كانت المكالمة الهاتفية قصيرة وحاسمة: «لقد سمح بكتابك (ذاكرة الوطن والمنفى)، في معرض الكتاب في مسقط»، وهكذا حزمت حقيبتي على عجل، ويمّمت شطر عمان.
أول ملاحظة حالما تطأ خطاك المطار هو البشاشة والترحاب الصادق من الإخوة العمانيين، أما المفاجأة السارة الأخرى فهي وجود صديقٍ بانتظارك دون أن تطلب منه ذلك. مباشرةً ذهبت إلى المعرض حيث الصديق المعتق تاجي أبوحديد، من مكتبة دار الطليق الإماراتية، موزّعة الكتاب، يستقبلك بالأحضان.
كانت أمنيتي أن أوقّع كتابي في مسقط، لأن حضور عمان في الذاكرة طاغ، ولأن الأصدقاء العمانيين هم الأولى باقتناء الكتاب. ولم يخب ظنّي، فعلى امتداد الأيام الأربعة التي قضيتها في المعرض لتوقيع الكتاب، توافد الأصدقاء العمانيون ممن أعرف ومن لا أعرف، وكانت بالطبع مناسبة لاستحضار الماضي الجميل.
وكانت مناسبة أيضاً للتعرّف جيداً على الصديق حاتم الطائي، ورئيس تحرير صحيفة «الرؤية» ومحرّري الصحيفة، الذي رتّب بسرعة ندوة حول الكتاب، حيث قدم الصديق حسن مدن عرضاً للكتاب، وتبعته باستعراض الشقّ العماني من الكتاب، وتلا ذلك نقاش معمق حول الإرث النضالي للشعب العماني والمشاركة النشطة لأشقائهم الخليجيين ومنهم البحرينيون بالطبع.
وكان هناك اتفاق بضرورة المصالحة مع الذات، باعتبار هذا الإرث النضالي جزءًا من تاريخ عمان وتاريخ الخليج، ولذا فقد طرح أكثر من صديق عماني ضرورة توثيق تلك المرحلة ومعالجتها موضوعياً، وهو ما نحتاجه أيضاً في البحرين.
لكن الندوة الأهم هي تلك التي نظّمتها صحيفة «الرؤية» في النادي الدبلوماسي، وحضرها إلى جانب كتّاب الصحيفة، مثقفون عمانيون وخليجيون، منهم الزملاء جعفر الشايب، وعبيدلي العبيدلي وشوقي العلوي، حول «دور المثقف العربي في التغيير». وكانت جولة من المطارحات الفكرية وتقليب الآراء، وتوافق على ضرورة إشاعة الفكر المتحرر والتنوير والتسامح والمدنية، في ظل سيطرة فكر التكفير والتعصب والتمييز، وحكم الغلبة، الذي لا يقدّم بديلاً ديمقراطياً وتنويرياً.
لقد فوجئت بحجم وتنوع المشاركين العمانيين من مؤسسات رسمية وناشرين ومكتبات. وكذلك تنوع وغنى النتاجات العمانية، وتميّز النتاج النسائي والشبابي بشكل خاص. وجديرٌ بالذكر أنه إذا كانت مسقط قد استضافت معرض الكتاب، فإن صلالة ستستضيف بعض المشاركين في معرض جامعة ظفار للكتاب. كما أنه في ضوء اختيار نزوى، عاصمة عمان التاريخية، كمدينة للثقافة الإسلامية، سيشكل ذلك فرصةً للإطلالة على المدينة ودورها التاريخي كحاضرة لحكم الإمامة.
لقد كانت فرصةً مع الصديق جاسم حسين، وباستضافة كريمة من الصديق محمد الحارثي، للقيام بسياحة في عمان الداخل، حيث زرنا القلاع التاريخية في نزوى وبهلا وجبرين، ولا يملك المرء إلا أن يُعجب بالجمال المعماري للقلاع العمانية وضخامته، والتي كانت عبارة عن مراكز للحكم أيضاً. وهذا ليس غريباً، إذ أنها تعكس قوة وحضارة عمان التي استقلت مبكراً عن الدولة الإسلامية المركزية، وأقامت لنفسها دولةً قائمةً على الشورى، واتجهت للفتوحات البحرية الممتدة من ملبار على ساحل الهند الغربي حتى مومباسا وزنجبار على الساحل الشرقي لأفريقيا.
تحيةً للأشقاء العمانيين... وتحيةً لعمان المجد والتاريخ، والحاضر أيضاً.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 4564 - الجمعة 06 مارس 2015م الموافق 15 جمادى الأولى 1436هـ
عمان
عمان شعب طيب و ارض جميلة
ياربنا احفظ لنا جلالة السلطان
اللهم ادم الامن و الامان على شعب عمان الخلوق الطيب البشوش المضياف.
قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: لو جئت أهل عمان ما سبوك ولا ضربوك.
صدق الله و رسوله..
على رغم اختلاف المذاهب الا انك لا تحس بانك غريب او منتقص. فالشيعي يصلي و السني و الاباضي في مسجد واحد بل في صف واحد
اللهم احفظ لنا جلالة السلطان و ارجعه لدياره سالما
وتحية لقلمك المبدع
احسنت