تعهد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس السبت (28 فبراير/ شباط 2015) بالعمل على إعادة قطع أثرية قال إن تنظيم داعش سرقها من متحف الموصل بعد تحطيم معروضاته بغية بيعها في الخارج لتمويل عملياته بحسب ما أفادت صحيفة الشرق الأوسط في عددها الصادر اليوم الأحد.
جاء ذلك في كلمة ألقاها العبادي خلال احتفال بإعادة افتتاح المتحف الوطني في بغداد، المغلق منذ أكثر من 12 عاما، إثر تعرض نحو ثلث موجوداته التي تقارب 15 ألف قطعة للنهب بُعيد الاجتياح الأميركي عام 2003.
وقال العبادي إن مقاتلي «داعش» الذين حطموا آثارا لا تقدر بثمن في متحف الموصل قبل ثلاثة أيام احتفظوا ببعض القطع لبيعها، وتعهد بمنعهم من تهريبها. وردا على فيديو يظهر مقاتلي التنظيم المتشدد وهم يستخدمون المطارق وآلات الثقب الكهربائية في تحطيم تماثيل ومنحوتات تعود لقرابة 3 آلاف عام، طلب العبادي أيضا الدعم الدولي للقضاء على «البرابرة الإرهابيين». ونقلت عنه وكالة «رويترز» قوله: «لدينا من الأخبار أن (داعش) دمر البعض (من القطع الأثرية) ويهرب البعض الآخر، وعملية التهريب قائمة على قدم وساق». وتابع أن كل المقتنيات مرقمة وعليها علامات، وأن العراق سيسعى لتتبعها بمساعدة دولية، مؤكدا: «سنلاحقهم ومعنا العالم، وهذه دعوة جادة إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة وإلى جميع الدول المحبة للسلام لملاحقة هؤلاء جميعا». وتابع: «تبا لهم ولأيديهم على ما يفعلون».
بدوره، كشف سعيد مموزيني، مسؤول إعلام الفرع الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني، في محافظة نينوى، لـ«الشرق الأوسط» أن مسلحي «داعش» فجروا أمس «الجانب الشرقي من سور الموصل الآشوري، كذلك فجروا الكثير من آثار منطقة نمرود التاريخية، وفخخوا ما تبقى منها». واستطرد قائلا: «قبل تدميره محتويات متحف الموصل، نقل التنظيم المتطرف أكثر من ألف قطعة أثرية من المتحف إلى سوريا لبيعها». وجاءت إعادة افتتاح المتحف الوطني في بغداد الذي يضم آثارا يعود تاريخها إلى 100 ألف عام قبل الميلاد، بعد يومين من نشر تنظيم «داعش» شريطا مصورا يظهر تدمير تماثيل وقطع أثرية في الموصل، كبرى مدن شمال البلاد، التي يسيطر عليها التنظيم منذ يونيو (حزيران) الماضي. وأقيم احتفال في المتحف بحضور رئيس الوزراء ووزير السياحة والآثار عادل فهد الشرشاب، ومسؤولين وخبراء آثار.
وقال قيس حسين رشيد، وكيل وزير السياحة والآثار، لوكالة الصحافة الفرنسية: «كنا نستعد لإعادة المتحف، وهذا عمل نقوم به منذ أشهر لأنه يجب إعادة افتتاح المتحف أمام الجميع». وأضاف: «أحداث الموصل (في إشارة إلى تدمير الآثار) سرعت من عملنا، وأردنا أن نفتتحه اليوم (أمس) ردا على ما فعلته عصابات (داعش)».
وقال مسؤولون عراقيون أمس إن نحو 15 ألف قطعة أثرية تعرضت للنهب في عام 2003، لكن بغداد تمكنت من استرجاع نحو 4300 منها. وأوضح رشيد: «ما تم استرداده نحو 4300 قطعة من أصل 15 ألفا، وهذا عدد جيد»، مضيفا: «نتابع أكثر من 10 آلاف قطعة في الأسواق والمزادات».
من ناحية ثانية، دعا إياد علاوي، نائب رئيس الجمهورية العراقي، المعنيين في العراق إلى التكاتف ونبذ الخلافات والتصدي بقوة للجماعات الإرهابية المتطرفة. وقال علاوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التنظيم المتطرف «يسعى إلى تدمير حاضر ومستقبل وتاريخ العراق من خلال جرائمه التي يرتكبها هنا وهناك والتي أظهرت نياته العدوانية جراء استهدافه الناس والأرض والتاريخ والحضارة». وأضاف علاوي أن الجريمة التي طالت متاحف محافظة نينوى وحطمت تراثا عراقيا وتاريخا يمتد لآلاف السنين هي دليل واضح على وحشية هذا التنظيم وعدوانيته تجاه العراق وتاريخه الضارب في القِدم». وطالب علاوي بتفعيل المصالحة الوطنية والتكاتف من أجل التصدي لتنظيم داعش وطرده من كل مدن العراق والقضاء عليه بالكامل.
بدورها، ناشدت النائبة عن ائتلاف دولة القانون عالية نصيف «المنظمات الدولية ودول العالم اتخاذ موقف دولي من جماعات التطرّف والإرهاب التي تتوسع وتستبيح القتل والتخريب وتستهدف وجود الإنسانية». ووصفت نصيف «التخريب والتطاول على تراث وتاريخ العراق في متاحف محافظة نينوى بالنهج المتخلف الذي ينفذه تنظيم داعش بإنهاء الإنسانية التي انطلقت من بلاد وادي الرافدين منذ آلاف السنين ومنها إلى دول العالم الإرهابي».
أما رئيسة لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان، النائبة ميسون الدملوجي، فقالت لـ«الشرق الأوسط»: «قدمنا اليوم (أمس) ومن خلال لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب بيانًا أدان الجرائم التي يرتكبها تنظيم داعش بطمس هوية الموصل وطمس هوية العراق الثقافية». وأضافت: «طالبنا بأن يقام مؤتمر كبير وعاجل لجرد حجم وكمية الدمار الذي لحق بتاريخ الموصل الحضاري بعد استهدافه من قبل تنظيم داعش الإجرامي». كما ناشدت المجتمع الدولي إيقاف حملة تهريب الآثار العراقية ومحاربتها بشكل جدي.