تتحضر القوات الحكومية السورية وحلفاؤها لشن آخر الهجمات في القلمون الجنوبي، بريف دمشق الغربي، بهدف استعادة السيطرة على بلدة الزبداني، وهي آخر المدن السورية الحدودية مع لبنان التي تتشارك فيها وقوات المعارضة السيطرة، في حين تتحضر منطقة جرود عرسال الحدودية مع سوريا، في القلمون الشمالي، لمعركة «دفاعية» خلال الربيع، بهدف «إبعاد خطر هجمات المسلحين السوريين المنتشرين في الجرود الحدودية داخل الأراضي اللبنانية ، بحسب ما افادت صحيفة الشرق الاوسط اليوم الاثنين 9 مارس /آذار2015.
واستبق نظام الرئيس السوري بشار الأسد معركة الزبداني، بالتواصل مع فعاليات مدنية وشخصيات معارضة في المدينة، بهدف التوصل إلى هدنة، تؤسس لاتفاق لاحق يجمّد هجوما محتملا ووشيكا على المدينة وأريافها الحدودية مع لبنان، بهدف استعادة السيطرة الكاملة على بلدات ريف دمشق الغربي.
وكشف مصدر سوري معارض في ريف دمشق لـ«الشرق الأوسط» أن فعاليات من الزبداني تمت دعوتها يوم الجمعة الماضي إلى اجتماع في جامع بلودان الكبير، أدلى فيها الأهالي بشروط وطلبات لقاء الموافقة على هدنة في المدينة المحاصرة، تتلخص في «تفكيك العبوات والألغام داخل البلدة وخارجها بإشراف هيئة مشتركة من الأهالي»، و«عودة أهالي الزبداني إلى منازلهم بأقرب فرصة، والإسراع بتشكيل لجنة متابعة مكلفة من الدولة لدراسة وتقدير الأضرار وصرف التعويضات للمتضررين». كما اشترط الأهالي «عودة كافة مؤسسات الدولة الخدمية والأمنية إلى داخل الزبداني لتسهيل أعمالها وإعادة الإعمار، وتأهيل البنية التحتية والخدمية للمدينة»، إضافة إلى «حل مشكلة المنشقين عن الجيش السوري وأمر المتخلفين، إما بالخدمة داخل المدينة أو تأجيل الخدمة الإلزامية إلى حين انتهاء الأزمة»، فضلا عن «الإسراع بحل مشكلة ملف الأسرى والإفراج عن المعتقلين والمختطفين لدى الطرفين».
وكانت 3 محاولات سابقة للتوصل إلى هدنة بين الطرفين، قد فشلت، كان آخرها في ربيع 2014 إثر استعادة القوات الحكومية السيطرة على مناطق واسعة في القلمون.
وتعد الزبداني آخر المدن في القلمون التي تتشارك فيها المعارضة والنظام السيطرة. وتشير مصادر معارضة بريف دمشق إلى أن أحياء في المدينة «خاضعة بأكملها لسيطرة قوات المعارضة»، بينما تنتشر حواجز أمنية وعسكرية للنظام في أحياء أخرى. أما في أرياف المدينة، فإن قوات المعارضة تنتشر على مساحات شاسعة بدءا من مناطق قريبة من نقطة المصنع الحدودية مع لبنان، إلى الشمال باتجاه حدود بلدة الطفيل اللبنانية.
وتمكنت القوات الحكومية، في السابق، مدعومة بمقاتلي حزب الله اللبناني، من عزل منطقة ريف الزبداني عن جرود القلمون الشمالي، وبينها مزارع رنكوس وجرود الطفيل، حيث ينتشر مقاتلون معارضون ومتشددون في التلال والجرود، ويمتد نفوذهم إلى جرود أقصى شمال القلمون، وتحديدا في «قارة» المحاذية لريف القصير الجنوبي. واستعاد النظام السيطرة على مدن وبلدات القلمون الربيع الماضي، ما دفع بالمعارضة إلى اللجوء إلى الجرود، والدخول في معارك كر وفر.
وفيما يتحضر طرفا المعارضة من جهة، والنظام وحلفاؤه من جهة أخرى، لمعركة «وشيكة» في الزبداني، «ستتخذ الطابع الهجومي من جهة النظام»، كما تقول مصادر لبنانية مطلعة على الملف لـ«الشرق الأوسط»، تقترب معركة الربيع في جرود بلدة عرسال اللبنانية الحدودية مع سوريا، بعد ذوبان الثلوج التي جمدت القتال نسبيا منذ شهر يناير (كانون الثاني) الماضي. وفي مقابل تحركات المسلحين في الجرود، وهجماتهم المحدودة، يتردد عن عمليات محدودة أيضا من الجانب السوري النظامي، إذ أفادت قناة «المنار» التابعة لحزب الله ليل السبت - الأحد بسقوط قتلى في صفوف «داعش» إثر غارة جوية سورية على معبر الزمراني بجرود القلمون الحدودية مع لبنان.
وقالت مصادر لبنانية مطلعة على التحضيرات لمعركة جرود عرسال لـ«الشرق الأوسط»، إن طابع المعركة «سيكون دفاعيا ضد هجمات محتملة للمسلحين»، من غير أن تستبعد «الهجمات التكتيكية المحدودة»، وذلك «بهدف رد خطر هجمات المسلحين في الجرود». وأوضحت المصادر أن مسرح العمليات «سيكون داخل الأراضي اللبنانية في المنطقة الحدودية مع سوريا، حيث ينتشر المسلحون»، ذلك أن «وجودهم في المناطق السورية اقتصر على الجرود».
ونفذ الجيش اللبناني في السابق عمليات محدودة ودقيقة، كان آخرها سيطرته على تلال استراتيجية في جرود رأس بعلبك (تبعد أكثر من 10 كيلومترات عن بلدة رأس بعلبك شرقا نحو المنطقة الحدودية)، الأسبوع الماضي، كما تتكرر محاولاته شبه اليومية لصد تحركات المسلحين ومحاولاتهم التسلل إلى عمق الأراضي اللبنانية.
وتحول محاذير كثيرة دون شن هجمات ضد مواقع المسلحين، أبرزها وجود «مخيمات للاجئين السوريين»، وما يترتب عليها من تبعات إنسانية، في حال تسلل مسلحون إليها، وهو ما أدى في معركة عرسال في أغسطس (آب) الماضي إلى أزمة إنسانية بصفوف اللاجئين الذين يزيد عددهم على 60 ألفا في بلدة عرسال ومحيطها.
وتحاول الحكومة اللبنانية إيجاد حل لمشكلة اللاجئين في عرسال وما يترتب عليها من تبعات أمنية، عبر «البحث في تفكيك مخيمات النازحين ونقلها إلى العمق داخل الأراضي اللبنانية، وتوزيع سكانها على 3 مخيمات تراعي الشروط الأمنية والإنسانية، في حال توفر التمويل اللازم لها»، كما قالت مصادر مطلعة على الملف لـ«الشرق الأوسط.