بدأ المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بنعمر، أمس، زيارة إلى العاصمة السعودية الرياض، وذلك من أجل إجراء مباحثات مع الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي بشأن الإشراف على الحوار بين القوى السياسية اليمنية في الرياض، هذا في الوقت الذي ما زالت تتباين مواقف بعض القوى السياسية من نقل الحوار إلى خارج العاصمة صنعاء، فالحوثيون يرفضون المشاركة في الحوار بالرياض، حتى اللحظة، في حين كشفت قيادية في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح، أن الحزب ليس مع انتقال الحوار خارج اليمن، بحسب ما أفادت صحيفة الشرق الأوسط في عددها الصادر اليوم الأربعاء (11 مارس/ آذار 2015).
وقالت الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر ورئيسة فريق الحزب للتفاوض في الحوار السياسي فائقة السيد، إن «الحوار الآن ينتظم في اليمن حاليا وكل القوى السياسية المشاركة في الحوار، حتى هذه اللحظة، تتحاور وتحاور داخل اليمن، لكننا، حتى الآن، لسنا مع انتقال الحوار إلى مكان آخر، لأن هذا أمر قد يواجه بعض الأمور المعرقلة، حيث إن مرجعياتنا الأساسية قياداتنا في أحزابنا موجودة في اليمن وهي مرجعيات مهمة وقد يشكل انتقال الحوار إلى أي مكان عبء، سواء في الرياض أو غير الرياض».
وأضافت: «الرياض مرحب بها وهي عاصمة لبلد أصيل وعريق وله في وجداننا الكثير من الحب والتقدير والاحترام ووقف إلى جانب اليمن في كثير من الأزمات والمواقف الصعبة وكان نعم الجار الشقيق، لكن نحن لدينا بعض التحفظات، وكما لاحظتم فقد استبدل المؤتمر الشعبي العام فريق التفاوض في الحوار بين القوى السياسية، ومثل هذا الأمر قد لا يتأتى ونحن خارج البلاد والحوار في ظل الرعاية الأممية وضغط الواقع اليمني سيكون أفضل، ربما عندما نسافر إلى خارج اليمن قد لا نشعر ونحس بآلام وتطلعات الناس إلى إنجاز مهام الحوار».
وعن أبرز نقاط الخلاف على طاولة الحوار، تقول السيد إن «المؤتمر الشعبي العام طرف رئيسي في الحوار وتنظيم سياسي أصيل في الساحة اليمنية، لذلك نشعر بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقنا لأننا أمام مهمة وطنية كبرى وجميعنا في هذا البلد إما أن نكون أو لا نكون، نحن أمام مفترق طريق صعب، والمؤتمر الشعبي ليست لديه تحفظات حول ما يتوافق عليه الجميع في إجماع وطني ونحن مع كل القضايا التي يتم عليها إجماع وتوافق، ونحن مع تشكيل مجلس رئاسي وقد ناقشنا هذا الموضوع في الحوار خلال اليومين الماضيين، واليوم (أمس) لم تنعقد الجلسة العامة للحوار، وذلك بسبب السفر المفاجئ للمبعوث الأممي إلى الرياض لإجراء مباحثات هناك».
وردا على ما يطرح بأن هناك نوعا من التحالف بين حزبها والحوثيين، قالت فائقة السيد لـ«الشرق الأوسط»: إن «المؤتمر الشعبي العام متوافق مع الكل، مع الوطن ومن أجل الوطن ونحن نمد أيدينا لكل القوى، وتصوير الخلاف على أنه بين كل القوى السياسية وأنصار الله، هذا خطأ فادح تقع فيه بعض القوى السياسية، وجميعنا فريق واحد في الحوار من أجل الوطن، بعيدا عن التباينات في وجهات النظر بعض الشيء أو في برامج الأحزاب والقوى السياسية، فلتسقط كل البرامج والرؤى أمام احتياجات وطننا ونحن في المؤتمر الشعبي نضغط في هذا الاتجاه.. وتردف أن «(أنصار الله) الحوثيين حركة فتية وهم تقدموا بقوة ولهم ما لهم وعليهم ما عليهم ويقع على كل القوى في الساحة اليمنية الضغط باتجاه تصحيح أي اعوجاج في ممارسات (أنصار الله) وهم جزء من هذا الوطن ولم يأتوا من خارج حدوده».
وكانت القوى السياسية اليمنية المشاركة في الحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة في صنعاء، طالبت، الشهر الماضي، بنقل الحوار إلى مدينة أخرى غير العاصمة صنعاء، على أن تكون تلك المدينة آمنة، وكان اسما عدن وتعز يترددان كمدينتين مرشحتين لاحتضان الحوار، لكن وعقب تمكن الرئيس عبد ربه منصور هادي من مغادرة مقر إقامته الجبرية في منزله بصنعاء في 21 من فبراير (شباط) الماضي، طالب مباشرة هادي المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر بنقل الحوار إلى خارج اليمن وتحديدا مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، وعزز هادي الأمر برسالة بعث بها إلى القيادة السعودية تتضمن هذا الطلب الذي حظي بموافقة سعودية وبمباركة دول مجلس التعاون الخليجي.
ويرفض الحوثيون، حتى اللحظة، نقل الحوار إلى خارج اليمن، غير أن وزيرا في الحكومة المستقيلة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك ضغوطا تمارس على الحوثيين للمشاركة في الحوار بالرياض»، وأكد الدكتور العزي شريم، وزير المياه والبيئة في الحكومة المستقيلة أن أبرز القضايا التي يتم مناقشتها، حاليا، في عدن، هي مسألة نقل المركز المالي للدولة إلى عدن، «لأن المال هو عصب تسيير شؤون الدولة»، وقال الوزير الموجود حاليا في عدن لـ«الشرق الأوسط» إن «الإجراءات تتخذ في هذا الاتجاه، في الوقت الراهن»، وأكد أن الدول المانحة، وتحديدا دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، أبدت استعدادها التام لمساعدة السلطة في عدن وهذا يتضح من خلال اللقاءات بالسفراء، خلال الأيام الماضية، وأشار الوزير اليمني إلى أن «المسألة تحتاج إلى مزيد من الوقت، لأن إعادة بناء دولة مسألة غير سهلة، خصوصا وأن مدير مكتب الرئيس خارج البلاد ولا يوجد بديل، حتى الآن، والمستشارون غير موجودين في عدن»، وأكد شريم أن الاجتماع الذي كان مقررا، أمس، لأعضاء الحكومة الذين تمكنوا من الوصول إلى عدن «تم تأجيله»، إلى أجل غير مسمى إلى الآن.
وفيما يتعلق باستئناف الحوار السياسي بين القوى السياسية اليمنية في العاصمة السعودية الرياض، أكد الوزير شريم أن «هناك مؤشرات إيجابية وهناك ضغوطا تمارس على الحوثيين للمشاركة في مفاوضات الرياض»، في سياق متصل، علق مصدر مسؤول في عدن لـ«الشرق الأوسط» على مسألة نقل المركز المالي للدولة إلى عدن، وقال إن «الطرف الآخر (الحوثيين) قد يزداد سعاره في حال الإقدام على هذه الخطوة، لكن إذا تركنا الأمور على ما هي عليه، فإننا نمكنه من الوصول إلى عدن، وهو في كل الأحوال، سوف يحاول أن يصل إليها».