قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إنه ينبغي على القوات العراقية التي تقاتل من أجل استرداد مدينة تكريت من أيدي تنظيم داعش حماية المدنيين من هجمات انتقامية تشنها الميليشيات الموالية للحكومة.
وتُلزم كل القوانين الدولية الخاصة بالحرب جميع الأطراف المتقاتلة أن تتخذ كل الاحتياطات المستطاعة، للتقليل من الضرر الذي يلحق بالسكان المدنيين.
ووثقت هيومن رايتس ووتش العديد من المذابح التي ارتكبتها الميليشيات الحكومية وقوات الأمن، بحق المدنيين السنّة، بعد استردادها السيطرة على بلدات أخرى. وقالت هيومن رايتس ووتش إنه مع تواتر تقارير تفيد أن داعش يتخذ من رهائن مدنيين دروعاً بشرية، ينبغي على القوات التي أسرت مقاتلين من داعش واحتجزت من تشتبه في أنهم من مؤيدي داعش أن تنقل هؤلاء الأسرى على الفور إلى المنشآت الرسمية التابعة لوزارة العدل؛ للتقليل من مخاطر توقيع عقوبة الإعدام بإجراءات موجزة، وأعمال القتل الانتقامية، وغيرها من الانتهاكات.
وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش جو ستورك: "كل القادة في تكريت بحاجة إلى التأكد من أن قواتهم تحمي المدنيين، وتسمح لهم بالفرار من منطقة القتال". وأضاف: "القتال السابق يثير مخاوف كبيرة من أن المدنيين في تكريت عرضة لمخاطر جسيمة من جانب كل من داعش والقوات الحكومية، وأن كلا الطرفين بحاجة إلى حماية المدنيين من مزيد من العنف الطائفي".
وفي الثاني من مارس/آذار 2015، بدأت قوة عسكرية عراقية، بجانب متطوعين من وحدات "الحشد الشعبي" شبه العسكرية أو لجان التعبئة الشعبية، وميليشيات موالية للحكومة، هجوما لاستعادة السيطرة على تكريت.
وقالت هيومن رايتس ووتش أن مسؤولين عراقيين أدلوا، في الآونة الأخيرة، بتصريحات تثير المخاوف بشأن احتمال شن هجمات انتقامية في تكريت. ففي خطاب ألقاه أمام البرلمان في الثاني من مارس/آذار، قال رئيس الوزراء حيدر العبادي: "المعركة مع داعش ليس فيها حياد، وأن من يكون محايداً يقف في الصف الآخر".
وقالت هيومن رايتس ووتش أنه في حين حث العبادي القوات الحكومية على بذل أقصي الجهد من أجل "رعاية المدنيين وحفظ ممتلكاتهم، ولن نسمح بأي تجاوز على المواطنين"، إلا أنها لم تظهر، في الماضي، أي احترام يذكر لحياة المدنيين.
وحسب تقارير إعلامية، طلب هادي العامري وزير النقل السابق، الأمين العام لمنظمة بدر، وهي ميليشيا شيعية بارزة، من سكان تكريت، مطلع الأسبوع الحالي، إخلاء المدينة حتى تتمكن قواته من "إنهاء معركة الانتقام لضحايا سبايكر". وكان العامري يشير، على ما يبدو، إلى مقتل عدد يتراوح من المئات إلى الآلاف من المجندين الشيعة الذين أسرهم داعش حين اجتاح التنظيم قاعدة سبايكر العسكرية بالقرب من تكريت في يونية/ حزيران 2014.
وبالاستعانة بكل من تحليل الصور الفوتوغرافية وصور الأقمار الاصطناعية وشهادات شهود، وثّقت هيومن رايتس ووتش مذبحة قاعدة سبايكر، وقررت أن داعش قتل ما لا يقل عن 770 سجينا في 5 مواقع إعدام. وزعم داعش أنه قتل 1700 شخص.
وفي الأول من مارس/آذار 2015، قال معهد دراسة الحرب أنه تلقى تقارير تفيد أن مقاتلي داعش احتجزوا "عددا غير محدد من المدنيين بوصفهم دروعا بشرية" في تكريت. ووفقا لقوانين الحرب، ينبغي على القوات الحكومية والميليشيات الموالية للحكومة أن تضمن المعاملة الإنسانية لكل شخص وقع في قبضتها؛ سواء كان من مقاتلي داعش، أو من المدنيين، أو من المدنيين الذين أكرههم داعش على القتال في صفوفه.
ووثقت هيومن رايتس ووتش الانتهاكات المتكررة بحق المدنيين في مناطق استردتها قوات الأمن العراقية والميليشيات من أيدي داعش منذ سيطرته على مدينة الموصل الشمالية- ثاني كبريات المدن العراقية- في يونية/حزيران الماضي. وتضمنت هذه الانتهاكات حملة قتل جماعي للأسرى، وما بدا أنه انتقام طائفي من المدنيين السنة.
وفي ذلك الشهر، أدان المرجع الشيعى العراقي السيد علي السيستاني الهجمات على المدنيين وممتلكاتهم بعد القتال، وأصدر إرشادات للمقاتلين الموالين للحكومة، وحثهم على حماية المدنيين أثناء القتال، وأمر المقاتلين بالالتزام بقواعد الحرب في الإسلام.
وفر معظم سكان تكريت الذين بلغ عددهم قبل الحرب نحو 260000 بالكاد، لكن عددا غير معروف من المدنيين- لا سيما المدقعين والطاعنين في السن- ظلوا في المدينة وضواحيها، وفقا لما ذكرته تقارير إعلامية.
وتلزم قوانين الحرب كل أطراف الصراع المسلح. ومن يرتكب انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب- سواء عمدا أو لا مبالاة- عرضة للمحاكمة بتهم ارتكاب جرائم حرب. وتجرم قوانين الحرب الهجمات التي لا تميز بين المحاربين والمدنيين، أو تلك التي يتوقع أن تتسبب في ضرر للمدنيين لا يتناسب مع المكسب العسكري المتوقع من شنها. ويجب على القوات أن تتخذ كل الإجراءات المستطاعة لحماية المدنيين تحت سيطرتها من الهجمات، وتفادي الانتشار في المناطق كثيفة السكان. وتنص قوانين الحرب على معاملة الأسرى بإنسانية، وحمايتهم من التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة. كما تحظر نهب أو تدمير الممتلكات التي تستخدم في غير الأغراض غير عسكرية.
وإضافة إلى تكريت، يسيطر داعش على مساحات كبيرة من الأراضي في أنحاء العراق ومنها؛ الموصل، وأجزاء كبيرة من محافظة الأنبار، التي تقع في غرب العراق.
وقال ستورك: "الأطراف المتحاربة في أنحاء العراق بحاجة إلى حماية المدنيين المحاصرين في القتال، وعدم القيام بالنهب أوأعمال القتل الانتقامي". وأضاف: "الطريقة التي تخوض بها الحكومة هذه الحرب سيكون لها تأثير مهم على مستقبل العراق".