائية من هذه العشوائيات لمدة أسبوعين بمعدل الدخل الشهري للمصريين القاطنين هناك، وبعد انتهاء فترة اقامته هناك يجلس ويتأمل ويفكر ويكتب مقارنة بين الحياة في فلورنسا والعيش في هذه العشوائية.
من بين ما شاهدته في البرنامج الوثائقي الذي قدمه عمرو امرأة (عجوز) تعيش لوحدها في سكن معدني مكون من غرفتين منفصلتين متقابلتين، يمر في وسطهما زقاق عرضه نحو متر واحد يستخدم ممرّاً لساكني العشوائية، وغرفة من هاتين الغرفتين، وكانت صغيرة جدا، تستخدم كغرفة نوم والغرفة المقابلة وهي أصغر من ذاك كمطبخ، وأما الحمامات فحدث بلا حرج. يا ترى ما هي درجة شوق وحاجة قاطني هذه العشوائية إلى الرحيل إلى موقع أفضل بقليل وليس لوس انجليس أو فلورنسا؟ من الواضح أن طبقات الشعوب ليست عمودية بل أفقية، فالأثرياء وأصحاب المليارات يعرفون الأثرياء حول العالم أكثر مما يعرفون الفقراء في بلادهم. وقد تعمق هذا الفرق في العالم الثالث عندما تحولت الخدمات المجانية إلى خدمات متدنية المستوى، واستحدثت خدمات تجارية رفيعة المستوى، ينتفع منها الثري، ومما يقال إن الطبقية في العالم المتقدم ليست حدية كما هي في العالم الثالث، فمثلا الانسان الذي يعيش في الدنمارك لا يحس بأي طبقية، فهو متساو في وطنيته، ويحصل على احسن الخدمات، وقد قال لي صديق قاطن في ألمانيا إن عائلة المولود الجديد يبلغون المسئولين عن التعليم بولادته وعنوانه وبعد مدة قصيرة، تحصل العائلة على بلاغ باسم مدرسة الحضانة التي ستقبل مولوده بعد أربع سنوات مجاناً. الفرق بين العيش في العشوائيات وكوبنهاغن كالفرق بين بُعد السماء عن الأرض.
عبدالعزيز علي حسين
العدد 4570 - الخميس 12 مارس 2015م الموافق 21 جمادى الأولى 1436هـ
إلى الاخ السيد الذي كتب عن أبو ريشة ولعلمك يا أخي العزيز
أخي العزيز سمعنا ونسمع عن أبو ريشة - ولكننا في القانون الجديد عرفنا بان أصحاب الدراجات النارية وأصحاب السيارات المزعجة قد أعطاهم المرور في قانونه الجديد ريشتين - واحدة بأنه لم يذكرهم بتاتاً إلا فقط في مخالفة عدم لبس الخوذة ونسى الإخوة الذين وضعوا القانون ازعاجهم وخطورتهم واستهتاراتهم بأرواح الناس. والريشة الثانية بأنه لم يذكر ذلك الإزعاج الذي يحدث من أصواتهم في معظم المناطق السكنية وفي جميع الأوقات وبالأخص وقت راحة الناس - وأخص بالذكر في مناطق مدينة حمد وشكراً لك.