العدد 4557 - الجمعة 27 فبراير 2015م الموافق 08 جمادى الأولى 1436هـ

الفنون تعزِّز التعبير عن الذات وتقرير المصير

مدير مهرجان مانشستر الدولي في «الغارديان»...

دعوة إلى تلاقي الفنون والعلوم لتشجيع الابتكار
دعوة إلى تلاقي الفنون والعلوم لتشجيع الابتكار

كتب مدير مهرجان مانشستر الدولي، أليكس بووتس، على مدوَّنة صحيفة «الغارديان» البريطانية، في تناوله وقراءته لواقع حال الفنون في بلاده، والأطراف المرتبطة به «علينا ألاَّ نقلل من المساهمة التي يمكن للفن والموسيقى والدراما والتصميم أن يحدثه في تعزيز التفكير المتنوع، والتعبير عن الذات وتقرير المصير».

تُثْري المدوَّنات التي تعتمدها بعض الصحف البريطانية الكبرى، الحياة العامة في بلادها بذلك التنوع والعمق في الطرح؛ بدءاً من الشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ وليس انتهاء بالشئون الفنية والإبداعية على اختلاف تناولاتها. مثل تلك المدوَّنات لا يتم التعامل معها باعتبارها هامشاً لأعمدة وصفحات الرأي هناك؛ بل هي في كثير من الأحيان تحقِّق التأثير، وتخلق المبادرات في ما تطرح؛ لذا فهي في الصميم من بنية التفكير، ومنافذ جسِّ النبض، والوقوف على طبيعة الرأي العام، وتقترح - وسط كل ذلك - حلولاً أيضاً.

من بين ما انتخبته صحيفة «الغارديان» البريطانية من رؤى، ما كتبه مدير مهرجان مانشستر الدولي، أليكس بووتس، ونشرته على موقعها الالكتروني بتاريخ 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، لا يقدِّم فيه رؤية استثنائية؛ بل رؤية مُذَكِّرَة بضرورة الاستجابة للطاقات والإمكانات في البلد، وأهمية تلقِّي الأفكار والإصغاء لها، والتركيز على نشاطات وحِراكات الهيئات والمنظمات المعنية بالفنون؛ والاعتزاز، ومن ثم الانطلاق من بنية تحتية صلبة وراسخة أتاحتها بريطانيا لمواطنيها.

حديث مهم ربما لم نعرفه في منطقتنا ولن نعرفه يتعلق بالتمويل الثقافي، تناوله بووتس، وبالعربية الفصحى «تمويل الأنشطة والحِراكات الثقافية والإبداعية»؛ وتبنّي الأفكار والمبادرات من قِبَل الحكومة بالدرجة الأولى؛ فيما القطاع الخاص يكمل الدور. المهم في كل ما ورد: كيف يمكن للفنون ضمان استمرار دفعها الحدود الإبداعية؟ نورد حصيلة ما كتبه بووتس في «الغارديان».

تحدٍّ يُواجِه تلقِّي الأفكار

الإجابة الواضحة حقاً، هي أننا بحاجة إلى دعم وتمكين الناس الذين هم أكثر قدرة على دفع أشكال الفنون والتحدِّي لتلقِّى الأفكار والاستجابة لها؛ والفنانون هم الأكثر قدرة على ذلك. علينا أن نبدأ بالفن. من السهل أن نتحدث فيما بيننا، ومن السهل التركيز على الهياكل والمنظمات والعمليات الناتجة عن كل ذلك - وهذا أمر مهم بلا شك - ولكن نحن بحاجة للتأكد من أننا لا نضع العربة أمام الحصان. البنية التحتية الثقافية في هذا البلد جيدة، ولديها القدرة على أن تكون أفضل، ولكن نحن الذين نقدّم التسهيلات، والأمر يعني المنتجين بالضرورة، في سبيل خدمة الفنانين، وعلينا ألاَّ ننسى ذلك.

لقد تحصَّلنا على نموذج قويٍّ للتمويل الثقافي في المملكة المتحدة؛ أحدها يستخدم بعض الإعانات العامة لجذب أموال أخرى من الرعاة والشركاء البارعين. واحد منها عمل بالتأكيد بشكل جيد جداً لصالح مهرجان مانشستر الدولي. وإذا ما حصلنا على منظمات أخرى مثيرة للاهتمام ترغب في تقديم الدعم لنا أو التعاون معنا، فسندرك أن ذلك مؤشراً جيداً على أن الأمور تحدث ضمن مسارها الصحيح. نحن بحاجة إلى الدفاع عن الدعم العام من أجل الحفاظ، والاستمرار في دعم الفنانين؛ كي نتمكن من خلق تحدٍ في العمل. العمل الذي يطوِّر أشكالاً فنية، ونأمل أن يُثري الخطاب العام.

التعامل مع الأفكار الصعبة

يمكن للفنون؛ ويتحتَّم عليها، أن تتعامل مع المفاهيم والأفكار الصعبة. نحن بحاجة إلى إعادة تقييم واحد منها، ويجب أن نبحث عن التطورات الجديدة - أن ننظر ونستمع بعناية.

القوة الأساسية في المملكة المتحدة التي تعطينا ميزة كأمة، هي بالتدفّق في الإبداع الفريد من نوعه. وذلك هو مكمن حسد العالم. نمتْ الصناعات الإبداعية خمسة أضعاف ضمن معدَّل الاقتصاد الأوسع نطاقاً، وتتيح تلك الصناعات الآن وظيفة من بين كل 18 وظيفة في المملكة المتحدة.

تبْرعُ المملكة المتحدة في إبداع تحقيق الأهداف من وراء الملكية الفكرية العالمية. وفي السنوات الأخيرة، تم القيام بالكثير من قبل الحكومة لدعم الصناعات الإبداعية التي باتت قطاعاً من القطاعات، وآخرها إدخال تخفيض الضرائب على ألعاب الفيديو والرسوم المتحركة والإنتاج التلفزيوني المُحْكم. كما تم إدخال الحوسبة كموضوع إلزامي في مناهج المدارس الابتدائية والثانوية لتشجيع حل المشكلات، والتفكير الحسابي ومهارات الأعمال الرقمية لإبداع التكنولوجيات الجديدة.

مفتاح الحل

التعليم الأصيل بالنسبة إلى العالم الرقمي هو مفتاح الحل، ويجب أن يستمر دور الحكومة الحيوي في تطوير المناهج الدراسية، مع مواكبة الفنون والعلوم معاً لتشجيع الابتكار.

ومن الضروري أن تكون المدرسة هي المكان الذي يزدهر فيه الإبداع. يجب علينا ألاَّ نقلِّل من المساهمة التي يمكن أن يحدثها الفن والموسيقى والدراما والتصميم لتعزيز التفكير المتنوِّع، والتعبير عن الذات وتقرير المصير، وتلك هي المواد الخام للصناعات الإبداعية.

الفنانون هم المفتاح. تشجيعهم على تحمُّل المخاطر والخوْض في التجربة، ودعمهم من خلال الدخول في كل ذلك، سيدفع بهم في اتجاه الحدود القصوى من تلك التجربة، وتلك هي وظيفة كل من المنتجين والقيِّمين مثلي على تلك المهمَّات والأدوار.

الابتكارات مثل: التصوير الفوتوغرافي والتلفاز والسينما عادة ليست محل ثقة، وغالباً ما يُنظر إليها على أنها غريبة، وإحدى منابع الفضول الجديد. وتكمن قدرات الذين بأيديهم تغيير قواعد اللعبة، في إمكانية الوصول إلى أدوات الفن، مثل الطباعة، والتي حوَّلت القراءة والكتابة والإبداع عبْر استخدام الكلمة المكتوبة، أو شبكة المعلومات التي فتحت الباب أمام الإبداع في جميع المجالات، السمعية والبصرية ووسائل الإعلام. كل ذلك حوَّل الجماهير إلى مشاركين، والمشاركين إلى فنانين. لقد أحدثوا تغييراً في الفنون؛ فضلاً عن الأسواق. في الفضاء المتاح، نحن نشجِّع الفنانين على الدخول في التجارب في الأماكن العامة؛ لخلق وتبادل الأعمال الجديدة مع الجمهور أو المشاركين في أي مكان من العالم. نريد لأي شخص فوق سن الثامنة عشرة أن يُقدِّم لنا فكرة جديدة: أن يقرِّر أن يكون فناناً عبر مكالماتنا العادية المفتوحة، ونحن على ثقة بفنانينا في محاولتهم الخروج بأفكار جديدة ونحن معهم، وإن لم يتم تبنِّي أفكارهم على الفور.

العدد 4557 - الجمعة 27 فبراير 2015م الموافق 08 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً