كان لوسائل التواصل الاجتماعي الأثر الكبير في تحويل حياة البعض إلى كتاب مفتوح، للآخرين حرية المشاركة والاطلاع عليه في أي مكانٍ أو زمان من دون حدٍ أو قيد. لم تعد اللحظات الجميلة كنزاً ثميناً لا يحفظ إلا في القلب أو الذاكرة أو في صورة ثابتة التقطتها بكاميرتك اليدوية أو الرقمية ذات يوم، وشعرت بأن مكانها على جدران غرفتك وقلبك فقط.
ما عاد للحب أو أسراره معنى بين الزوجين أو الأصدقاء أو الأحبة أياً كانت مكانتهم. الحب كما هي حياتكَ تماماً... صار شباكاً مفتوحاً على مصراعيه تحت مسمى «إنستغرام، سناب شات، واتس آب، فيسبوك، تويتر» وغيرها من برامج التواصل الاجتماعي التي اخترقت حياتنا الشخصية ومكنت الآخرين من معرفة المكان الذي ولدت فيه بفرحها وحزنها. لأجل ذلك كان لنا هذا الاستطلاع مع مجموعة شبابية بحرينية رأت أن وسائل التواصل الاجتماعي اخترقت حياتنا الشخصية وسرقت منا معنى أن تكون الحياة الخاصة... خاصة بجميع تفاصيلها تحت مظلة «حسابي الشخصي مقفل».
البداية كانت بتصوير طبق طعام أو مائدة معدة تجمع الأصدقاء وتمكن الجميع من معرفة مكانك وطعامك المفضل كما يعلق يوسف شويطر (طالب جامعي) بقوله: «استطاعت وسائل التواصل الاجتماعي متمثلة في الإنستغرام وسناب شات أن تخترق حياتنا بكل سهولة فتصويري لطبق طعامي المفضل في أحد المطاعم ونشر صورته عبر حسابي يمكن أهلي وأصدقائي من معرفة تفاصيل حياتي على سبيل المثال».
وتتفق ولاء غازي شمطوط (طالبة جامعية) مع شويطر قائلة: «لقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي الشاغل الرئيسي في حياتنا فلا يمر يوم إلا وقد فتحنا الواتس أب، إنستغرام، فيسبوك، وقد يمر أسبوع ولم نفتح كتاب الله».
ويؤيد سيدعلي المحافظة (خريج جامعي) شويطر وشمطوط بتعليقه: «استطاعت إلى حد كبير خرق حياتنا، حيث يبدأ هذا الاختراق من معلومات التسجيل في هذه الوسائل، وموقع المستخدم الجغرافي وسياسة الخصوصية التي تعد شرطاً أساسياً للتسجيل في هذه المواقع، ومن خلال انتشار بعض العادات الإعلامية مثل «السيلفي» و «تايم» أصبح العديد من الناس يمارسون هذه العادات من غير وعي وينشرون حياتهم الخاصة على مرأى من الناس، وحتى في حال كان الحساب خاصاً فإن الشركة المالكة لهذه البرامج لها حق التصرف في جميع المنشورات».
من جانبها، تعارض شيخة الحمر (طالبة جامعية) ذلك بقولها: «لم تستطع وسائل التواصل الاجتماعي خرق حياتنا الشخصية فهناك أشياء خصوصية لا يمكن نشرها، ما يعني حفاظنا على خصوصية الحساب».
هل تعارض عرض حياتك الخاصة عبر حسابك في وسائل التواصل الاجتماعي؟، سؤال صريح كانت إجابته صارمة، ما يدلل على وعي الشباب بخطورة التسليم لتحويل حياتهم الشخصية إلى كتابٍ إلكتروني مفتوح يقرأه الجميع.
أجاب يوسف شويطر «السؤال ذو حدين... فـنعم، بإمكاني نشر الأحداث الخاصة كتلك التي تكشف عن جانب عشقي للسفر والسياحة مثلاً، بنشر صور للأماكن التي سافرت إليها من باب نقل المعرفة. إلا أنني لا أؤيد نشر صوري الخاصة التي تعكس حياتي مع زوجتي على سبيل المثال كما يحصل الآن، فبإمكان أي متصفح نسخها ونشرها ما يسبب الإساءة لي والتشهير بي ولكل أمر حدود لا يمكن تجاوزها».
وردت ولاء شمطوط بالمثل قائلة: «نعم، ليس كل شيء خاص يعرض فهناك أمور لا تصلح للعرض، ولا يجب أن أنشر ماذا فعلت في كل يوم وفي كل لحظة للناس، إلا ما ندر من باب الذكرى فقط كنشر بعض الصور الخاصة بعيد ميلادي أو إحدى رحلاتي مع التحفظ على عرض أو نشر تفاصيلها».
واتفق المحافظة معهما بالإجابة بتعليله لرفض ذلك قائلاً: «بشكل عام لا أؤيد عرض حياتي الخاصة على هذه الوسائل لأنها مهما كانت نسبة الحماية فهي غير مأمونة، فضلاً عن أن جميع المنشورات تكون مسجلة في قاعدة بيانات الشركة المالكة لها. وبطبيعة الحال تبقى مسألة الخصوصية تتسع وتضيق بحسب حدود الخصوصية، وجميعنا سمعنا بقضية اختراق حسابات لفنانات ونجوم ونشر صورهم الفاضحة التي كانت على حساباتهم الشخصية على مرأى من الجميع، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنه لا يوجد ما يسمى بالخصوصية في عالم الإنترنت، ولذا أرى أن الطريقة المثلى للحديث حول الحياة الخاصة وتوثيق ذكرياتها تكون عبر الوسائل الخاصة قدر الإمكان». من جانبها، أجابت شيخة الحمر «لا أعارض نشر أفكاري الخاصة ويومياتي حول الحياة ما دامت بشكل معقول».
تباينت الآراء حول تمكن وسائل التواصل الاجتماعي من اختراق حياتنا، واتفق الجميع على وجود سلبيات مكنت من حدوث ذلك كتلك التي اقتحمت خصوصية كل فرد في نشر تفاصيل حياته واختراقها وإعادة نشرها بما يسيء إليه كما يذكر شويطر مثالاً حياً لقضية نشر صور خاصة لمراهقات بعد اختراق حسابهن قبل أشهر.
وتضيف ولاء شمطوط على ذلك بذكر مجموعة من السلبيات التي لا يمكن التغاضي عنها، كإهدار الوقت وضعف النظر والتحليل والتصنيف الخاطئ لشخصيات مستخدمي هذه الوسائل.
ويرى المحافظة أن وسائل التواصل الاجتماعي بحد ذاتها مجرد أداة يمكن الاستفادة منها في الخير كما يمكن استعمالها في الشر، وخصوصاً كونها وسيلة متاحة للجميع وذات تأثير سريع وبالغ، فيمكن لها أن تكون بيئة خصبة لتمرير الشائعات وتطبيع المجتمع بالعادات السيئة، وتسهل نشر الرذيلة والإباحية، ما يدعو إلى ضرورة التثقيف ونشر الوعي الإعلامي بين الناس عبر المناهج التعليمية والبرامج التلفزيونية على سبيل المثال.
وعلى رغم تفاقم السلبيات لم تخلُ وسائل التواصل الاجتماعي من بعض الإيجابيات التي ساهمت في توطيد العلاقات وخلق جيل قائم على سياسة التواصل الإلكتروني، إذ أجمع الجميع على أنها أتاحت فرصة التواصل والتعارف بين الآخرين عن بعد إلى جانب كونها باباً من أبواب المعرفة والإخبار والتحليل والترفيه.
العدد 4564 - الجمعة 06 مارس 2015م الموافق 15 جمادى الأولى 1436هـ
ديراوى
للاسف ابناء هذا الجيل سينشؤن على هذه التكنلوجيا يعنى لا عادات ولاتقاليد
يمكن البعض ينزل صور اقرب الناس له من غير فرق بين بنت او ولد فى بعض المناسبات كاعياد الميلاد او الرحلات الخاصه