قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن مصر اتخذت مؤخراً خطوتين لتعزيز حقوق الطفل، إلا أن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الأطفال من جانب السلطات ما زالت تتطلب اهتماماً عاجلاً.
في 11 فبراير/شباط 2015 سحبت مصر تحفظاتها على إحدى مواد الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته، والتي تحدد أدنى سن قانوني للزواج بـ18 عاماً، مما يوفق بين التزامات مصر الدولية وما أدخلته مؤخراً من تغييرات على قوانينها الوطنية. وفي يناير/كانون الثاني عدلت مصر قانون الطفل فيها بحيث يخفض السن التي يجوز فيها للأسر البديلة تربية الأطفال من عامين إلى 3 شهور، مما يسمح بإعالة الأيتام وغيرهم من الأطفال المحتاجين خارج المؤسسات الرسمية منذ مولدهم تقريباً.
وقالت مديرة قسم حقوق الطفل في هيومن رايتس ووتش زاما كورسن-نف "إن إنفاذ مصر للتغييرات القانونية الأخيرة يمكنه إحداث فارق في حياة أطفال البلاد، إلا أن الحكومة المصرية ما زال عليها بذل الكثير من الجهد لحماية الأطفال من انتهاكات جسيمة".
ومن بواعث القلق الكبرى الانتهاكات المرتكبة بحق الأطفال في نظام العدالة الجنائية المصري، بما فيها الاحتجاز التعسفي والمحاكمات غير العادلة والانتهاكات البدنية. فرغم أن القانون يشترط محاكمة أي طفل متهم بجريمة أمام محكمة للأحداث، إلا أن السلطات ما زالت تتعامل مع العديد من الأطفال ضمن النظام المخصص للبالغين.
وبسبب اكتظاظ مراكز الاحتجاز النظامية فكثيراً ما يتم احتجاز الأطفال مع البالغين في أقسام الشرطة وفي مراكز احتجاز غير نظامية وفي السجون. وفي تلك المرافق قد يواجه الأطفال الاعتداء من جانب الحراس أو سائر النزلاء، كما قال محامون مصريون لـ هيومن رايتس ووتش.
ويسمح قانون العدالة العسكرية المصري للمحاكم العسكرية بمحاكمة الأطفال إذا توجه إليهم الاتهام مع بالغين. وفي 25 فبراير/شباط أفادت صحيفة "ذا ديلي نيوز إيجبت" بأن صبياً في التاسعة بمحافظة الفيوم سيواجه محاكمة عسكرية مع والده، وهو مسؤول محلي سابق احتجزته السلطات بعد قيام الجيش بعزل الرئيس محمد مرسي في 2013. تم اتهام الأب والابن معاً بالاعتداء على قوات الأمن وإحراق محولات كهربية.
وبصفة عامة يحظر القانون الدولي والقانون الأفريقي الإقليمي محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية.
وقد حظرت مصر تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في 2008 كتعديل لقانون الطفل، لكن الحكومة لا تجري تحقيقات أو ملاحقات كافية لمن يمارسون هذا الإجراء الخطير والضار على الفتيات، بحسب هيومن رايتس ووتش. في يناير/كانون الثاني أدانت إحدى المحاكم المصرية للمرة الأولى شخصين بتهمة إجراء تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، عقب وفاة فتاة في 2013. إلا أن الحكومة تحتاج إلى وضع استراتيجية وطنية شاملة لإنهاء هذه الممارسة بحيث يشارك فيها قادة المجتمع والدين، والمشتغلون بالقطاع الصحي، والمعلمون، والمنظمات غير الحكومية.
وقد تم تعديل المادة 46 من قانون الطفل في 24 يناير/كانون الثاني حينما أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي مرسوماً بخفض الحد الأدنى لسن الأطفال المؤهلين للحصول على رعاية الأسر البديلة خارج أسرهم الطبيعية من عامين إلى 3 شهور. ويُستخدم نظام الأسر البديلة في مصر لتربية الأطفال خارج أسرهم الطبيعية عند الضرورة، حيث أن التبني محرم في مصر. ومن شأن التعديل أن يسمح للأطفال بالحصول على الإعالة الضرورية خارج المؤسسات منذ مرحلة الرضاعة.
وتعمل اتفاقية حقوق الطفل، التي صدقت عليها مصر في 1990، على إلزام الحكومات بضمان أحقية الأطفال المحرومين من البيئة الأسرية في رعاية بديلة، بما فيها التبني، بحيث "تولى المصلحة الفضلى للطفل الاعتبار الأول".
أما التحفظ على الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته، والذي رفعته مصر في فبراير/شباط، فقد كان يقرر أن مصر لن تتقيد بالمادة 21(2) التي تنص على ضرورة اتخاذ الدول لإجراءات فعالة تشمل تبني تشريعات لجعل سن 18 عاماً هي الحد الأدنى القانوني لزواج الجنسين. وعند تقدم مصر بالتحفظ في 1999 كانت قوانينها تحدد سن 18 عاماً كحد أدنى لزواج الفتية و16 عاماً للفتيات. ثم رفعت مصر الحد الأدنى لزواج الفتيات إلى 18 عاماً في 2008.
وينتهك زواج الأطفال العديد من حقوق الإنسان، بما فيها الحق في التعليم، والتحرر من العنف، والرعاية الصحية الإنجابية والجنسية، والتوظف، وحرية التنقل، والزواج بالتراضي.
ومنذ تغيير القانون في 2008 فعّلت الحكومة شرط الحد الأدنى البالغ 18 عاماً عن طريق منع تسجيل أية زيجة لشخص دون تلك السن. ومع ذلك فإن زواج الأطفال يظل متفشياً في المناطق الريفية، حيث تقبل العائلات في كثير من الأحيان نوعاً من عقود الزواج غير المسجلة لحين بلوغ الفتاة سن 18 عاماً. وقد وجدت دراسة أجرتها وزارة التضامن الاجتماعي واليونيسيف في 2010 أن 11 بالمئة من الزيجات المعقودة في ذلك العام كانت لفتيات دون سن 18.
وقد دخل الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته، الذي تبنته منظمة الوحدة الأفريقية (أو الاتحاد الأفريقي حالياً) في 1990، دخل حيز التنفيذ في نوفمبر/تشرين الثاني 1999. ويسرد الميثاق الحقوق التي اتفقت البلدان الأفريقية على ضمانها لأطفالها، بما فيها الحماية من الاستغلال، والحق في التعليم، والحق في الرعاية الصحية.
قالت زاما كورسن-نف: "يتعين الآن إتباع الخطوتين الأخيرتين للحكومة لتحسين حماية الأطفال بحملة مستديمة وجدية لتحسين حقوق جميع الأطفال في مصر".