ما إن تطأ قدماك المركز البحريني للحراك الدولي، وترى منتسبيه حتى ترى كيف تكون نظرات أعينهم تنتظر فرجاً بأمل أحد ما أن يقف معهم ويرشدهم... المرشد النفسي والمعالجة بطاقة الريكي كونش فداء فيصل العليوات أرادت بمركزها الإرشاد النفسي بمركز الحراك أن تقوم بمعالجة المعاقين عن طريق ورش ومحاضرات تدريبية يتعايشاه معاً، أردات بها أن تزرع بذور الأمل بعلاج إرشادي نفسي. «الوسط» حضرت إحدى هذه الورش واطلعت عن قرب على مدى العمل الإنساني الذي تقوم به العليوات وكان لنا هذا اللقاء معها:

تتنفس من أعماق قلبها أملاً لتحيي أشخاصاً دارت عليهم الدنيا بدوائرها من حزن ومرض سواء من عيوب خلقية أو حوادث أو غيرها، تناشد حينها أملاً أن يكون للمسئولين دور قيادي هام في دعم وتقديم يد المساعدة لهم.

تقول العليوات: «يضم مركز الإرشاد النفسي في المركز البحريني للحراك الدولي منتسبين من الجنسين، تكون إعاقاتهم متفاوتة بين الإعاقة منذ الولادة أو من الحوادث، ومن منتسبي المركز يكون ضمن الحاضرين ما يقارب من 18 إلى 20 منتسباً في الورش التي تقدمها من أجل زرع بذرة الأمل وانتشالهم من الخوف وإدماجهم في المجتمع».

نحتاج الدعم

وتضيف وبنبرة ذات وتيرة بتنهدات منخفضة «ينقصنا الدعم، ثم الدعم، هذا ما نحتاجه للمضي قدماً في الوقوف مع المعاقين». وتابعت «ننتظر مبادرة من الجهات المعنية لتقديم يد المساعدات لكي نقوم بعمل برامج إرشادية نفسية تساعد المعاق على تخطي الصعوبات التي تواجهه».

وتابعت «إنهم لا ينتظرون منا شفقة، بل ينتظرون منا أن نمد أيدينا لهم ونقف بجانبهم ونحيي روح الأمل بداخلهم».

تتحدث المرشد النفسي والمعالجة بطاقة الريكي كونش فداء العليوات عن أنها تستهدف كل فئات المجتمع من خلال تقديم الورش بكونها مختصة بالإرشاد النفسي وعلم الطاقة، وأنها استهدفت فئة المعاقين من سنتين أو ثلاث، وذلك لأنها وجدتها مهمشة من خلال المسئولين لمعالجتهم نفسياً. وتقول: «عندما دخلت عالم الإعاقة وجدته عالماً مهمشاً اجتماعياً، ووجدت عدم اهتمام رسمي من رعاية نفسية وإرشادية». وتتابع «لدى المعاقين معاناة ويراد منا كمجتمع أن نقف معهم وننتشلهم ونساعدهم لا أن نعطيهم الأذن الصماء».

وتقول إنها تقوم بورش للمعاقين وبعض المكفوفين المنتسبين للمركز من خلال التنسيق مع بعض الجمعيات الخاصة بالمعاقين والمكفوفين، من خلال تقديم الإرشاد النفسي والتدريب مجاناً.

وتشيد العليوات بدور المركز البحريني للحراك الدولي الذي وفر لها مساحة لتقديم برامج الورش من خلال لجنة كسر الحواجز النفسية التي تشرف عليها في المركز.

وتضيف «كما أقوم بتقديم جلسات خاصة لبعض المعاقين إرشادية مجانية وفي الوقت نفسه أطبق هذه البرامج للعامة والمؤسسات بحسب كل فئة من خلال أهدافهم والتحديات التي يواجهونها، بحسب الحاجة يتم تشكيل البرنامج».

«تحدي الخوف»

ومن خلال تقديم ورشة «تحدي الخوف» تعتبر هذه الورشة عالمية التي تقدمها العليوات وهي ثاني متدربة يتم الترخيص لها لمزاولتها على مستوى الشرق الأوسط، وتقوم بتقديمها للمعاقين. تقول إنها تقوم «بتقديم هذه الورش لمنتسبي الحراك من خلال تنسيق يتم مع المعاقين وأهاليهم، إذ إنني من خلال هذه الورش أخاطب ما في داخلهم مما يشعرون به».

وتضيف «ما أقوم به هو مساعدة المعاقين من الحالة التي يكونون عليها من عدم اهتمام سواء من الجهات المعنية في وضع برامج استشارية نفسية للتعرف على احتياجاتهم ومساعدتهم، إلى حالة تفاعلية تكشف عما داخلهم من معاناة». وتذكر العليوات: «هناك تعايش وارتياح نفسي بيني كمدربة وبين المعاقين من خلال غرس مفهوم الأمل للقلب».

فداء العليوات توجه نظرها نحوي وبصوت منخفض، لماذا أنت مصدوم؟! جاوبتها «نعم أنا مصدوم مما أراه، وأسمعه من المعاقين، فكل ما رأيته من قبل هو مجرد طيف أو قصة، أما ما أراه أمام نظري فهو إحساس بأن يكون هناك أشخاص تسقط من عيونهم دموع نتيجة أحداث مروا بها وتعرضهم لصدمات جعلتهم معاقين». فتقول العليوات: «هذا ما أراه عندما أقف أمامهم من نظرات وكلمات يريدون منا أن نقف معهم لا أن نعطف عليهم».

تتابع العليوات لقاءها، وتقول: «أقدم من خلال دوراتي بعض الأنشطة والتدريبات التي تساعدهم على التحدث عن أنفسهم». وتضيف «إن ما أريد أن أنجزه مع المعاق هو جعله أن يتحدث عن معاناته بنفسه، بحسب طبيعته واحتياجاته بأنه استفاد أم لا من خلال مراعاتهم ومداراتهم ومتابعتهم عن قرب».

وتستنكر العليوات النظرة السلبية الموجهة من المجتمع للمعاق والخوف منهم والشكوك في قدراتهم، وتقول: «كم من تساؤلات وجهت لي، كيف استطعت أن تقفي أمام المعاقين؟»

وتقول: «إن الورش التي أقدمها هي ورشة علاجية وليست تدريبية، فمن خلال ورشة تحدي الخوف نسلط الضوء على كيف يتم التعامل والتخلص من الخوف ما بداخل المعاق، وخاصة من مر بتجارب مؤلمة».

وتضيف «هناك الكثير من المتطوعين من خلال العمل معي لاأزال أنظر الخوف في عيونهم، نراه يتكرر يوماً بعد يوم وهو يعكس مدى الخوف والتعامل مع المعاق».

وجهت سؤالها لي مرة أخرى، أنت مصدوم؟، وأجبتها نعم هذه حالة من الصدمة عندما أرى على هذه الوجوه كم من ألم وصعوبات واجهوها في حياتهم.

وديعة: لا أجد هناك نظرة سلبية تجاه المعاق

إلى ذلك استطلعنا آراء بعض المعاقين حول وجودهم في مثل هذه الدورات، إذ قالت وديعة سيدعلي سيدحسين وهي معاقة منذ الولادة، تتحدث عن تجربتها من خلال خوض بعض الورش مع فداء العليوات، فتقول: «أحسست من خلال الدورات التي أشارك فيها أنها مفيدة للغاية، استفدت منها في حياتي والتعايش في المجتمع».

وتضيف «لا أجد هناك نظرة سلبية من خلال المجتمع كوني معاقة، ولا يهمني أي كلمة تقال، فالمدربة العليوات من خلال الدورات التي تقدمها تساعدني لكي أعبر عن المشاعر التي أختزلها بداخلي، كما تقوم المدربة بمساعدتنا من خلال كلماتها التي تبعث الأمل في قلوبنا».

وعن المشاكل التي يواجهونها كمعاقين، تقول وديعة: «كل إنسان لديه مشاكل ودائماً يحتاج لشخص أن يسحب الطاقة السلبية في نفسه، فلهذا يحتاج لشخص يثق فيه ويكون مختصاً أن يسحب الطاقة السلبية من جسده ويعوضه بطاقة إيجابية».

أمينة: دموع الأمل

أمينة حسن جاسم، وهي معاقة تحدثت لنا والدموع تتساقط من عينها، فعندما تتذكر ما واجهته من مشاكل أدت لأن تكون معاقة تنهمر من عينيها دموع الحزن والألم وتتحدث بنبرات حزينة: «خائفة... خائفة... خائفة من أن أفقد عيالي وبيتي...»، هي كلمات قالتها ورأينا وجهها يكسوه الحزن والخوف، بصوت خافت، «إنه الخوف بداخلي أريد أن أخرجه...».

وتضيف «عندما أحضر هذه الورش أستطيع أن أقول هي علاج لحالتي، وكلما أسترجع ذاكرتي من خلال كلمات المدربة فداء العليوات تدمع عيني لأنني أسترجع أفكاري وآلامي»،

وتستذكر «بداية كنت أشعر بالضعف أمام أي تحدٍّ أواجهه ولكن من خلال دخولي هذه الورش استطعت أن أواجه هذا التحدي بعزيمة، فهي تساعدني على التغلب على الخوف، وتساعدني على أن أواجه أي مشكلة لي بقوة».

وتقول: «بعد الإعاقة استطعت التعرف على المركز البحريني للحراك الدولي، وهو بدوره احتضنني واستطاع الوقوف معي». موضحة بذلك أن «أصحاب العمل يستاؤون من المعاق بسبب أنه لا يستيطع أن ينتج».

المطوع: نحاول تذليل الصعوبات لخدمة المعاقين ونطالب برفع نسبة التوظيف

قال رئيس مجلس إدارة المركز البحريني للحراك الدولي عادل سلطان المطوع: «إن المركز يضم أطفالاً من الروضة حتى المدرسة، ويتم متابعتهم حتى بعد المدرسة، بحيث يكونون أعضاء منتسبين في المركز، ويتم الاهتمام بهم وتهيئتهم لسوق العمل من خلال صقل مواهبهم».

وأضاف «المركز موجود من 36 سنة، ولدينا اهتمام كبير بالمعاقين بالشراكة مع وزارة التنمية فهم يقدمون الدعم المادي للمركز، ولدينا مشروع الاستشارة النفسية وغيرها من اللجان العاملة بالمركز التي تخدم المعاقين».

وقال «نحن كجمعية لدينا صلاحيات وإمكانيات محدودة ونحاول قدر المستطاع من خلال الاجتماع بالمسئولين أن نذلل الصعوبات ونوصل لهم الملاحظات من خلال القنوات التي نصل إليها بالتنسيق مع المعاقين وأهاليهم»، مضيفاً «نتمنى من الوزارات والشركات أن تقوم بتوظيف المعاق وبحسب القانون أن يكون هناك 2 في المئة من الموظفين من المعاقين، كما نحاول توصيل صوت المعاقين للمسئولين لكي يرفعوا نسبة التوظيف في الوزارات والشركات».

وتابع «إن المعاقين المسجلين بحسب وزارة التنمية ما يقارب 9200 معاق من جميع الأعمار، وللاسف هناك تزايد في أعداد المعاقين من التوحد ومتلازمة داون».

واختتم حديثه بالقول: «للأسف هناك كثير من الأسر لا يقومون بتهيئة الأمور الخدماتية للمعاق من احتياجات مثل الحمامات أو غيرها، فنطالب أن تكون هناك ثقافة للأهل من أجل توفير سبل الراحة للمعاق».