في الأسبوع الماضي أفرغ النواب ما في جعبتهم في ملف «العمالة السائبة»، أو ما يعرف لدينا نحن البسطاء بـ «الفري فيزا»، وتحدّثوا على مدار أكثر من ثلاث ساعات عن هذه الظاهرة، وثارت ثائرتهم. وقال عدد منهم أن هناك مافيا تدير «الفري فيزا» في البحرين، واتهم آخرون «هوامير» بأنهم يقفون وراءهم ويوفّرون لهم الحماية والغطاء.

وتجرأ أحد النواب وقال إن هناك من يسهل إخراج تأشيرات الدخول لإحدى الجنسيات العربية التي تعيش شبح الحرب بمبلغ 10 آلاف دينار، فيما ذكر نائب آخر أن هناك موظفين في الحكومة يتاجرون، أو كما وصفهم «يترزقون من بيع التأشيرات»!

الحكومة سارعت إلى نفي ما ذكره النواب من اتهامات واعتبرتها «بلا دليل»، فيما قال وزير العمل أن «المافيا» التي تتاجر بالفري فيزا موجودة ولكنها خارج البحرين وليست داخلها.

الأرقام التي يتحدّث عنها النواب تتراوح بين 60 و100 ألف شخص من «الفري فيزا» يعيشون ويعملون في البحرين في وضح النهار بلا خوف، وهذا الرقم في دولة مثل البحرين يعتبر ضخماً بكل المقاييس، لذلك سارع النواب إلى الإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق في هذا الملف. وقد عرضت أسماء المشاركين فيها في جلستهم أمس (الثلثاء)، إيذاناً ببدء الحراك النيابي في هذا الملف.

الخطوة التي قام بها النواب بتشكيل لجنة تحقيق بحد ذاتها خطوة جيدة، ولكننا نسأل عن جدواها، وعمّا إذا كانت ستخلص إلى نتائج جديدة غير التي يشاهدها الناس على الأرض يومياً. فإذا كان الهدف من هذه اللجنة هو الحديث عن أرقام والكشف عن إحصاءات، فالناس تشاهد بنفسها العمالة السائبة في كل مكان، بدءًا من خدم المنازل خصوصاً بعض من يعملون بنظام الساعات وعمال غسيل السيارات وعمال البناء والباعة الجائلون وعشرات الأماكن والقطاعات التي باتت أصلاً حكراً على هذه العمالة.

إذا كانت اللجنة النيابية تهدف إلى تشخيص المشكلة فقط، فلاشك أن ذلك عبث لا طائل منه، فكل البحرينيين قادرون على تشخيصها كل يوم، لأن هؤلاء الـ 100 ألف موجودون في كل مكان، ويعملون في وضح النهار وبأمان تام مستغرب في دولة تملك جهازاً أمنياً قوياً.

أما إذا كان النواب عازمين على كشف أسماء «الهوامير» الذين يقولون إنهم متورطون في استغلال هذه العمالة التي تتغرب من أجل لقمة العيش وتعيش في ظروف إنسانية صعبة، فكل البحرينيين يباركون هذا الحراك، ويدعمونه، على الرغم من أنهم يشكّكون في قدرة و«شجاعة» النواب على كشف المتجاوزين بالأسماء.

الناس لا يريدون «جعجعة بلا طحين»، ولا يريدون «فزعة» صوتية تتلاشى بعد مدة، الناس يريدون أن يطبّق القانون على كل متجاوز للقانون يتاجر بهؤلاء الناس الفقراء ويستغلهم ويمنع أبناء البلد من توفير لقمة العيش لأبنائه، ولسان حالهم يقول «إذا ما تقدرون على الهوامير، فخاطرنا تصيدون جنعده على الأقل»! فهل يستطيع النواب؟