تعثر تحقيق حساس يجري حول تسريبات تتعلق بنائب رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة السابق وسط مخاوف من أن إجراء المحاكمة داخل محكمة فيدرالية قد يجبر الحكومة على الإقرار بعملية أميركية - إسرائيلية سرّية استهدفت إيران، تبعا لما أفاد به مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون، بحسب ما أفادت صحيفة الشرق الأوسط في عددها الصادر اليوم الخميس (12 مارس/ آذار 2015).
ويشتبه محققون فيدراليون في أن جنرال قوات المشاة البحرية المتقاعد، جيمس كارترايت، سرّب لمراسل صحيفة «نيويورك تايمز» تفاصيل حول عملية بالغة السرية لإعاقة قدرة إيران على التخصيب النووي من خلال أعمال تخريبية عبر الفضاء الإلكتروني، الأمر الذي لم تعترف به أي من إسرائيل أو الولايات المتحدة.
وسيتعين على المحققين التغلب على مخاوف كبرى تتعلق بالأمن الوطني والعلاقات الدبلوماسية إذا ما رغبوا في المضي قدما في التحقيق، بما في ذلك دفع إدارة أوباما نحو الدخول في مواجهة مع إسرائيل حال رفض الأخيرة الكشف عن أي معلومات بخصوص هذه العملية المرتبطة بالفضاء الإلكتروني داخل قاعة محكمة.
وبإمكان الولايات المتحدة المضي قدما في القضية ضد رغبة إسرائيل، لكن هذه الخطوة قد تلحق مزيدا من الضرر بالعلاقات بين الدولتين، التي توترت بالفعل جراء خلافات حول السبيل الأمثل لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية. كما يخشى مسؤولو الإدارة من أن يسفر الكشف عن أية معلومات عن تعقيد المفاوضات الجارية مع إيران حول برنامجها النووي.
في هذا الصدد، قال جون إل. مارتن، الذي سبق له التعامل مع كثير من التحقيقات الحساسة المرتبطة بقضايا تجسس كمحقق لدى وزارة العدل سابقا: «هناك دوما مخاوف مشروعة تتعلق بالأمن الوطني لعدم المضي في مثل هذه القضايا».
وتسلط القضية الضوء على التعارض القائم بين اعتبارات الأمن الوطني ورغبة المحققين في محاسبة مسؤولين رفيعي المستوى عن تسريب معلومات سرية. وجدير بالذكر أن إدارة أوباما تحديدا تعد الأقوى في تاريخ الولايات المتحدة من حيث ملاحقة المشتبه في تسريبهم معلومات سرية.
من جهتها، لم تكشف وزارة العدل أي مؤشرات بخصوص ما إذا كانت تنوي الاستمرار في رفع دعوى ضد كارترايت، الذي عاون في تصميم حملة ضد إيران في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، وشارك في تصعيد هذه الحملة في عهد الرئيس أوباما.
وقد رفض متحدثون رسميون باسم وزارة العدل الأميركية والبيت الأبيض ومكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» التعليق على الأمر من أجل هذا المقال.
من جهته، قال غريغوري بي كريغ، محامي كراترايت والمستشار السابق لدى إدارة أوباما، إنه لم يجرِ اتصالا بالمحققين منذ أكثر من عام. وأضاف: «الجنرال كارترايت لم يرتكب أي خطأ. لقد كرس حياته بأكملها للدفاع عن الولايات المتحدة، ولم يكن ليقدم أبدا على أي شيء يلحق الضعف بدفاعنا الوطني أو يقوض أمننا الوطني. هوس كارترايت كنز وطني وبطل حقيقي وشخص وطني عظيم».
وخلال مناقشات عقدت مع مكتب مستشارة البيت الأبيض، كاثرين روملر، سعى محققون لتحديد ما إذا كان البيت الأبيض سيكون مستعدا للكشف عن مواد سرية مهمة في القضية. أما روملر فلم تبدِ استعدادها للكشف عن وثائق، معللة ذلك بدواعٍ تتعلق بالأمن الوطني، بما في ذلك مواد ترتبط بمصادر وأساليب، حسبما أفاد مصدر مطلع.
من جانبها، رفضت روملر، التي تركت منصبها في يونيو (حزيران)، التعليق. وأعرب جيسون وينستاين، نائب مساعد النائب العام المسؤول عن القسم الجنائي بوزارة العدل سابقا، عن اعتقاده بأن «هناك تضاربا جوهريا في قضايا من هذا النوع بين احتياجات التحقيق الجنائي ومتطلبات الأمن الوطني. ويتجلى ذلك عندما يرغب المحققون في استغلال أدلة شديدة السرية والحساسية داخل قاعة المحكمة».
وغالبا ما ترضخ احتياجات التحقيق الجنائي أمام متطلبات الأمن الوطني. وأضاف وينستاين: «في النهاية، عندما تعجز عن استخدام الأدلة التي تحتاج إليها داخل قاعة المحكمة، لا يمكنك رفع قضية».
يذكر أن تفاصيل البرنامج المشترك، بما في ذلك اسمه الشفري، «الألعاب الأوليمبية»، جرى كشفها على يد مراسل «نيويورك تايمز»، ديفيد إي سانغر، في كتاب ومقال نشر في يونيو عام 2012. وكانت أنباء عن تعرض أجهزة الطرد المركزي الإيرانية لتخريب بسبب فيروس عبر الحاسب الآلي أطلق عليه «ستكسنت»، قد ظهرت قبل ذلك بعامين، وتوقع خبراء أمنيون أن هذا كان نتاجا لجهود أميركية - إسرائيلية.
بسكم
بسكم افلام ... كلكم في الهوا سوا .